الثقافيةمقالات

لا تعش في كآبة .. د . ضيف الله مهدي

سمعت ذات مساء وكنت راكبا مع شاب – بعد أن استأذنني – أغنية لفنان يغني :
مع الناس ولكني مع الناس
أنا ميت والناس حيّة
قلت له : منذ متى وأنت تستمع لهذه الأغنية ؟!
قال : هي أغنيتي المفضلة !!
قلت : تسمح لي أكسر هذا الشريط ومعه أغنيتك المفضلة ؟!
قال : لماذا أستاذي ؟ ، هي أغنيتي المفضلة !!
قلت : هي التي أوصلتك لهذه الحالة من اليأس والكآبة والحالة النفسية التي تبدو بها للآخرين !!
قال : والله ؟
قلت : ورب البيت إني صادق .
لا تستمع للأخبار ولا تستمع لمثل هذه الأغاني ولا تجالس المحبطين والمحّبِّطين والمثبطين وكارهي الحياة !!
وبعد كم يوم ستكون أفضل من الحال هذه !
هل تصدق أن عمري تجاوز الستين وأنا كما ترى ، فرح ونشاط وحيوية وكنت أمشي مع ابني ( ١٣ سنة و١٧ سنة ) في مكان ولما أتينا على مرتفع بسيط نطيت من عليه وضحكا حتى دمعت عيونهما ، وذات مساء مررنا بأناس يحتفلون والطبول تقرع فعدلت إليهم وشاركتهم الرقص وأفراحهم . ورغم ضعف عضلة القلب عندي إلا أني أبدو للآخرين في أعلى درجات الصحة الجسمية .
لا تقسو على الحياة فتقسو عليك ولا تتكبر عليها فتتكبر عليك ولا تعاندها فتعاندك!!
ابتسم .. ابتسم وانظر بنظرة متفائلة للحياة !.
فقد كان نبينا عليه الصلاة والسلام رغم مشاغله ورغم كل ما كان يواجهه ويقوم به من أجل إيصال الدين الذي أمره الله بإيصاله للناس ، يبتسم ويجلس مع زوجاته ويسمع لهن ويتناقش معهن وحتى يتسابق معهن ونظر وسمع للأحباش مع زوجته أم المؤمنين عائشة وهم يلعبون ويرقصون بسيوفهم ورماحهم .. صلى الله وسلم وبارك عليه وآله الطيبين الطاهرين

ابتسم وازرع الأمل في قلبك ونفسك ، وما يهمك الناس ، فمن راقب الناس مات هما ..
قال : السماء كئيبة وتجهما
قلت : ابتسم يكفي التجهم في السما
قال : الصبا ولى ، فقلت له : ابتسم
لن يرجع الأسف الصبا المتصرما
قال : التي كانت سمائي في الهوى
صارت لنفسي في الغرام جهنما
خانت عهودي بعدما ملكتها
قلبي ، فكيف أطيق أن أتبسما
قلت : ابتسم واطرب فلو قارنتها
قضيت عمرك كله متألما
قال : التجارة في صراع هائل
مثل المسافر كاد يقتله الظما
أو غادة مسلولة محتاجة
لدم ، وتنفث كلما لهثت دما
قلت : ابتسم ما أنت جالب دائها
وشفائها ، فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرما ، وتبيت في
وجل كأنك أنت صرت المجرما
قال : العدى حولى علت صيحاتهم
أأسر والأعداء حولي في الحمى
قلت : ابتسم لم يطلبوك بذمهم
لو لم تكن منهم أجل وأعظما
قال : المواسم قد بدت أعلامها
وتعرضت لي في الملابس والدمى
وعلي للأحباب فرض لازم
لكن كفي ليس تملك درهما
قلت : ابتسم يكفيك أنك لم تزل
حيا ، ولست من الأحبة معدما
قال : الليالي جرعتني علقما
قلت : ابتسم ولئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما
طرح الكآبة جانبا وترنما
أتراك تغنم بالتبرم درهما
أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما
يا صاح لا خطر على شفتيك أن
تتثلما ، والوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى
متلاطم ، ولذا نحب الأنجما
قال : البشاشة ليس تسعد كائنا
يأتي إلى الدنيا ويذهب مرغما
قلت : ابتسم ما دام بينك والردى
شبر ، فإنك بعد لن تتبسما.

ابراهيم النعمي

ابراهيم بن حسن النعمي صحفي وكاتب - عضو هيئة الصحفيين السعوديين وعضو مشارك - صحيفة شفق الإلكترونية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى