اخبار المناطقالثقافيةمقالات

التعلم والتذكر ..د . ضيف الله مهدي

التعلم هو العملية التي يتغير بها السلوك نتيجة لخبرة سابقة ، وجوهره إضافة عمل جديد لما كان يمكن للإنسان أن يقوم به قبل ذلك . على أساس أن يعزز هذا النشاط الجديد في أوجه النشاط المختلفة المقبلة . وهذا التغير السلوكي الذي يحدث من جراء التعلم يجب أن يكون ثابتا، فلا نستطيع أن نقول إن هذا الطالب قد تعلم هذا الدرس إذا كان قد نساه بعد أن قرأه ، وإنما يتطلب التعلم ثبات المادة التي استذكرها الطالب، ويجب في هذا المجال أن نفرق بين التعلم وعمليتين أخريين وهما الغريزة والنضج .
التذكر كعملية بنائية
تحوي عملية التذكر الكثير من البناء الذاتي الذي يعتمد على شخصية ورغبات الفرد وتوقعه بالنسبة لحادث معين ، مع إغفال الكثير من الحادث الحقيقي ، فعندما نطلب للشهادة فيما حدث أثناء صدام سيارتين فسنتذكر أنه حدث صدام بين سيارتين وقد انقلبت إحداهما في الطريق . ولكن عندما نسأل عن التفاصيل ، فسنضيف الكثير من ذاتنا وتوقعاتنا ، وعما نعتقد أنه يجب أن يحدث ، وقد أجرى العالم ( بارليت ) إحدى تجاربه بأن أخبر أحد تلامذته قصة شعبية أمريكية وطلب منه أن يعيدها على بعض الطلبة ، وهؤلاء يحكونها للآخرين وهكذا ، وبعد مدة وجيزة وجد ( بارليت ) أن القصة التي يتداولها الطلبة قد اختلفت اختلافا جذريا عن القصة الحقيقية . ومن هنا استنتج أن كلا يقول القصة حسب توقعاته ورغباته الشخصية ، ومن هنا يدخل عامل البناء الذاتي في التذكر . وهذا له أهميته الخاصة خصوصا في الشهادة في بعض القضايا التي يحتاج فيها الفرد لاستدعاء التفاصيل كاملة . فقد رأينا في تجربة ( بارليت ) أن القصة تغيرت وتكاملت ، وأضيف إليها الكثير حسب التنظيم الذاتي لكل فرد من الطلبة ، وتدخل عملية البناء الذاتي أيضا في تكامل سيكولوجية الإشاعة . يستطيع الإنسان أن يتذكر الحوادث البصرية من خلال معدل حسي آخر بواسطة الاتصالات الترابطية بين مناطق الحس ، وتدل أبحاث الجهد الكهربي المستدعى على صحة هذا الغرض حيث إن دراسات العطب لا تحل هذه المشكلة . وتؤدي دراسة الظواهر التي تعوق عملية التذكر بعد التمرين إلى جديد من المعلومات عن تثبيت الذاكرة ، فالعوامل التي تؤدي إلى النسيان مثل جلسات الكهرباء ومثبطات تركيب البروتين . قد تؤدي إلى عدم الاحتفاظ بالمادة المتعلمة إذا أعطيت مباشرة بعد عملية التعلم . أما إذ مر بعض الوقت قبل إعطاء هذه المثبطات ، فهنا تختزن المادة بطريقة عادية ولا تؤثر في التذكر هذه المانعات 0 ولهذا تثبت الدراسات المتعددة أن عملية ” التثبيت ” في التذكر تعتمد إلى حد كبير على عامل الزمن ، ويحتمل أن الفرد يحتاج إلى أنماط خاصة من السيالات العصبية ، كذلك تركيبات بروتينية معنية ليحول تذكر المدى القصير إلى تذكر المدى الطويل .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى