حوارات

الشاعر السعودي محمد ابو شرار : النص الحقيقي في الشعر يجب ان يجمع بين الجمال والقيمة في الكلام والمعنى

يحب الشعر ويتعامل معه بواقعية له أسلوب وطريقه استثنائيه يسير عليها يرسم أهدافه في الشعر على طريقة الكبار تحمل قصائده الكثير من المعاني الجميل
انه الشاعر الجميل محمد ابو شرار ضيفنا اليوم الذي تحدث معنا بكل صراحه عن هذا العشق الكبير .

س١/ لكل شاعر امتداد ونقطة ميلاد، هل كان في مسقط رأسك أو بيئتك أو في عائلتك من كنت له وريث المشاعر ومحكم للشعور لتكون شاعرا.

الشعر نفحة إلهية غير مرتبطة بالوراثة ، والشعر العربي اليوم امتداد لجينات امرئ القيس وزهير والنابغة ، وكبار الشعراء لم يورثوا أبناءهم الشعر إلا في حالات نادرة مثل زهير بن أبي سلمى وأبنائه ، فالمتنبي مثلا رغم ملازمة ابنه له وتنقله معه ، لم يرو عن ابنه بيت شعر واحد ، وبالنسبة لي فقد ولدت في بيئة شاعرة بيئة يتسلل غيمها إلى سريرك كل صباح وتصحو على نفح ريحانها وشيحها وترجيع عصافيرها ، وكل من حولي له تجربة مع الشعر ، ولكن الأثر الكبير كان لشقيقي الأكبر الشاعر عواض أبوشرارة فبه تأثرت ، وعلى يده أزهرت أولى القصائد ، وكان له الفضل أن وجه اهتمامي للشعر الفصيح رغم أنه كان أحد رموز الشعر الشعبي ، وقد جعلت له إهداء ديواني الأول .

 

س٢/ما الذي يقودك لتحاكي مخاض الشعر هل الإيقاع أم موسيقى الشعر أم كليهما؟

لحظة الإلهام الأولى لحظة محاطة بالغموض ، لايدرك تأويلها وسر انبثاقها إلا الخلاق العليم ، وأنا شاعر مترع بالغنائية لا أكتب إلا ما أغنيه ، وكل نص جاء بلا غناء فهو محض تجريب ، فكل قصيدة أكتبها أنشدها وأسجلها بصوتي وأكررها حتى أرضى عنها ، وعندي أن الإيقاع شرف الشعر العربي وكل نص بلا إيقاع فهو نص بلا شرف .

س٣/ هل تكتب رسالتك أم مشاعرك فقط على قالب شعري؟

قليلة جدا القصائد التي كتبتها دون أن أحملها رسالة ، وأنا مؤمن أن النص الخالد الحقيقي هو نص يجمع الجمال والقيمة ، وغالبا ماتكون الرسائل محملة على أجنحة الرمز والأسطورة وأحب كتابة النص المثقف ذي الدلالات والإشارات التاريخية والأسطورية .

 

س٤/ هل تنتمي لمدرسة شعرية معينة أو ثمت تصنيف لميولك الشعري؟

المدارس الشعرية من ابتكار النقاد ، وهي تصنيف جيد لأجل الدراسة فقط ، الشاعر الحقيقي كون خاص وحالة خاصة ومزاج خاص ، أما الشاعر الذي يلتزم طريقة خاصة للكتابة ويأطر نفسه فيها حتى لا يكاد يخرج عنها فهو غير حقيقي وهو أقرب لروح المؤلف منه لروح الشاعر .

س٥/للشاعر ميل نظمي معين أو يسكب على قالب شعري معين هل يقودك الوزن والبحر والقافية أم هي راحلتك الإبداعية تقود الطريق؟ 

الفصل بين القصيدة ووزنها في لحظة الإلهام ابتكره النقاد والدارسون لمحاولة فهم الحالة الإبداعية ، وعندي أن القصيدة مثل الوردة حينما تتشكل عطراً ولوناً لتكون ذاتا واحدة ، فلا أعلم قبل ميلاد القصيدة ما بحرها وماقافيتها وما ستتنتهي إليه ، أما القصيدة التي تحدد ملامحها قبل كتابتها فهي ورد صناعي .

س٦/ ماهو القالب الشعري الأقرب لنفسك الفخر، الحماسة، الغزل، أم أغراض معينة تحب أن تصيغ قصيدتك عليها؟

أنا أعيش حياتاً مرتجلة ، لا أحب التخطيط ولا الالتزام ، وقصائدي أينما ينتابني قلقي على رأي الثبيتي رحمه الله ، فليس لي غرض محدد أرهن نفسي للكتابة عنه ، ولكني أنتظر القصيدة كيفما جاءت .

 

س٧/ كيف ترى قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر؟ هل لك طريق لهذا النوع من الكتابة؟ 

الشعر مثل العطر ولا يعنيني شكل القنينة ، مع تحفظي على مصطلح قصيدة النثر كمصطلح لا كأسلوب كتابي ، ولكني أميل للموسيقى والغنائية في الشعر ، وقصيدة النثر حفلة رقص لشخص أصم .

س٨/ ما الذي يؤثر فيك لتكتب قصيدتك هل هو الموقف أو الهم الذاتي الذي بداخلك؟

ردود فعلي تجاه المواقف الحياتية بطيئة جداً ، ولكنها تتجذر في داخلي عميقا عميقا ، فلست ممن يكتب مباشرة عن الحدث ، ولكن أكتب حينما يختمر في حناياي ويصبح شعورا جارفا ، ويؤرقني الهم الإنساني أكثر من الذاتي ، وأغلب قصائدي عامة وليست ذاتية .

س٩/ إلى أي مدى تقودك القصيدة الفصيحة هل تعبر عنك بشكل جيد أم تجد جمهورك أو الفئة المستهدفة لهذه القصيدة تأخذك لتصنع مايريدون منك؟

أنا مخلص جداً للقصيدة ، وأمنحها كل حقوقها ، وأكون فيها أكثر تحرراً وصدقا واندفاعا ، وفي داخل النص أكون جريئا حد التهور ، وإن كنت عكس ذلك في حياتي العامة ، ولم أكتب نصا لغير وجه الشعر ، ولم أسترض بنص جمهورا قط ، بل أكتب ما أشعر به بصدق ربما قد يكلفني الكثير .

س١٠/ هل شعراء المعلقات لهم أثر ما عليك؟

أنت لن تقول للشجرة هل للجذور أثر في هذه الثمرة الزاهية ! إن شعراء المعلقات هم جذورنا التي قامت عليها حدائق الشعر ، وهم جيناتنا الأولى التي شكلت هويتنا ولغتنا ، فنحن الامتداد الطبيعي للآباء المؤسسين ، وأنا مازلت أتبتل في محراب الحارث بن حلزة ولبيد وغيرهما .

س١١/ هل تجد وجودك في مثل هذا المهرجان صلة بالرسالة الإنسانية التي حكمت قصيدتك ومفرداتك وتكون بها أثر تفاعلك مع الحدث؟

أن تحملك قصيدة واحدة لتكون ضيفاً مكرماً وتمنح جائزة من رجل الثقافة والعلم سمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ، كل هذا يجعلك تطمئن على أن رسالتك وصلت ، وأنك قادر بالكلمات أن تضيف لهذا الكوكب ولو أغنية واحدة تزيد رصيد الجمال ، وترجح كفة الوعي .

 

س١٢/ ماذا تعني لك المطالع الشعرية لحظة الإلقاء الشعري حين نتحدث عن المطلع للقصيدة المبتكرة بعيدا عن عادة الشعراء في استهلال قصائدهم؟

مطلع القصيدة هو وجهها ، وبادرة حسنها ، ومفتاح قلوب قرائها ، وكلما كان المطلع جميلاً كلما جذب قلوب عشاق الشعر ، وقبح المطلع قد يكون سببا لتعثر قصيدة عظيمة ، كما أن قبح وجه الفتاة قد يعثرها أمام الحب والزواج ، وإن كانت بروح ملاك .

 

س١٣/ هل القافية في وقتنا الحالي مجال لدهشة المستمع ولفت لانتباه الشعراء حين يقدم شاعر متمكن قافية نادرة أو ذات إيقاع جديد الحبكة؟

النص العمودي له جناحان الوزن والقافية ، وإن ضعف أو اختل أحد جناحيها ؛ هوت !
القوافي النادرة لايخلو التعامل معها من شيء من الصنعة ، ولكن القافية المتناسبة مع روح القصيدة التي تأتي بلا تكلف ولا قلق ، تضيف للنص ، وحين إلقائه تزيده جمالا وإيقاعا ومتعة ، ويصبح المتلقي في حالة ترقب وشوق  لكل قافية جديدة .

 

س١٤/ هل تعتبر القصيدة العمودية الكلاسيكية ذات نمط مستهلك ومجرد قالب يركب عليه الشاعر أم أن الحداثة والتجديد أخذ مأخذ فيها؟

لي رأي أكرره وأحاول أن أرسخه في ذهن كل ذي ذوق ، إن من ينظر للبحور الشعرية على أنها قوالب يتم ملؤها فهو لا يفقه من الشعر شيئاً ، البحور الشعرية للنص العمودي هي بمثابة الأوتار للعود ، نعم الأوتار عددها محدود ؛ ولكن التنويع عليها لانهائي ! فالوتر ليس قالبا يتم ملؤه ! 
وكذلك البحور هي أوتار يداعبها كل شاعر بريشته الخاصة . قد يقلد أحدهم لحن الآخر ، وهذا تقصير منه وليس عجز في الوتر !

 

س١٥/ هل توجد قصائد تم كتابتها خاصة بحدث المهرجان خصيصا هذا العام؟

حضرت لتسلم جائزة القوافي الذهبية ، وإلقاء النص الفائز أمام سمو حاكم الشارقة ، أما أمسيات المهرجان فلست مشاركاً فيها ، بل جئت ضيفاً ، وأتشرف بالحضور للأصدقاء والاستماع لهم .

 

س١٦/يقال أن لكل شاعر طقوس للكتابة والإلهام فهل لك طقس خاص يمكن أن تكشفه لنا لبناء قصيدة؟

لحظة الإلهام عندي لحظة حساسة جداً ، غير قابلة للتأجيل أو المقاطعة ، ولهذا أميل للعزلة في حياتي العامة واليومية ، وكثيراً ما أكون خارج المدينة لحظة الكتابة فأقصد المناطق المرتفعة ، أو البر الفسيح الممتد ، ولا أستطيع الكتابة في المقاهي أو أماكن الصخب ، ربما أراجع وأرتب وأعدل في المقهى أما النص الجديد فأعتزل لأجله خارج البيت والمدينة قدر الإمكان ، أو في المنزل بشروط صارمة ، وأهمها الهدوء وعدم المقاطعة ، وأحب من الأوقات آخر الليل وساعات الفجر الأولى .

س١٧/ من هم أبرز الشعراء المعاصرين في رأيك وهل توجد قصائد ما تعتبرها معلقة هذا الزمن؟

لم أعد أقبل مصطلح ( أفعل التفضيل) في مثل هذا الطرح ، أفضل شاعر أجمل بيت أفضل قصيدة ، وأظن أن الوعي الجديد يجب أن يتجاوز هذا الأمر ، هناك نصوص عالية وكل منها يمثل قمة خاصة ، وهناك تجارب شعرية كبيرة كل منهم يمثل كوناً خاصاً ومزاجاً خاصاً .

س١٨/ الشواهد على العصر كثيرة هل توجد قصيدة فصحى حاليا شاهد على العصر؟

هذا عصر الصورة والميديا وهي خير شاهد عليه ، أما الشعر فإنه فقد وظيفته الإعلامية ، وبقيت له قيمته الفنية والجمالية ، ولذلك فإن تلقي الشعر اختلف وأصبح البحث عن الصورة الشعرية والجملة الشعرية أكثر من فكرة القصيدة/المعلقة التي يرددها الناس ويحفظونها .

 

س١٩/ هل أمير الشعراء في زمننا الحالي يحمل صفة شعراء المعلقات؟ 

زمن إمارة الشعر انتهى ، ويجب أن نساهم في مراسم تشييعه ودفنه ، هناك نصوص عالية ، وومضات بديعه ، وصور شعرية معبرة ، وهناك لكل شاعر كونه الخاص .

س٢٠/ هل الشاعر الفصيح مظلوم إعلاميًا وحضوريًا مقارنة بشعراء النبط والشعر الشعبي الأكثر تداول بين الناس؟

لا أحب المظلوميات والبكائيات ، حينما يستطيع الشاعر الفصيح أن يقترب ويؤثر في مزاج الناس فسوف يتداولونه ، نزار قباني لم ينتظر بطاقة عبور من الإعلام ، بل اقتحم الشارع فأحبه الجمهور وصفقوا له وتداولوا شعره ، والشعراء الشعبيون أقرب لقلوب الناس لأنهم يكتبون همومهم ويعيشون حياتهم ، بينما كثير من شعراء الفصحى منفصلون عن المجتمع ، ويعيشون مع أوهامهم فقط .

زهير بن جمعه الغزال

مراسل شفق المنطقة الشرقية الأحساء 31982 ص ب 5855 موبايلي 00966565445111

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى