مقالات

البرنامج الوثائقي لكأس آسيا الأول١٩٨٤م

ضيف الله مهدي :
صباح هذا اليوم وأنا أفطر زلابية ومعي ابني خالد يدرس دبلوم فوق البكالوريوس ، تابعت بكل شوق ولهفة وحب وعاطفة البرنامج الوثائقي الذي قدمته القناة الرياضية لأول كأس آسيوي فاز به المنتخب السعودي في عام ١٩٨٤م ، كنت أدرس في السنة الثالثة بكلية التربية بجامعة الملك سعود ـ فرع أبها . كان عمري في ذلك العام ٢١ سنة وبضعة أشهر . كان منتخبا جميلا في كل شيء ، مدرب وطني ولا أروع وهو الكابتن خليل الزياني . كانت إدارة كرة ولا أروع بقيادة الكابتن فهد الدهمش يرحمه الله .. كانوا لاعبين ولا أروع بقيادة أروع قائد وهو صالح النعيمة ، وحراسة عبد الله الدعيع وحسين البيشي ومحمد عبد الجواد وناصر المنصور ويحيى عامر ويوسف خميس وفهد المصيبيح وماجد عبد الله ومحيسن الجمعان وشائع النفيسة يرحمه الله وبندر الجار الله ومحمد المطلق وغيرهم ممن نسيت أسماءهم . جاء الانتصار في سانغفورة بعد انتصارات ظهرت فيها أيضا والتأهل لألومبياد لوس أنجلوس ، وكانت شخصية المنتخب السعودي قد ظهرت مع خليل الزياني . جاءت الانتصارات بعد سلسلة إخفاقات مع المدربين البرازليين مانلي وزاجالو . كنا مهيئين للفرح مع المدرب الوطني السعودي خليل الزياني وكوكبة اللعيبة المذكورين . كانت المباريات تنقل مباشرة من سنغافورة وكان التوقيت عندنا من الواحدة إلى الثانية بعد الظهر تقريبا . كنت أترك بعض المحاضرات من أجل متابعة المنتخب . تعملق عمالقتنا فهزموا تقريبا كل المنتخبات ، وختموا ذلك التعملق بالانتصار الكبير على الصين وبهدفين ما زالت في الذاكرة وستظل ولن يمحيها الزمن وتقادم العمر مهما كان ، وكان الهدف الأول بقدم شايع النفيسة من خارج منطقة الجزاء والثاني بقدم العملاق السهم الملتهب الجوهرة السوداء بيليه الصحراء، ماجد أحمد عبد الله .. حينما قطع عبد الجواد الكرة من اللاعب الصيني ومررها لماجد في منتصف الملعب وبدوره كسر كل طاقم الصين وسجل هدفا خرافيا لا يسجله إلا ماجد .. رغم أنه قد سجل مثله في فريق هامبورج الألماني مع منتخب الخليج في الكويت في عام ١٤٠٠هـ ، وسجل سعيد العويران مثله في بلجيكا في مونديال ١٩٩٤م بالولايات المتحدة الأمريكية . لكن أهداف ماجد لها طعم ومذاق خاص . فرحت كثيرا أنا وزملائي في السكن وكل سكان السعودية بانتصار المنتخب وتحقيقه لأول كأس آسيوي . صيحنا وصعقنا وغطرفنا ورقصنا ، ونزلت ومعي الكثير من الجوازنة ومعنا شريط زلاف ورقصنا في الدوار الذي بالقرب من السوق ونحن نسكن في سكن الطلاب في عمارة الراجحي في أبها ، وبقينا نفرح ونرقص من بعد صلاة العصر حتى أذن مغرب . ومن بعد المغرب حتى أذن عشاء ومن بعد العشاء حتى الساعة ١٢ منتصف الليل .وبعد هذا الانتصار توالت انتصارات الكرة السعودية على المستوى الآسيوي وفاز المنتخب بالكأس الثاني في دوحة قطر في عام ١٩٨٨ ، وفي ١٩٩٢ قابل على الكأس وهزم من اليابان بهدف وحيد ثم عاد وقابل الامارات في ١٩٩٦ وفاز بضربات الترجيح على منتخب الإمارات . وبعد ذلك لم يحقق كأس آسيا رغم أنه قابل على النهائي مرتين وهزم من اليابان والعراق بنتيجة هدف واحد.
كنت أتابع البرنامج الوثائقي وأنا في فرح وحزن ، فرح بتلك الانتصارات وحزن على أناس قد رحلوا عن دنيانا ، ولاعبين لم نعد نشاهدهم . وبكيت على فهد الدهمش يرحمه الله . وبكيت على العمر اللي راح وشايع النفيسة ومن كان يشاهد معنا فقد تداعت المعاني تداعيا مطلقا . كنت أخبر ابني بأسماء بعض اللاعبين وفرقهم ، وكان يقول لي من جميع الفرق المنتخب ؟ قلت نعم ، وشايع النفيسة من فريق اسمه الكوكب كان في الدرجة الأولى وبندر الجار الله من أحد في الدرج الأولى كان .
أغاني جميلة صاحبت تلك الانتصارات ( الله الله يا منتخبنا ـ طلال سلامة ، يا ناس الأخضر لا لعب بركان يتفجر غضب ـ طلال مداح يرحمه الله ) وغيرها من الأغاني. أكتب هنا وعمري الحقيقي اليوم ٦٣سنة أما في البطاقة فعمري ٥٨ سنة . ولكني أكتب بمشاعر طالب جامعي عمره ٢١ سنة . شاهدت البرنامج الوثائقي فرجع بي العمر إلى ٢١ سنة فقمت أغني مع الطلالين وأرقص مع الانتصارات وابني يتعجبون مني ، فقلت له ولمن شاهد : لا تلوموني تروا مو مني ، الأخضر جنن عقلي .. أولادي قالوا : متى كانت هذه المباريات ؟ ، قلت : وأنتم ما زلتم في علم الغيب . علق على تلك الانتصارات الرائع / علي داود ، وبرفقته محمد عبد الرحمن رمضان . زمان آه يا زمان .
لاعبي اليوم حق فلوس ـ لا عبي أندية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى