الشاعرة الاماراتية نجاة الظاهري : أنا مفتونة باللغة وبألحان وحروفها
الشاعرة الاماراتية – نجاة الظاهرة لها اسلوبها وتعاملها مع الحرف والكلمة تعشق التحدي وطموحها كبير ويسعدنا ان تكون معنا في هذا الحوار .
(1) لكل شاعر امتداد ونقطة ميلاد، هل كان في مسقط رأسك أو بيئتك أو في عائلتك من كنت له وريث المشاعر ومحكم للشعور لتكون شاعرا .
نقطة ميلاد قصيدتي كانت في ليلة خلوتُ فيها بقلمي ونصف ورقة، أردت من خلالها التعبير عن استيائي من الأحداث التي تضخها منصات الأخبار التلفزيونية كل يوم، ولا أعلم من أين أتت القصيدة، وكيف أصبحت شيئاً أستطيع كتابته في حياتي، هل من “جينات العائلة”، ربما، ولكني أعلم أنها طريقي الذي اختارني، وقبلته كلّ عمري.
(2) ما الذي يقودك لتحاكي مخاض الشعر هل الإيقاع أم موسيقى الشعر أم كليهما .
موسيقى الشعر، إيقاع الكلمات الداخلي والخارجي، كلها ما يجذبني لمحاكاة مخاض الشعر، أنا مفتونة باللغة، مفتونة بألحان حروفها كلٌّ على حدة، وهذا ما يجعلني مرتبطة بكل فن مكتوب، خاصة ما كان له إيقاعه الخاص.
(3) هل تكتب رسالتك أم مشاعرك فقط على قالب شعري .
كلاهما على ما أظن، رسالتي الشخصية ورسائل الآخرين، ومشاعري الشخصية ومشاعر الذين أستمع إلى حكاياتهم، وأرى قصصهم.
(4) هل تنتمي لمدرسة شعرية معينة أو ثمت تصنيف لميولك الشعري .
لا أحب التصنيفات في العادة، أنظر إلى الشعر من أعلى، أراه كله، كله يدور في ذات العاصفة، لا أسمي ما أكتبه تابعاً لميول أو مدرسة، رغم إيماني بوجود هذه المدارس المتعددة والجميلة على مستوى القصيدة بامتداد العالم العربي، أرى أن التصنيفات قد تحد من الإضافة والتجديد.
(5) للشاعر ميل نظمي معين أو يسكب على قالب شعري معين هل يقودك الوزن والبحر والقافية أم هي راحلتك الإبداعية تقود الطريق .
بالتأكيد من يكتب قد ينجذب في دوامة القالب الذي يحب الكتابة عليه، وأنا منجذبة للوزن، وأحياناً الوزن والقافية على مبدأ عمود الشعر، ولكن ما يقود طريقي في القصيدة هو الرحلة الإبداعية، أنا أترك لقصيدتي حرية اختيار شكلها، حتى لا تضيق بقيودي التي أختارها.
(6) ماهو القالب الشعري الأقرب لنفسك الفخر، الحماسة، الغزل، أم أغراض معينة تحب أن تصيغ قصيدتك عليها .
القالب الأقرب إلى نفسي هو القالب الوجداني، لا أكتب في الفخر ولا الحماسة ولا الغزل، إلا نادراً، ولكن القصيدة بالنسبة لي هي سبر لأغوار النفس البشرية، سواءً نفسي أم نفوس الآخرين المتمثلة كذلك في نفسي، هذا هو وقودي، وأراه أقرب لي وأيضاً للآخرين من القصائد الحماسية والمفتخرة والغزلية.
(7) كيف ترى قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر .
هل لك طريق لهذا النوع من الكتابة .
أكتب قصائد في التفعيلة، أو بالإمكان تسميتها بمحاولات، لأني ما زلت أجرب فيها، أما قصيدة النثر فإني أراها أصعب الأشكال الشعرية التي يمكن كتابتها، أحتاج عمراً كبيراً وطويلاً جداً حتى أصل إلى شاطئها فقط، قبل الغوص في بحرها الواسع جداً.
(8) ما الذي يؤثر فيك لتكتب قصيدتك هل هو الموقف أو الهم الذاتي الذي بداخلك .
عادة تؤثر في نفسي قصص الناس، معاناتهم ونجاحاتهم، التي أعكسها على نفسي، فأكتب، إما مجاراةً للشعور أو محاولةً لإصلاحه بالأمل والسعي لتحقيق الحلم والتجاوز. هم الآخرين هو همي الذاتي بشكل أو بآخر.
(9) إلى أي مدى تقودك القصيدة الفصيحة هل تعبر عنك بشكل جيد أم تجد جمهورك أو الفئة المستهدفة لهذه القصيدة تأخذك لتصنع مايريدون منك .
لستُ ممن يدعو إلى كتابة ما يريد الآخرون، على القصيدة أن تأتي معبرة عما يجول في فكري ونفسي، وعلى الآخرين أن يأخذوها من أي جهة يريدون، وتأويلها كما يحلو لهم، ولكن فقط عليها أن تكون بالجودة الكافية لتخرج إلى الملأ.
(10) هل شعراء المعلقات لهم أثر ما عليك .
الصراحة، منذ دراستي للمعلقات في المرحلة الجامعية، وأنا أستفيد من ناحية واحدة، وهي كيفية خلق الصورة بالاستفادة من البيئة المحيطة، وكيفية كتابة المشاعر بطريقة شعرية شاعرية، لكني قليلة الحفظ لها، ولا أعرف إن كان بالإمكان أن نقول لهذا الأمر “تأثر”، ولكن كل ما يمر على عيني من قصيدة، سواء قديمة أم حديثة، هو درس لي، أنا تلميذة كل شاعر مجيد، وكل قصيدة مميزة.
(11) ماذا تعني لك المقاطع الشعرية لحظة الإلقاء الشعري حين نتحدث عن المطلع للقصيدة المبتكرة بعيدا عن عادة الشعراء في استهلال قصائدهم .
المقاطع الشعرية مدخل جيد للقصيدة، هي عتبة أحياناً يكون لا بد منها، لجذب الجمهور إلى ما سوف يلقى بعدها، وكذلك لتأهيله لمعرفة أسلوب الشاعر قبل بدء رحلته، أقول أحياناً، لأن بعض القصائد لا تحتاج إلى مقطع قبلها، كأن تكون القصيدة الثانية في الأمسية، وإن كانت قصيدة قصيرة كذلك فإنها لا تحتاج إلى مطلع يسبقها.
(12) هل القافية في وقتنا الحالي مجال لدهشة المستمع ولفت لانتباه الشعراء حين يقدم شاعر متمكن قافية نادرة أو ذات إيقاع جديد الحبكة .
القوافي كلها استخدمت منذ بداية الشعر حتى الآن، وربما نادراً ما يستطيع الشاعر الإتيان بقافية جديدة، ولكنها غير مطروقة بشكل كبير، ومتصلة بإيقاع القصيدة النفسي، وإن حدث هذا، فبالتأكيد ستلفت الانتباه إلى القصيدة، وتلفت نفس الشاعر إلى التحدي في إيجاد أجمل منها.
(13) هل تعتبر القصيدة العمودية الكلاسيكية ذات نمط مستهلك ومجرد قالب يركب عليه الشاعر أم أن الحداثة والتجديد أخذ مأخذ فيها .
قيل لي يوماً من قبل أحد القراء، إنه لا يمكن التجديد في القصيدة العمودية الكلاسيكية، رغم مخالفتي له، قد لا يكون التجديد في الشكل، ولكنه التجديد في الأسلوب، وطريقة تناول الموضوعات، ربما تشابهت على مدى عصور القصيدة العربية الموضوعات التي تناولتها القصيدة العمودية، لكن في هذا الزمن أصبح التغيير ممكناً، والتجديد آخذاً من هذا الشكل الشيء الكثير، لكن النظر إليه من هذه الناحية يحتاج قارئاً قادراً على تمييزه، وعلى القناعة به، لأن القناعات أغلبها تنظر إلى العمود بأنه جامد، ولا يمكن التحرك فيه براحة.
(14) هل توجد قصائد تم كتابتها خاصة بحدث المهرجان خصيصا هذا العام .
لا يوجد، قليل ما أكتب قصائد خاصة بالمناسبات التي أشارك فيها، عادة أشارك بجديدي، بآخر ما كتبت، لكي أري الزملاء الشعراء والجمهور ما وصلت إليه قصيدتي حتى حينه.
(15) يقال أن لكل شاعر طقوس للكتابة والإلهام فهل لك طقس خاص يمكن أن تكشفه لنا لبناء قصيدة .
ليس طقساً، إذ إنني لا أمارسه بشكل دائم وبقدسية خاصة، وإنما حالة تتملكني وتلهمني، وتأتي هذه الحالة حين أرى مشهداً ربما عابراً في الشاعر، لعاملٍ متعبٍ نهاية اليوم يسند ظهره إلى عمود إنارة أو إشارة في الطريق، أو شخص يركض تجاه الحافلة كي لا تفوته، أو عصفور يجلس بهدوء على سعف النخيل، أو رياح تحرك عشبة طفلة صغيرة في “مزرعة” المنزل، إن ما يلهمني هو الحكايات التي يصنعها عقلي بعد رؤيتي لهذه المشاهد، بالإضافة إلى القصص التي أستمع إليها أو أقرأها للناس.
(16) الشواهد على العصر كثيرة هل توجد قصيدة فصحى حاليا شاهد على العصر .
لا توجد قصيدة واحدة شاهدة على هذا العصر بكل أحداثه ومتغيراته، بل قصائد عدة، وشعراء كثر، عبروا عنه وخلدوه في قصائدهم، في هذا العالم الكبير الذي لو أزحت صخرةً فيه من مكانها لوجدت تحتها شاعراً، من كثرتهم، ولا يمكن الاعتداد بقصيدة دون غيرها، فكل القصائد تصب في بحر واحد، أصبح الاعتداد بالموضوع هو السائد، وبالطريقة، أكثر من القصيدة نفسها، أصبح المجموع واحداً.
(17) هل أمير الشعراء في زمننا الحالي يحمل صفة شعراء المعلقات .
أمير الشعراء فيه نفحة من صفة المعلقات، لكن المختلف هو أن لا قصائد تعلق، كل شعراء المعلقات خلدتهم قصائدهم، فعرفناهم، أما في أمير الشعراء فأسماء الشعراء هي ما يخلد ويعرف، أكثر من قصائدهم، ولكن ما يحسب على هذه المسابقة هو تعريف الوطن العربي بشعرائه الذين لا يعرفهم، ومنحهم الضوء الذي يستحقونه لكي يكونوا حاضرين في المشهد الشعري الثقافي العربي بقوة.
(18) هل الشاعر الفصيح مظلوم إعلاميًا وحضوريًا مقارنة بشعراء النبط والشعر الشعبي الأكثر تداول بين الناس .
المقارنة هنا ظالمة، ولا يمكن الاعتداد بها، فهذا له مجاله وهذا له مجاله، حضور الشعر الشعبي أو النبطي في الذائقة العربية مرتبط بلغتها، نحن نتحدث باللغة المكتوبة في هذه القصيدة، وحياتنا كلها مرتبطة بها، على عكس اللغة الفصيحة، فهي مرتبطة بنا بشكل أكاديمي، نحن لا نعرفها سوى في المدرسة، في كتب الدراسة، وفي الكتب التي نقرأها، بالتالي هي لغة الكتاب، وليست لغة التداول في الحياة، ولذا فارتباطنا بالشعر النبطي نابع من صلته المباشرة بحياتنا، أما الفصيحة فهي لغة نخبوية، لها قراؤها ومستخدموها القليلون، فلذا التركيز عليها قليل، والإعلام يجب أن يواكب ما يريده المشاهد على رقعة أوسع. ولكن لا يمكن أن نسميه مظلوماً فما زالت له مهرجاناته وأمسياته وقراؤه المجيدون والمحبون.
وتعتبر السيرة الذاتية حافلة بالغطاءات…
• نجاة الظاهري
• مواليد العين 1983
• حاصة على بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها من جامعة الإمارات عام 2008
• عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات
• سكرتيرة تنفيذية لفرع أبوظبي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات منذ عام 2022 حتى الآن.
• لها سبعة دواوين شعرية هي:
– جموح- الصادر عن مبادرة إبداعات شابة التابعة لوزارة الثقافة عام 2009
– عزلة- الصادر عن مبادرة أحمد محمد عبيد لرعاية الثقافة في الإمارات عام 2010
– الحلم البحر- الصادر عن مشروع قلم، التابع لدائرة أبوظبي للثقافة والسياحة عام 2010
– قراءة في نقوش الرخام- الصادر عن دار جميرا للنشر والتوزيع عام 2014
– ح.ب: أنت- الصادر عن دار مداد للنشر والتوزيع عام 2014
– غيمة مستعملة- الصادر عن اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون عام 2020
– الغاسق- الصادر عن منشورات غاف عام 2023
• لها العديد من المشاركة في أمسيات شعرية داخل وخارج الدولة، من أبرزها المشاركة في أيام الشارقة في مدريد عام 2019، المشاركة في أمسية شعرية احتفالية باختيار نزوى عاصمة للثقافة الإسلامية عام 2015، المشاركة في أمسية احتفالية باليوم الوطني الإمارات، في السعودية عام 2018
• حاصة على العديد من الجوائز، منها المركز الثاني في مسابقة الشعر الفصيح في جائزة الشيخ حميد بن راشد للثقافة والعلوم عام 2008، ونفس الجائزة عام 2014، بالإضافة إلى المركز الثاني في مسابقة أمير الشعراء في موسمه العاشر 2023، وجائزة أفضل كتاب إماراتي لمؤلف إماراتي فئة الإبداع الأدبي عن ديوان الغاسق، ضمن جوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب 2023.
• عملت محررة صحفية في مجلة زهرة الخليج من العام 2019 حتى 2020.
• تكتب الشعر العامي والفصيح، بشكليه العمودي والتفعيلة.
• كاتبة مقالات في جريدة الرؤية الإماراتية، منذ عام 2013 حتى عام 2016.
• أشرفت على مشروع (قلم جامعي) لرعاية المواهب الأدبية الطلابية، التابع لوحدة الأنشطة الطلابية، بجامعة الإمارات العربية المتحدة، فرع الطالبات، منذ تأسيسه عام 2009، حتى انتهاء فترة تطوعها في الجامعة عام 2018.
• مشاركة في تحرير الاستطلاعات الشعرية الخاصة بمجلة القوافي، الصادرة عن بيت الشعر، التابع لدائرة الثقافة في الشارقة.
• أقامت العديد من ورش تعليم البحور الشعرية وأساسيات القصيدة، في جامعة الإمارات، ومؤسسة التنمية الأسرية، ومركز لانتانا للثقافة للفنون.
• أدارت العديد من الأمسيات الشعرية، في معرض الشارقة للكتاب وبيت الشعر بالشارقة وفرع أبوظبي لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات، بالإضافة إلى إدارة مجموعة من الجلسات الثقافية والأدبية.