الثقافيةمقالات

الحج والصحة النفسية .. د . ضيف الله مهدي

إن الله سبحانه وتعالى حرص على هذا الإنسان أيما حرص ، فقد أرسل رسله إلى البشر ليعلموهم أمور دينهم ويرشدونهم إلى الطريق الصحيح الذي يصلون من خلاله إلى رضا الله ورضوانه ، ولم يقتصر الأمر على هذا ، بل تعداه إلى تعليمهم وإرشادهم كل ما يقي الإنسان من المرض ويحافظ على صحته ، سواء من المرض الجسدي ، أو المرض النفسي ، وفيما جاء به النبي الكريم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه الصلاة والسلام الشيء الكثير مما فيه خير للإنسان وعائد على صحته الجسمية والنفسية ، ولعل اقتراب موسم الحج يدعونا إلى الحديث عن الحج والصحة النفسية .
قبل أن أتحدث عن ما يخلفه الحج من صحة نفسية للفرد ، فإنني قبل ذلك سأتحدث باختصار عن المدينتين المقدستين ، وهما : مكة المكرمة والمدينة والمنورة . فمكة المكرمة من أشرف البلدان . ومن البلاد والأماكن خيرها وأشرفها ، والبلد الحرام هو اختيار الله سبحانه وتعالى اختاره لنبيه عليه الصلاة والسلام وجعله مناسك لعباده وأوجب عليهم الإتيان إليه من القرب والبعد ومن كل فج عميق ،فلا يدخلونه إلا متواضعين متخشعين متذللين كاشفي رؤوسهم ،متجردين عن لباس أهل الدنيا ،وجعله حرما آمنا لا يسفك فيه دم ولا تعضد به شجرة ولا ينفر صيده ولا يختلى خلاه ولا تلتقط لقطته للتمليك بل للتعريف ليس إلا . وجعل قصده مكفرا لما سلف من الذنوب ماحيا للأوزار حاطا للخطايا . كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أتى هذا البيت ،فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ) . ولم يرض لقاصده من الثواب دون الجنة ففي السنن من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة ) أخرجه الترمذي. وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) . فلو لم يكن البلد الأمين خير بلاده وأحبها إليه ومختاره من البلاد لما جعل عرصاتها مناسك لعباده فرض عليهم قصدها وجعل ذلك من آكد فروض الإسلام وأقسم به في كتابه العزيز في موضعين منه فقال تعالى : { وهذا البلد الأمين } . وقال تعالى : { لا أقسم بـهذا البلد } . وليس على وجه الأرض بقعة يجب على كل قادر السعي إليها والطواف بالبيت الذي فيها غيرها ،وليس على وجه الأرض موضع يشرع تقبيله واستلامه وتحط الخطايا والأوزار فيه غير الحجر الأسود والركن اليماني . وثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام قوله : ( أن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ) . وعن عبد الله بن عدي بن الحمراء أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بالحزورة من مكة المكرمة يقول : ( والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت ). قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح . ومن خصائص مكة المكرمة أنها قبلة لأهل الأرض كلهم ، فليس على وجه الأرض قبلة غيرها ومن خواصها أنه يحرم استقبالها أو استدبارها عند قضاء الحاجة دون سائر بقاع الأرض. ومن خواصها أيضا أن المسجد الحرام أول مسجد وضع في الأرض كما في الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض ؟ فقال : ( المسجد الحرام ) قلت ثم أيّ ؟ قال : ( المسجد الأقصى ) قلت : كم بينهـما ؟ قال : ( أربعون عاما ) . ومما يدل على تفضيلها أن الله سبحانه أخبر أنها أم القرى ، فالقرى كلها تبع لـها وفرع عليها ، وهي أصل القرى ، فيجب ألا يكون لـها في القرى عديل فهي كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ( الفاتحة) أنـها أم القرآن ولهذا لم يكن لـها في الكتب الإلـهية عديل . والذنب مضاعف في مكة وفي المسجد الحرام من يهم بالسيئات وإن لم يفعلها يعاقب على ذلك قال تعالى : { ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم } . فتأمل كيف عد فعل الإرادة هاهنا بالباء ، ولا يقال أردت بكذا إلا لما ضمن معنى فعل (هم) فإنه يقال : هممت بكذا فتوعد من هم بأن يظلم فيه بأن يذيقه العذاب الأليم . ومن هذا تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمياتها فإن السيئة جزاؤها سيئة ، لكن سيئة كبيرة ، وجزاؤها مثلها ، وصغيرة جزاؤها مثلها ، فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض ، ولـهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه ، فهذا فصل النزاع في تضعيف السيئات والله أعلم . يقول الله تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين }. يخبر الله تعالى أن أول بيت وضع للناس ، أي عموم الناس لعبادتهم ونسكهم يطوفون به ويصلون إليه ويعتكفون عنده للذي ببكة يعني الكعبة التي بناها إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام . وذكر الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أول بيت وضع للعبادة وليس أول بيت وضع في الأرض . وبكة من أسماء مكة على المشهور ، قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الظلمة والجبابرة بمعنى أنهم يذلون بها ويخضعون عندها . وقيل :لأن الناس يتباكون فيها أي يزدحمون وقال قتادة :إن الله بك به الناس جميعا فيصلي النساء أمام الرجال ولا يفعل ذلك ببلد غيرها.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : مكة من الفج إلى التنعيم وبكة من البيت إلى البطحاء . وقال شعبة عن المغيرة عن إبراهيم : بكة البيت والمسجد وكذا قال الزهري. وقال عكرمة في رواية وميمون بن مهران : البيت وما حوله بكة وما وراء ذلك مكة ، وقد ذكروا لمكة أسماء كثيرة وهي : مكة وبكة والبيت العتيق والبيت الحرام والبلد الأمين والمأمون وأم رحم وأم القرى وصلاح والعرش والقادس والمقدسة والناسة والباسة والحاطمة والرأس وكوثاء والبلدة والبنية والكعبة .
أما المدينة المنورة فتسمى : البرة ، البحرة ، البحيرة ، البلاط ، البلد ، بيت رسول الله ، تندد ، تندر ، الجابرة ، جبار ، الجبارة ، جزيرة العرب ، الجنة الحصينة ، الحبيبة ، الحرم ، حرم رسول الله ، حسنه ، الخيرة ، الدار ، دار الأبرار ، دار الإيمان ، دار السنة ، دار الفتح ، دار السلام ، دار الهجرة ، ذات الحجة ، ذات الحراء ، ذات النخيل ، السلفة ، سيدة البلدان ، الشافية ، طابة ، طيبة ، طائب ، ظباب ، العاصمة ، العذراء ، العراء ، العروض ، الغراء ، غلبة ، الفاضحة ، القاصمة ، قبة الإسلام ، قرية الأنصار ، قرية رسول الله ، قلب الإيمان ، المؤمنة ، المباركة ، مبواء الحلال والحرام ، مبين الحلال والحرام ، المجبورة ، المحبة ، المحببة ، المحبوبة ، المحبورة ، المحرمة ، المحفوفة ، المحفوظة ، المختارة ، مدخل صدق ، المدينة ، مدينة الرسول ، المرحومة ، المرزوقة ، مسجد الأقصى ، المسكينة ، المسلمة ، مضجع رسول الله ، المطية ، المقدسة ، المقر ، المكتان ، مهاجر الرسول ، الموفية ، الناجية ، نبلاء ، النحر ، الهذراء ، يثرب ، يثرد ، يندر .
يقول الله سبحانه وتعالى : { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } . البقرة.
فأول ما يقع بصر الإنسان على الكعبة المشرفة ، ويراها يشعر باطمئنان عجيب وغريب ، لم يكن يشعر به من قبل ، ويجد راحة نفسية ، وهدوء نفسي ، لا يعادلهما أي شيء ، وتتجلى صحته النفسية وتكون في ذروتها ، وعندئذ تكون صحته النفسية في أعلى مستوياتها ، فهو يكون في المكان الآمن ، وبجوار بيت الله العتيق ، وقريب من الله سبحانه وتعالى .
ويقول الله سبحانه وتعالى : { قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (٩٥) إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (٩٦) فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } . آل عمران .
إن الإنسان عندما يكون داخل الحرم الشريف وبالقرب من الكعبة المشرفة ، ويشاهد ما فيه من الآيات ، مقام إبراهيم ، وزمزم ، والحطيم ، والصفا والمروة ، والحجر ، فهو يكون في قمة نشوته وصحته النفسية حتى أن ذلك ينعكس عليه نفسه فتزداد طاقته وصحته البدنية ، حتى أننا نرى الكبير في السن والطفل والمرأة يطوفون حول الكعبة جميعا متحملين المشقة والتعب الحاصل من الازدحام ، لا وفوق ذلك لا يؤذون أحدا ويحاولون ألا يكونوا سببا في جلب المتاعب لأحد من الطائفين ، ولا تنظر أعينهم إلا إلى الكعبة والحجر وما جاورهما من آيات تلهج ألسنتهم بذكر الله والدعاء ، ثم يتحول هؤلاء الذين كانوا قبل دخولهم إلى المسجد الحرام لا يستطيعون السير أو المزاحمة أو الجري ، إلى الصفا والمروة ويبدؤون في السعي لسبع مرات من الصفا إلى المروة ومن المروة إلى الصفا ، من أعطاهم هذه القوة ؟ ، إنه الله سبحانه ، ولكن هذه القوة والطاقة أتت بفضل تحسن صحتهم النفسية ، وتحسن صحتهم النفسية كان بسبب دخولهم إلى الحرم الشريف ورؤية الكعبة المشرفة ، وما حولها من آيات .
ولما يبدأ موسم الحج ، وينوي المسلم بالحج ، فهناك الكثير من التغيرات التي تحدث لهذا الإنسان ، فهو نوى الذهاب إلى البيت العتيق ، وتخلص من الكثير من الشوائب التي كانت تؤثر على قوة إيمانه ، الحج عبادة منفردة ، حيث الحج يركز على ما يلي :
١- تأكيد الإيمان بالله وحده .
٢- التأكيد على وحدةالأمة ، في تعاملها وتحقيقها لمنافعها الدينية والدنيوية على حد سواء ، وتتبين هذه الوحدة في المظاهرة الآتية :
أ ـ الإحرام .
ب ـ توحيد الـشـعـائـر في الزمان والمكان والمناسك بالنسبة للجميع .
ج ـ توحيد زمن انتهاء الحج .
د ـ تعرف الناس على بعضهم البعض وتعارفهم جماعات وأفرادا .
يقول الله سبحانه وتعالى : { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين (١٩٥) وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ومن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب (١٩٦) الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب (١٩٧) ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين (١٩٨) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (١٩٩) فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباؤكم أو أشد ذكرا فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق (٢٠٠) ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (٢٠١) أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب (٢٠٢) واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون } البقرة.
هذه الآيات بما فيها من التوجيهات الربانية الكثيرة ، وخاصة الذكر والدعاء ، فإن لذكر الله سبحانه وتعالى ، ودعائه ، واللجوء إليه أثرا نفسيا إيجابيا عاليا ، لا يعرفه إلا من عايشه ، وإن من فرط الذكر والدعاء تزداد الصحة النفسية عند الإنسان بشكل كبير ويصبح في أعلى مستويات الصحة النفسية . وهكذا نجد الحاج تزداد صحته النفسية ، وتزول كل علله النفسية ، ذلك لأن الحاج يقول إن الله واحد ، وأمته واحدة ، قال تعالى : { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون }.
وإذا كان الإيمان بالله الواحد يبدأ مع الشهادة إلا أن وحدة الأمة تعني من الناحية النفسية :
١- إشباع دوافع انتماء الفرد للجماعة وأنهفرد واحد في هذه الأمة الكبيرة.
٢- إشباع دافع إحساس الفرد بتقدير الجماعة .
٣- إشباع دافع العمل الجمعي لتحقيق الأهداف الكلية.
وهكذا فإنه مع إشباع هذه الاحتياجات الاجتماعية يزداد الاطمئنان النفسي والثقة بالنفس في المسلم وفي جماعته ، وبعد عودته من حجه نجد معظم متاعبه النفسية قد زالت ، وذلك بفضل الله ، ثم بفضل الحج الركن الخامس من أركان الإسلام . هذا بالنسبة للحاج ، أما بالنسبة لغير الحاج ، فإن لكل مواسم الإسلام دور كبير في تقوية الصحة النفسية ، ولعشر ذي الحجة دور كبير في زيادة الصحة النفسية عند المسلم ، لما فيها من البركة وما يكسبه الإنسان من ثواب ونعيم تزيد فيه حسناته وتغفر سيئاته وزلاته ، قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أفضل الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القرّ ) .أخرجه أبو داود .وقيل يوم عرفة أفضل منه . وهذا هو المعروف عند أصحاب الشافعي ، قالوا : لأنه يوم الحج الأكبر ، وصيامه يكفر سنتين . وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفه ، ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده ، ثم يباهي ملائكته بأهل الموقف . وفي سنن أبي داود بأصح إسناد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( يوم الحج الأكبر يوم النحر ). وكذلك قال أبو هريرة وجماعة من الصحابة . ويوم عرفة مقدمة ليوم النحر بين يديه فإن فيه يكون الوقوف والتضرع والتوبة والابتهال والاستقالة ثم يوم النحر تكون فيه الوفادة والزيارة ، ولهذا سمي طوافه طواف الزيارة لأنهم قد طهروا من ذنوبهم يوم عرفة ، ثم أذن لهم ربهم يوم النحر في زيارته والدخول عليه إلى بيته ، ولهذا كان فيه ذبح القرابين وحلق الرؤوس ورمي الجمار ومعظم أفعال الحج . وعشر ذي الحجة أفضل الأيام ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيه أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ( ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء ) . وهي الأيام العشر التي أقسم الله بها في كتابه بقوله : { والفجر وليال عشر } . ولهذا يستحب فيها الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد . وروى الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ( ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد ) . وروى ابن حبان رحمه الله تعالى في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام : ( أفضل الأيام يوم عرفه ) . ومن أفضل الأعمال في عشر ذي الحجة . أداء الحج والعمرة ، وهو أفضل ما يعمل ويدل عليه عدة أحاديث منها قوله عليه الصلاة والسلام : ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ). ولغير الذي لا ينوي الحج ، يفضل صيام هذه الأيام ، أو ما تيسر منها ، وبالأخص صيام يوم عرفة . وروى مسلم رحمه الله تعالى عن قتادة عن النبي عليه الصلاة والسلام قال : وقد سئل عن يوم عرفه ( يكفر السنة الماضية والباقية ). وروى أبو داود والنسائي وابن ماجة والترمذي رحمهم الله تعالى : ( صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله ) . ومن الأعمال كذلك ، التكبير والتهليل والذكر ، وروى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كانا يخرجان إلى السوق في العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما . وكان الكثير من فقهاء التابعين رحمهم الله تعالى كانوا يقولون في أيام العشر : ( الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ) . ويستحب التوبة والإنابة والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب ، وكذلك كثرة الأعمال الصالحة ، من نوافل العبادات ، كالصلاة والصدقة وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما تشرع الأضحية في يوم النحر وأيام التشريق ، وهي سنة أبينا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، وقد ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام قد ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده الكريمة وكبر وسمى ووضع على صفاحهما . متفق عليه . وقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره ) ، وفي رواية : ( فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى يضحي )
بعد كل ما قدمت فإنني أجزم أن كل من لديه علة نفسية ، أو يشعر بتعب أو ألم نفسي ، فإن كل تلك سوف تزول وسيصبح في أعلى مستويات الصحة النفسية . متعكم الله بالصحة النفسية والجسمية وتقبل من الجميع صالح الأعمال ، إنه سميع مجيب ، وكل عام وأنتم بألف خير .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى