الثقافيةمحليات

” المحلج ” غاب كأداة لمهنة نسائية حرفية وبقي شاهد على صناعة القطن بوادي الدواسر

وادي الدواسر – مبارك الدوسري

بالرغم من اندثار المهنة النسوية ” الحلج ” في حاضرة وادي الدواسر والتي تعني فصل بذور القطن عن غزله ، كسائر المهن الشعبية التي اندثرت منذ أكثر من أربعة عقود بفضل التطور الذي حدث في سائر الصناعات ، وإحلال الآلات الحديثة مكان الآلات الشعبية التقليدية ، إلا أن هواة جمع المقتنيات الشعبية في المحافظة يحرصون اشد الحرص على جمع واقتناء تلك القطع الشعبية في إطار حفظهم للموروث الشعبي ومقتنياته بالمحافظة ، ومن بينها ” المحلج ” الذي ظهر في وادي الدواسر كونها منطقة زراعية وكانت زراعة القطن أحد أهم المنتوجات الزراعية فيه ، الأمر الذي جعل الصناعات اليدوية الشعبية المتعلقة به تكثر في المحافظة ومنها المفارش والمخاد والملابس القطنية .
والمحلج عبارة عن آلة يدوية خشبية بسيطة تدار باليد تفصل بذور القطن عن غزله وتصنع محليا على ايدي النجارين من خشب الاثل ، وتتكون من ركبتان من خشب سميك مثبتتان في قاعدة خشبية كبيرة تدفن تلك القاعدة في الارض وتثبت بالطين ، وفي كل ركبة ثقب مستطيل في اعلاه ، حجمه حوالي ٤×٧ سم ، وبين الركبتين معراضان من اعواد اسطوانية مستقيمة من الخشب الصلب بسمك حوالي ٣ سم وطول ما بين ٤٥ــ٥٠ سم ، كل منهما ينتهي بطرف مربع الشكل يدخل المعراض الاول من الجهة اليمنى ويبقى طرفه المربع بارزاً خارج الركبة حوالي ٥ سم وطرفه الآخر على مستوى الركبة الاخرى ، ويركب المعراض الآخر من الجهة اليسرى فوقه معاكساً له ويبقى طرف المربع خارج الركبة حوالي ه سم ، ويجب ان يتطابق المعراضان تماماً ولا يبقى بينهما اي فراغ ، ويحشى المستطيلان في الركبتين بقطن او قماش حتى يثبتان ويضمنان تطابق المعراضين .
ويشتمل المحلج على اليدان اللتان يدار بهما وكل منهما مكونة من قطعتين كتف وذراع، الكتف فيه فتحة مربعة ويركب في الطرف البارز المربع من المعراض وقت العمل ولا يثبت فيه، والبعض يجعل في الطرف المربع من المعراض فتحة صغيرة يوضع فيها خابور وقت العمل وينزع منه، وفي الكتف فتحة أخرى مستديرة فيها مقبض مستقيم على قدر قبضة اليد لكنه غير مثبت في الكتف .
ويعمل على المحلج امرأتان متقابلتان كل واحدة تمسك اليد بيدها وتدير المعراض باتجاه حركة عقارب الساعة ويلقمان القطن من الجهة اليمنى حيث تعمل حركة المعراضين على سحب شعيرات القطن بقوة كونه ينزلق من بين المعراضين الى الجهة الأخرى ويسقط البذر الذي يسمى الحلاج في الجهة اليسرى ويوضع عادة بينهما ستارة او حاجز بين الركبتين للفصل بين القطن المحلوج وبين البذر.
وتُعد عملية الحلج مكلفة ومتعبة جسديا حيث ينتج المحلج الواحد حوالي وزنة قطن غير محلوج (حوالي كيلوجرام ونصف) في الساعة تتكون بعد الحلج ثلثها قطن صافي والثلثان الباقيان بذور.
واليوم اصبح ” المحلج ” من أهم المقتنيات الشعبية التراثية في مختلف متاحف وادي الدواسر الخاصة، والبعض من المواطنين خاصة من كانت أُسرهم من يمارسون الفلاحة يحتفظون به كشاهد للتأريخ على تلك المهنة التي توارت مع التقدم الحاصل في كل أمور الحياة ومختلف صناعاتها.

 

مبارك الدوسري

كاتب وعاشق للعمل التطوعي الخيري في السر ومهتم بالتأريخ الكشفي السعودي وعضو مشارك بصحيفة شفق الإلكترونية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى