الثقافيةمقالات

الرجولة مسمى لا ينطبق على الذكور فقط دون النساء .. بقلم مهدي آل عثمان

لابد لنا من إعادة النظر في تصورنا لمفهوم الرجولة، ومحاولة الارتقاء به إلى مستوى الرؤية القرآنية له.
فالرجولة مصطلح لا ينطبق على الذكور فقط .

الرجولة صفات يتحلى بها الفرد سواً كان ذكراً أم أنثى . وهي صفات جُبل عليها الذكور دون الإناث في أغلب الأحيان، وتظهر هذه الصفات عند الرجال في سابق الزمان أكثر، لكون الرجل هو الظاهر في الساحة المجتمعية وهو من يقوم على رعاية شؤون أسرته، ولظرف الزمان في ذلك الوقت، ساعد ذلك في التصاق هذا المسمى بالذكور دون النساء . مما ادى إلى قصور الفهم لدى البعض في الصفة والنوع على الذكور فقط . إلا أن الأمر قد تغير مع التغيرات الديموغرافية التي نعيشها اليوم وقد أصبحت النساء شريكات للرجال في بناء المجتمع . وأصبح من الضروره فهم هذا المصطلح وتصحيح خطئه .

وتفصيلاً :
فقد ذُكرت الرجولة في القرآن الكريم في كثير من المواضع، فذُكر الرجل، والرجلين، والرجال، وقد قرن الله الرجل بالمرأة في آيتين اثنتين، والرجال بالنساء في عدة مواضع .

و سنقف هنا على معنى الرجولة في وقفات توضح لنا هذا المفهوم :

ذكر الله الرجولة في القرآن، وذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنته، وقد فصل الله ذلك لنا في محكم التنزيل و جاء ذلك في السنة النبوية . فكانت الرجوله وصف الجنس أي (( النوع )) في مواضع، وأراد بها الصفة في موضع أخر، وأراد بها النوع والصفة في موضع ثالث .

أما ما يقصد به بالرجولة التي تخص نوع الجنس، فقد قال سبحانه وتعالى-: وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً[النساء:1]،
وفي موضع أخر يقول الحق-: وَلاَ تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعضَكُم عَلَى بَعضٍ, لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكتَسَبنَ[النساء:32] وهناك مواضع كثير للدلالة على وصف الرجولة بنوع الجنس ذكراً كان أو أنثى .

وأما ما يقصد بها في الوصف و صفات يتحلى بها الفرد فلم تقتصر هذه الصفه للذكور دون النساء، وليس كل ذكر رجلاً في هذا الموضع .
وعليه يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل -: مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيهِ فَمِنهُم مَن قَضَى نَحبَهُ وَمِنهُم مَن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبدِيلاً[الأحزاب:23] .
فكلمة المؤمنين جاءت هنا جمع مذكر سالم، ولم يقل الله -عز وجل- كل المؤمنين رجال وإنما قال: مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ، و ( من ) هنا للتبعيض وليست للكل من الذكور المؤمنين .
وحتى نقف على هذا الموضع في الوصف فقد نجد بعض النساء تتحلى بصفات التقوى والحلم والأناة وقد تجدها صادقة مخلصة، قد تكون في مواقفها أصدق من الف رجل . وقد سجل التاريخ الإسلامي وما قبله وما بعده في التاريخ المعاصر، سير بعض النساء وبصماتهن التي قد يعجز عن فعلها الكثير من الذكور .
والرجولة هي ليست كلمة تدل على المذكر بل هي أكثر من ذلك فهي التقوى والشهامة والأخلاق والمواقف البطولية والإنسانية .

وعن ما جاء في جمعهما في نوع الجنس والصفة . فقد ذكر الله -عز وجل- بعض الصفات يختص بها الذكور عن النساء، ومن تلك الصفات صفة القوامة التي تكون للذكور صفة، ومن ذلك قوله -تعالى-: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعضَهُم عَلَى بَعضٍ, وَبِمَا أَنفَقُوا مِن أَموَالِهِم[النساء:34]

ومن هذا المنطلق يجب علينا فهم أمر هام وهو أن تصبح ذكراً أو أن تكوني أنثى فهذا أمراً لا يد لنا فيه وليس من اختيار أحد منا، إنما هي خيرة الله والله يختار ما يشاء ويفعل ما يريد .

وأخيراً : وبعد توضيح الرجولة ومعناها وما جاء في تفصيلها في محكم التنزيل، فما أحوجنا اليوم أن نتصف بصفات الرجولة من صدق وشجاعة واقدام وعمل بكل اخلاص وتقوى وخاصة أن يكون ذلك لشبابنا أحرى واخص دون فتياتنا .
وأن تكون سواعدنا قوية نشيطة لبناء مجتمع سليم متماسك يصعب على أعدائه اختراقه وإضعافه .
حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه وجميع بلاد المسلمين أجمعين .

كاتبة :
مهدي آل عثمان
[email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى