الثقافيةمقالات

مشكلات التدريب الأخلاقي .. د . ضيف الله مهدي

بينما تعمل الأسرة على توفير الظروف الضرورية لنمو الطفل فإنه يتعرض لجميع احباطاتها ، ومتطلباتها الاجتماعية ، ومعاييرها وألوان الغيرة والنزاعات بداخلها وفي الأسرة توضع الأسس لمعظم صعوبات المستقبل وانتصاراته وأنها مصدر للصراع الذي يخوضه الطفل في سبيله للنمو . أحد أسباب هذا الصراع يرجع إلى الرغبة الملحة في التحرر من التبعية الطفلية والاستقلال عن الأسرة وتحمل المسؤولية ، وسبب آخر للصراع هو عدم توافق المعايير المكتسبة من الأسرة مع المعايير الخارجية . فالأهل دائما ينتمون إلى أجيال سابقة وأكثر تحفظا وهكذا يجابه الصغار هذا التعارض ويقابلون بقوانين سلوكية صارمة في العالم المتغير خارج المنزل واتساع الهوة بين القديم والحديث يشكل أكثر من مشكلة في توافق الطفل مع المعايير الخارجية . وقد ينشأ الصراع نتيجة أخطاء الوالدين في ممارسة التدريب الأخلاقي لأطفالهم .
الإفراط والتفريط في التدريب الأخلاقي :
كثيرا من مشكلات الأفراد النفسية والطبية والاجتماعية والتربوية بما فيها الأمراض العقلية والعصبية والجناح والجريمة والشذوذ تنشأ من سوء ممارسة التدريب الأخلاقي ، وهنا يوجد احتمالان وهما :
أ ـ من جهة حيث يكون التدريب الأخلاقي عنيفا وقاسيا جدا ، فإن الخطر المحتمل لهذا الإفراط هو الأمراض العصابية والاضطرابات السيكوسوماتية .
ب ـ ومن الجهة الأخرى حيث يكون التدريب الأخلاقي لينا ومتراخيا فإن النتيجة المحتملة لهذا التفريط هو الجناح والجريمة .
ـ الجانحون والمجرمون :
من المعروف حاليا أن الطفل الذي لا يلقى حبا وعطفا والديا يفقد أفضل أساس للنمو الأخلاقي حينما يخطيء هذا الطفل لا يكون هناك غالبا خوف من فقد الحب أو الحنان والعطف ، لأن ما يفقده سوف يكون قليلا جدا ، إن برنامج النمو الأخلاقي هو أحد معارك العلم لمعرفة المدى الذي يمكن أن يصل إليه الطفل دون عقاب .
سـؤال ـ هل من الممكن أن نربي الطفل دون أن ينال عقابا ؟ .
الجـواب : الواقع أن الطفل الذي لا يلقى عقابا على أخطائه أو تأنيبا على ذنوبه التي اقترفها لا نجد لديه تأنيبا للضمير أو محاسبة للنفس . فهناك اختفاء تام لمشاعر الذنب ـ وإن وجدت لديه فهي ضئيلة ـ عندما يقترف جريمة في المستقبل . والشخص الذي يخلو من الصراعات الداخلية حتى بعد ارتكابه الذنوب واقترافه الجرائم يقع في صراعات متكررة مع الناس من حوله ومنبوذا في المجتمع .. ولهذا فإن الجانح والمجرم لا يعتبران عادة من المرضى النفسيين كما يعتقد البعض .
العـلاج :
إن أفـضل عـلاج في مثل هذه الأحوال يبدو في تعويض نقص التدريب أثناء الطفولة وذلك بما يلي :
أولا ـ بناء رغبات قوية للحب والعطف والاحترام .
ثانيا ـ توفير الوسائل التي تشبع بها تلك الرغبات .
وبذلك يكون الخوف من فقدان تلك الجزاءات أو المكافآت هو الوسيلة للتنظيم الذاتي الأخلاقي كما يحدث في الفرد السوي .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى