شراكات استراتيجية جديدة بين إستونيا والسعودية لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة ودفع عجلة الابتكار الرقمي
اختتم وزير الاقتصاد والصناعة الإستوني، معالي إركي كيلدو، زيارة استراتيجية مهمة إلى المملكة العربية السعودية برفقة وفد تجاري رفيع المستوى من كبار قادة الأعمال الإستونيين، وذلك بهدف توطيد أسس العلاقات الثنائية بين البلدين. تضمنت الزيارة عقد سلسلة من الاجتماعات المهمة، وإبرام عدد من الاتفاقيات التجارية، إلى جانب إطلاق مجموعة من المبادرات الاستراتيجية التي تؤكد التزام البلدين بتعزيز التعاون الاقتصادي بينهما بما فيه الابتكار الرقمي والنمو المستدام.
وفي جلسة جمعت خبراء ومستثمرين من أنحاء العالم ضمن فعاليات “بيبان 2024″، الملتقى السعودي الأبرز عالمياً في قطاع ريادة الأعمال، والمعنيّ بتمكين البيئة الريادية لرواد الأعمال المحليين والدوليين في المملكة، ناقش الوزير كيلدو الاستراتيجيات والسياسات الداعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال الناشئة، مسلّطاً الضوء على المكانة الرائدة لإستونيا في مجال التحوُّل الرقمي وريادة الأعمال.
استثمار نقاط القوة
وفي هذا الإطار، قال الوزير كيلدو: “تتشارك إستونيا والمملكة العربية السعودية برؤية طموحة تسعى لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي ترتكز على الابتكار في ريادة الأعمال. وتمثل هذه الشراكة خطوة مهمة في علاقاتنا، إذ تفتح آفاقاً جديدة واسعة للتعاون وتبادل الخبرات”، مضيفاً: “من خلال استثمار نقاط القوة التي تميز البلدين، فإن نجاحنا لن يقتصر على معالجة الأولويات المشتركة وحسب، بل سنتمكن أيضاً من دعم نمو الشركات الرائدة التي ستلعب دوراً حيوياً في رسم ملامح مستقبل اقتصاداتنا”.
كما التقى الوزير الإستوني خلال هذه الزيارة مع كوكبةٍ من الأمراء وكبار الشخصيات في المملكة، ضمّت صاحبة السمو الملكي الأميرة مشاعل بنت سعود الشعلان، وصاحبة السمو الملكي الأميرة نورة بنت تركي آل سعود، والأمير نايف بن عبدالله آل سعود، والأميرة أروى آل سعود، إضافة إلى معالي عبدالرحمن عبدالمحسن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة، ومعالي عبدالله السواحه وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، ومعالي الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي وزير التجارة ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت)، ومعالي وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل بن فهد الإبراهيم، فضلاً عن مساعد وزير الطاقة لشؤون البترول والغاز المهندس محمد عبدالرحمن الإبراهيم، إضافةً إلى أعضاء مجلس الأعمال الاستشاري الإستوني- السعودي.
توسيع المصالح التجارية
وخلال اجتماع ضمّ أعضاء مجلس الأعمال الإستوني- السعودي، تم وضع خطة عمل لعام 2025 تمثّل خارطة طريق؛ لدعم وتوسيع المصالح التجارية لكلا البلدين. وجاءت هذه الخطة بناءً على مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في الربيع الماضي بين اتحاد الغرف التجارية السعودية والهيئة الإستونية لريادة الأعمال “إنتربرايز إستونيا”.
وفي تعليق له على هذا الاجتماع، قال تافي إيناستي، الرئيس المشارك للمجلس والرئيس التنفيذي لشركة “نورتال” في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا: “رغم أن العلاقات التجارية بين إستونيا والمملكة العربية السعودية جديدة نسبياً، إلا أنها شهدت نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة وسط حرص رواد الأعمال من كلا البلدين على تعزيز الروابط القائمة بينهما. ولدعم هذا الزخم، ثمة التزام مشترك بتوفير منصة تتيح أمام الشركات الإستونية والسعودية التعاون وتبادل الأفكار والتوافق بشأن الأولويات الاستراتيجية. من شأن هذه المنصة، التي ستضم أيضاً ممثلين عن القطاع العام، أن تساعد الجانبين على تحقيق أهدافهما الرئيسية، بما في ذلك رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وأولويات إستونيا، عبر ترسيخ بيئة تعاونية تعود بالنفع على كلا الاقتصادين”.
اتفاقيات واعدة
وشهدت زيارة الوفد الإستوني إلى المملكة توقيع عدد من الاتفاقيات الواعدة، أبرزها مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” وهيئة الأعمال والابتكار الإستونية. تهدف الاتفاقية إلى بناء علاقات وثيقة في مجال ريادة الأعمال وفقَ أفضل الممارسات التي تتبنّاها الشركات المبتكرة عالية النمو في البلدين. وترى الشركات الإستونية أن هذه الاتفاقية تشكّل خطوة مهمة؛ لتطوير شراكاتها داخل المملكة، وتشكيل فهم أعمق لبيئة الأعمال فيها، ورسم مسار واضح لنجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة ونموها.
علاوةً على ذلك، وقعت “منشآت” اتفاقية شراكة استراتيجية مع شركة “ميلتون سي آي أو وورلد” الإستونية؛ لتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة السعودية من خلال مبادرات خاصة ببناء القدرات، وجهود حثيثة لتعزيز التحوُّل الرقمي، إلى جانب برامج متنوعة تهدف إلى تبادل الخبرات والمعارف الاستراتيجية. وقد حدّدت مذكرة التفاهم مجموعة من الفعاليات الثنائية وورش العمل وبرامج التدريب المتخصّصة التي من شأنها دعم قدرات الشركات الصغيرة والمتوسطة وتعزيز بيئة التعاون. ويرمي هذا التعاون إلى الاستفادة من الخبرات الريادية لإستونيا في ميدان تطوير الشركات الناشئة والبنية التحتية الرقمية، بما يتماشى مع التزام المملكة ببناء اقتصاد قوي ومتنوع ضمن رؤية 2030.
أسس لشراكات مستقبلية
يُذكر أن الوفد المرافق للوزير كيلدو ضمّ ممثلين عن عدد من الشركات الإستونية المرموقة التي شملت: “نورتال”، “بست سولوشنز إستونيا”، “ديف-سيك-إنتل سولوشنز”، “زيرو تيرين”، “ويست لوكر” “روبوتيكس 5.0″، “ألفا ثري دي”، “سابيكسر تيكنولوجيز”. وتتخصص هذه الشركات في قطاعات تُعَدُّ رئيسية لمستهدفات النمو في المملكة؛ مثل الحلول الرقمية والأمن السيبراني والتقنيات المستدامة. فضلاً عن ذلك، فإن شركات؛ مثل: “ميلتون سي آي أو وورلد”، و”ستاندرد” و”سيتاسوتوس آي إم إي”، و”سيلين”، تضخّ خبراتها أيضاً في السوق السعودية.
ومن خلال هذه الاتفاقيات والشراكات، تمهّد إستونيا والسعودية الطريق نحو ترسيخ تعاون طويل الأمد وتعزيز النمو المتبادل. وسيشكّل الالتزام من جانب القطاعين العام والخاص بتطوير المبادرات الاقتصادية والتكنولوجية الموجهة للشركات الصغيرة والمتوسطة حجرَ الأساس للشراكات المستقبلية بين البلدين الصديقين.
يُشار إلى أن إستونيا تتمتّع بمكانة مرموقة بين الدول الرقمية الرائدة عالمياً، وتُعرَف بنجاحها الكبير في توظيف التقنيات المتقدمة في الخدمات الحكومية، متيحه 99% منها عبر الإنترنت لمواطنيها والمقيمين فيها. واستناداً إلى بنيتها التحتية التكنولوجية المميزة وخبراتها الحكومية الرقمية، تحرص إستونيا على دعم المشاريع المستقبلية الطموحة للمملكة العربية السعودية بما يتماشى مع سعي المملكة لجذب الاستثمارات التقنية العالمية. وبعيداً عن التكنولوجيا، يفتح هذا التعاون إمكانات واعدة لتوسيع الشراكة والتبادل الاقتصادي مع القطاعين الحكومي والخاص في المملكة على صعيد مجالات أخرى عديدة؛ مثل: الرعاية الصحية والمنتجات الغذائية والتكنولوجيا النظيفة.