الثقافيةمقالات

كن حازما ..د . ضيف الله مهدي

كن حازما ..

كن حازما مع ابنك أعط ابنك الحرية .. لا تقسو على ابنك .. نسمع مثل هذه العبارات باستمرار ، فهل الحزم القسوة ومعاملة الأبناء بالعنف والضرب والتوبيخ ؟ وهل الحرية أن نترك الأبناء دون مساءلة ودون مناقشة لسلوكياتهم ودون توضيح لأخطائهم التي وقعوا فيها ودون توجيه وارشاد لهم.
إن الحزم لا يعني التشهير بالأبناء الكبار البالغين أو حتى الصغار أمام الناس وخاصة من هم في سنهم .. لأن المراهق يعتد بنفسه ولا يحب أن يذل أمام الآخرين .. وقد يصدر منه ردة فعل عكسية لما يواجهه . والحزم يراد به تصحيح الأوضاع والمفاهيم لدى الأبناء ، وليس أخذ العصا أو العقال والضرب المبرح للأبناء أمام الآخرين .
والقسوة تستهدف إخراج الغضب من الآباء وهدم شخصية الأبناء ، ونحن نقول لا للغضب .. وقد قالها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المعلم والمربي الأول لما سأله السائل : ( لا تغضب لا تغضب ، لا تغضب ) . وعندما يخطيء الأبناء فمن الممكن أن يعاقبوا على أخطائهم ولكن ليس بالقسوة والضرب المبرح وتفجير الدماغ وكسر العظام .
إن الأبناء وخاصة المراهقين بحاجة إلى أب متفتح فكريا قوي الإرادة والشخصية مدرك لما يحدده من قيود .. قيود معقولة يقتنع بها الأبناء ويقتنعون بها وتكفل لهم حياة سعيدة.
إن الحرية في التربية لا يقصد بها التسيب في الانفعالات من كل قيد وإلا أصبحت مرادفة للفوضى .. إن الحرية التي نريدها هي تلك الحرية التي تجعل الأبناء على جانب كبير من السعادة والنضج الإجتماعي والفضيلة الاجتماعية ..إن الحرية ليست غاية في قصدها بل وسيلة لتحقيق هدف معين ، إن رسم الحدود والقوانين والقيود هو رسم الحرية التي نستطيع الحركة خلالها .
إن الألعاب المختلفة ككرة القدم والطائرة والسلة واليد لو كانت بدون قيود وقوانين فإنها سوف تكون أقرب إلى الفوضى والعبث.. لكنها مع القيود والقوانين أصبحت ألعابا جميلة وتعطي حرية في نطاق هذه القوانين . لا للحرية التي تصل للفوضى والتسيب ، ولا للحزم الذي يصل لدرجة القسوة ويورث الصراعات النفسية والأمراض .. ومع الحزم الذي يخرج شخصية سوية طبيعية إلى الحياة ، ومع الحزم الذي يحدد الأوضاع الخاطئة ويصححها من أجل بناء شخصية متكاملة وسوية .
إن الحرية في التربية لا يقصد بها التسيب في الانفعالات من كل قيد وإلا أصبحت مرادفة للفوضى .. إن الحرية التي نريدها هي تلك الحرية التي تجعل الأبناء على جانب كبير من السعادة والنضج الإجتماعي والفضيلة الاجتماعية ..إن الحرية ليست غاية في قصدها بل وسيلة لتحقيق هدف معين ، إن رسم الحدود والقوانين والقيود هو رسم الحرية التي نستطيع الحركة خلالها.

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى