طفل يكذب ، مقبول منه ، فإن بعض الكذب عندهم الكذب الخيالي ، وهو جزء من تكوين شخصيتهم .. مجنون يكذب مقبول منه ذلك فالجزء الموجه له داخله معطل .. جاهل يكذب مقبول منه فإنه لم يتعلم ويعرف مقدار الصدق وسوء الكذب .. إمرأة تكذب ، بعضهن يحلو لهن ذلك الكذب .. شخص نشأ نشأة غير سوية ، ويكذب فمقبول منه ذلك الكذب ، لأن للتنشئة دور كبير في كونه يسلك سلوك الكذب . لكن أن يكذب رجل بالغ قد تجاوز الأربعين من عمره على قدر كبير من العلم والمعرفة له مكانته وقيمته ، فتالله إنه لشخص وحش الله يكرهه ، فلا يكون سلوك الكذب في شخص ما إلا دليل كراهية الله له .. لأن الله إذا أحب شخص نادى في الملأ يا جبريل إني أحب فلان بن فلان فأحبه ، فيحبه جبريل وينادي في الملأ الأعلى إن الله يحب فلان بن فلان فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض فيحبه أهل الأرض .. ونتيجة لحسن أخلاقه وصدقه وعمله الصالح يكسب تلك المحبة من الله وملائكته وعباده من أهل الأرض .. وعكس ذلك البغض والكره فإن الله إذا كره شخصا نادى يا جبريل إني أبغض فلان بن فلان فأبغضه فيبغضه جبريل والملائكة وأهل الأرض ، ذلك يكمن في سوء خلقه وسوء الخلق من الكذب ، والكذب يفسد محاسن الأخلاق كما يفسد الخل العسل ..
ولما سئل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم : هل يكون المؤمن بخيلا ؟ قال : ( نعم ) ، وسئل : هل يكون المؤمن جبانا ؟ فقال : (نعم ) ، وسئل : هل يكون المؤمن كذابا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا ) .. وقال عليه الصلاة والسلام : ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإيّاكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) .. هنيئا لك أيها الكذّاب هذه الصفة المذمومة التي يعرفك بها جميع الخلائق أنك كذاب ، فما حملك على هذا ؟ كيف قدرت أن تكذب ؟ وما الذي حملك على الكذب ؟ عندما تنقل كلاما كذبا ، فإنك كذبت ونميّت ، أو كذبت وبهت وأفتريت .. يا لها من صفات جميلة تستحقها أيها الكذاّب !! أما قرأت حديث احفظ الله يحفظك … وقرأت لو اجتمعت الإنس والجن على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ! .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) .
