أ. د محمد البيشي
جاءت كلمة ” قاب “، في سورة النجم آية (٩) وفسرت باقتراب جبريل – عليه السلام – من النبي محمد صلى الله عليه وسلم لمّا هبط إلى الأرض، حتى كان ما بينهما قاب قوسين، و”القاب” في اللغة هو ما بين وتر القوس، إلى كبدها؛ ولكن هذه المفردة استخدمت كذلك بمعني “شدة القرب من الأمر”. وهذا المعنى الذي اقصده في هذه الخاطرة .
حيث يحصل ان يقترب الإنسان كثيرا من تحقيق حلم ما؛ وقبل ان يبتهج بتحقيقه يحدث سبب مفاجيء فيجعله مستحيلا؛ وقد يحدث العكس مثلا؛ يكون الإنسان قاب قوسين من الموت عندالشروع في تنفيذ الحد؛ فيعفو طالب الدم.
وهذه الحاله تتكرر؛ وفيها ألم ولابد ان يستدعي الإنسان مخزون الصبرلديه لتقبل قضاء الله فكل شيء يحصل للإنسان من خير أو شر هو تقدير من الله.
وفي لقاء سابق مع بعض الزملاء نوقش هذا الموضوع وطلب من الحاضرين إيجاز عن حالة عاشوها؛ أو سمعوا بها وكان في ذلك مواساة للقلوب الحزينة ومن اصدق ما قيل مايلي:
1- تم تحديد موعد لمناقشة رسالة الدكتوراة ونشر الإعلان في بهو الجامعة وكان الطالب جاهزا للمناقشة واشتد القرب من تحقيق حلم الدكتوراة؛ فجأة يتعرض عضو المناقشة لحالة مرضية، ويعتذر عن المشاركة بل طلب إجازة طويلة وأوقفت اللجنة المناقشة وتم البحث عن بديل وانتهت البعثة؛ وتم
تهديد الطالب بالفصل من الوظيفة لو لم تتم العودة واضطر الطالب لبيع ارض العمر للصرف على نفسه.
2- تقدم آخر لخطبة فتاة؛ وتمت الموافقة والرؤية الشرعية وكانت امرأة كل شيء فيها مناسب وجميل؛ واشتد القرب من تحقيق حلم الزواج؛ وفجأة يمتدح والد العروس أم العروس ويقسم أنها هي السبب الذي حمله على القبول؛ فغضب والد العروس واقسم انها علي الخاطب حرام
وكان فيلما مأسويا بدأ سعيدا وانتهى حزينا.
3- وقال آخر مرض قريب غالي وعزيز على نفسي وسألت الطبيب عن حاله فقال إنه يتماثل للشفاء واشتد القرب من أجمل حلم وهو عودته معافى؛ وفجأة تنتكس حالته الصحية وتنتهي مراسم الفرح وتبدأ رحلة من الألم والقلق وبين الأمل والألم مسافة قصيرة.
4- وقال آخر ترشحت لمنصب كبير؛ ووافقت الجهة التي اعمل فيها على إعارة خدماتي وتم الاحتفاء بي بمناسبة المنصب وفجأة يرسل (فاعل شر ) خطابا من 3 صفحات ينصح بإيقاف الموافقة ولقوة الخطاب رفض رئيس مجلس الموافقة وأرسل خطاب اعتذار للجهة وضاع المنصب.!
5- وقال آخر حجزت على رحلة دولية وتجهزت للسفر وكان كل شيء يسير على مايرام وركبنا الطائره واقلعت بنا فجأة ساءت الأحوال الجوية في وجهة السفر فعدنا للمطار والغيت الرحلة.!
وبعد السرد للقصص الحزينة بادر عدد من الحاضرين بسرد قصصا أخرى عكس قصص النهايات الحزينة؛ وذكروا انهم كانوا على شفا السقوط؛ لكن ادركتهم رحمة الله وتحولت البدايات الحزينة لنهايات مفرحة.
وكانت حالات الفرج والنهايات السعيده أكثر بكثير ولكن الناس يركزون على حالات الإخفاق أكثر ويتذكرون تفاصيلها جيدا ويكاد أن يكون بينهم وبين تحقق المطلوب قاب قوسين ثم يتبخر فله ألم خاص ويحتاج لإعادة برمجة للتحول من الفرح الشديد للصبر الجميل.!!
