اخبار المناطقالثقافيةمقالات

الطبقات الساذجة .. د. ضيف الله مهدي

الطبقات الساذجة .. 

صعصعة بن صوحان رضي الله عنه صحابي جليل وهو من حكماء العرب ومفكريهم ، ويصدح بالحق .. عندما تولى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه الخلافة ، جاء صعصعة مبايعا ومهنئا فقال : والله لقد زدت الخلافة يا أمير المؤمنين ولَم تزدك ، ولقد جملتها ولَم تجملك !
دخل صعصعة على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يوما ، فقال معاوية : صف لي الناس يا ابن صوحان ؟!
فقال : يا أمير المؤمنين خلق الله الناس أطوارا ، فئة للبأس والنجدة ، وفئة للفقه والسنة ، ورجرجة بين أولئك ، يجرون خلف الماء ويغلون السعر .. إذا اجتمعوا لم ينفعوا وإذا افترقوا لم يضروا الناس ، انتهى ..
هناك الطبقات الساذجة من الناس وهم الذين إن أصيب لهم ابن أو بنت بأي مرض أو ألم أو تعرض لمشكلة أو لهبوط في المستوى الدراسي له ، فيقولون : أصيب بمس ، فيه جني ، أصيب بعين وحسد وسحر وهكذا ، هيا نروح به عند فلان أو فلان وإلا نروح به عند فلان .. وراحوا به عندن فلان .. وجلسوا منتظرين بعدما دفعوا مبلغا من المال .. ثم قام فلان وتفل عليه حتى امتلأ وجهه بالريق ، واعطاه اثنين كفوف على وجهه وقرأ عليه ، ثم أمره أو أمر أهله أن يشتروا ماء مقري عليه وزيت مقري من التي قد وضعها عند مدخلهم ، وفي الختام يكونون قد دفعوا مبلغ من ٥٠٠- ٧٠٠ ريال وربما تزيد ولهم موعد قادم بمبلغ وقدره .. ثم وروحوا ووجه أحمر من الكفوف وملطخ بالريق وما مجه من ماء على وجهه وملابسه .
الطبقة الساذجة ، تخرج منها المرأة والفتاة فتذهب تتسكع في الشوارع حتى تصل للكافيهات والمقاهي فتشرب فنجال قهوة بخمسين ريالا أو قريبا من هذا المبلغ .. وفي بيتها تعد مثل ذلك الفنجال أضعافا مضاعفة وبمبلغ زهيد .
الطبقة الساذجة ، يذهب أفرادها للمطاعم الشعبية التي تقدم ( الخمير والإدامات ، ملوخية وبامية ومشكل .. وسمك تنور ورز ومرسة ) والذين قاموا بعمل ذلك هم عمال بنغاليين وهنود .. بمبلغ خيالي وقالوا : أكل زمان !! ههههههههه على من يضحك هؤلاء!!
الطبقة الساذجة ، تخرج المرأة منها صباحا ولا تغسل وجهها إلا في الكافيه بحجة الحضارة والتقدم والحرية ..
الطبقة الساذجة ، تخرج منها الفتاة صبحا ولا تعود إلا بعد منتصف الليل وطول هذه المدة هي تصور وتنشر في السناب شات ، ولا تدري عن بيتها وأولادها وزوجها شيء .. وحياتها ووقتها للناس تصوير ونشر في السناب شات .
الطبقة الساذجة تخرج منها الفتاة والفتى فيذهبون يتطوعون لدى مؤسسات لها ميزانية ضخمة ، ويمضون وقتهم في التسكع في الشوارع والتصوير بحجة متابعتهم للتشوهات البصرية ، وكان بإمكان أولئك التطوع لدى أسرهم وخدمة آباءهم وأمهاتهم ، وبيوتهم !!
الطبقة الساذجة يقيمون النافلة ويضيعون الفرض .
أيها الساذج والساذجة لا تحسبون أنكم بسذاجتكم أحسنتم صنعا ، بل أنتم مكان سخرية وضحك الناس ، فامض حيث شئت ومكانك حيث وضعت نفسك ، ورسالتك للناس وصورتك وفعلك ومنطقك وسلوكك ، والناس لها أعين ترى بها ولهم عقول يصنفون بها .. وأنت سيحكم عليك من خلال منطقك وفعلك وسلوكك .. يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
إذا ما مات ذو علمٍ وتقوى
فقد ثلمت من الإسلام ثلمة
وموت الحاكم العدل المولّى
بحكم الشرع منقصةٌ ونقمة
وموت العابد القوّام ليلاً
يناجي ربه في كل ظلمة
وموت فتى كثير الجود محض
فإن بقائه خيرٌ ونعمة
وموت الفارس الضرغام هدمٌ
فكم شهدت له في الحرب عزمة
فحسبك خمسةً يبكى عليهم
وباقي الناس تخفيفٌ ورحمة
وباقي الناس هم همجٌ رعاع
وفي إيجادهم لله حكمة.

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى