لقد أعاد التطور الرقمي تشكيل ملامح حياتنا اليومية بصورة غير مسبوقة، حتى أصبح جزءًا لا يتجزأ من طرق التفكير والسلوك الإنساني. ولكن يبقى السؤال الذي يفرض نفسه: هل يقود الإنسان التكنولوجيا، أم أن التكنولوجيا أصبحت قوة تعيد تشكيل الإنسان نفسه؟!
إن هذا التفاعل المعقد بين الإنسان والتكنولوجيا يدفعنا إلى تأمل العلاقة بين التفكير الواعي والسلوك الإنساني في ظل التحولات الرقمية المتسارعة. فبينما كان الهدف الأساسي للتكنولوجيا هو تحسين جودة الحياة، إلا أن الاستخدام غير الواعي قد يحولها إلى أداة تفقد الإنسان سيطرته على سلوكياته وعلاقاته الاجتماعية!
في هذا المجال، تُعد تجربة الدكتور السعودي عصام بن عبدالله الوقيت نموذجًا ملهمًا في كيفية تحقيق التوازن بين التقدم الرقمي والقيم الإنسانية. فقد استطاع المزج بين التقنية والإنسانية في رحلته المهنية، مما جعله أحد أبرز الأسماء في قيادة التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية.
ما يميز مسيرة الدكتور الوقيت أنه أدرك مبكرًا أن التكنولوجيا ليست غاية بحد ذاتها، بل وسيلة لتعزيز التواصل الإنساني وتطوير المجتمع. شغل الوقيت مناصب رفيعة في مؤسسات حكومية وأكاديمية، مثل إدارة مركز المعلومات الوطني وعضوية مجالس إدارة عدة مؤسسات تقنية، وكان دائمًا يؤكد على ضرورة توجيه التكنولوجيا نحو خدمة الإنسان، لا العكس.تمثل تجربة الدكتور الوقيت درسًا في القيادة الرقمية الواعية. فمنذ حصوله على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب من جامعة التقنيات المتعددة في إسبانيا، ظل يؤكد على أهمية التوازن بين التقدم التقني والحفاظ على القيم الإنسانية. لقد أثبت الوقيت أن التحول الرقمي الحقيقي لا يتحقق إلا بفهم عميق للسلوك الإنساني وقيمه الأساسية.
فالتكنولوجيا بحد ذاتها لا تحمل قيمًا، لكنها تصبح أداة لتحقيق الأهداف التي يضعها الإنسان. لذلك، يبقى الإنسان هو المحرك الأساسي للتحولات التقنية، شريطة أن يمتلك الوعي الكافي لتوجيه هذه الأدوات نحو تعزيز القيم الإنسانية!
واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الإنسان المعاصر هي كيفية تحقيق التوازن بين الاعتماد على التكنولوجيا والحفاظ على جودة العلاقات الإنسانية. فقد أدت وسائل التواصل الاجتماعي إلى تغيير مفهوم التفاعل البشري، مما جعل البعض يعيش في عزلة رغم توافر أدوات التواصل.
إن التفكير النقدي هو المفتاح لفهم هذا التحدي. فقد أظهرت أبحاث الدكتور الوقيت أهمية التمييز بين الحقائق والمعلومات المضللة في العالم الرقمي، مما يتطلب وعيًا نقديًا لدى المستخدمين. فالمعرفة لم تعد حكرًا على أحد، لكنها تحتاج إلى قدرة على التمييز والتحليل.إن الإنسان الذي يمتلك وعيًا نقديًا هو القادر على الاستفادة من التطور الرقمي دون أن يقع في فخ العزلة أو الإدمان. فالتكنولوجيا، مهما بلغت من تطور، لن تكون بديلًا عن القيم الإنسانية الأساسية مثل التواصل، الحب، والتعاطف.
إن التفكير الفلسفي الذي نستخلصه من هذا التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا هو أن الوعي الإنساني يجب أن يكون حاضرًا في كل استخدام رقمي. يجب أن تظل التكنولوجيا وسيلة لتحقيق الأهداف والقيم الإنسانية، وليست غاية في حد ذاتها.عندما يفقد الإنسان هذا الوعي، يتحول إلى مجرد مستهلك سلبي، مما يؤدي إلى ظواهر سلبية مثل العزلة الاجتماعية، الإدمان الرقمي، والوقوع في فخ المعلومات المضللة. لكن حين يتحلى الإنسان بالوعي النقدي، يصبح قادرًا على توجيه التكنولوجيا لتعزيز قيم التواصل، التعلم، والتطوير.
إن التجربة التي قدمها الدكتور الوقيت تفتح الباب أمام تفكير عميق حول دور التكنولوجيا في حياتنا. لقد أثبتت هذه التجربة أن التقدم التقني لا يمكن أن يكون بديلًا عن العلاقات الإنسانية، بل هو أداة لتعزيزها.
إن مستقبل التحول الرقمي يعتمد على الوعي، وعلى فهم أن التكنولوجيا ليست أكثر من انعكاس لطموحاتنا وقيمنا. وما لم نمتلك هذا الوعي، فإن التكنولوجيا قد تتحول من وسيلة إلى غاية تُعيد تشكيل إنسانيتنا بطرق قد لا نرغب فيها!