مقالات

عجّلت الرحيل يا صديقي

خاطرة في توديع فقيد الساحة الأدبية الدكتور عبدالله المعطاني د.سماح حمدي

 

يقول التقرير الطبي ، وأخبار اليوم أنك لم تعد هنا .. نعم ، هكذا ببساطة تنقل لي أنك أصبحت من الماضي ، وأننا إن ذكرناك أدخلنا ناسخ الشؤم كان في حديثنا، و أني من هنا فصاعدا سأتحدث عنك ولن أتحدث معك أبدا !

فهل أصدّق يا صديقي ؟؟ هل يستوعب عقلي أني لن أضغط على رقمك مجددا ولن ألقى رسائلك الصباحية اليومية ولن نتهاتف صباح الأحد ؟ هل أستوعب فكرة قدومي لجدة دون أن نلتقي ونحتسي القهوة معا ونتحدث و نتناقش و أمدك بحلويات تونس التي تحب؟ ما حال جدة بعدك يا رجل ؟ ما حال مجالس أدبها وفكرها وسياستها يا فارس المجالس ؟ هل أصدّق الصورة التي فتّتت وتين قلبي يا أخي ؟ أصحيح أنك كنت المسجّى والمصلّى عليه ؟ ألن أسمعك ترحب بمكالمتي “هلا وغلا ، هلا بالدكتورة سماح هلا” ؟ ألن تكون معنا في المشاريع الكثيرة التي خططنا لها ؟ ألن تحكي لنا عن مآثر سموّ الأمير خالد الفيصل حفظه الله وقصصكما المشتركة؟

من للمظلوم بعدك ينصره ؟ من للحائر بعدك يهدئ روعه؟ من للخائف بعدك يدفعه ويشجعه؟ من للتائه يهديه الطريق؟
أعرفك الموت حتى يأخذك؟ أظن أنه يعرفك ..وإلا ما فجعنا و رحل بك بعيدا …بعيدا .. كيف سلّمت له نفسك ؟ هل كنت تريد الرحيل فعلا ؟ كيف استسلم قلبك الطيب له ؟ قد تكون رأيت عالما أفضل من عالمنا ينتظرك ويفتح أبوابه لك فطرت إليه وتركتنا دون وداع… آه من الوداع يا صاحبي!
ما كنت أحسب أني مودّعتك بهذه السرعة .. ما كنت أتخيل أني سأنعاك يا أخي … ما كنت أظن أني قد أرثيك هكذا..بهذه البساطة … قلوبنا هي التي تستحق الرثاء وقد تمزق وتينها، أعيننا هي التي تستحقّ الرثاء وقد أضناها دمعها …
أحقا رحلت يا زينة المجالس و أسد العرين؟ أغادرت فعلا يا سند الرفاق والعابرين ؟ ألم تعد هنا يا صديقا في زمن عز فيه الصديق و رفيقا ضنّ فيه الرفيق ؟
ألن نسمع حكاياك عن الدراسة والتدريس ومجلس الشورى وهيئة حقوق الإنسان ؟ ألن تقص علينا ذكريات الطفولة والشباب؟ ألن تتحدث بحبّ عن ابنتك سحر؟ ايه يا سحر..كيف حال قلبك بعده يا سحر ؟ ألن تنشد الشعر الذي تنظمه وتحفظه؟ ألن تحدثنا عن هذيل و أخيك فهد ؟ ألن نخطط لزيارتك وعائلتك لتونس ؟ ألن نخوض في الشعر ونقده؟ …
عبدالله المعطاني يا فتى العطاء اللامحدود ، يا حصنا كم قد أوى له أصحاب الحاجات، يا فارس المجالس ، يا أستاذا قدّم للعربية ولأكاديمية الشعر العربي الكثير واعتبرنا و كل طلبته أبناءه ، يا صديقا بقلب والد ووقفة أخ ، يا قلبا خيّرا أحب الجميع بلا حدود، يا نفسا طاهرة زكية لم يدنّسها جشع أو شرّ، يا ضميرا حيا عمل عقودا بلا كلل أو ملل أو تقصير ، يا يدا كم قد امتدت للمحتاجين تشد من أزرهم، يا روحا كانت تخترق الجغرافيا وتربت على كتفي هنا في تونس لتشد من أزري وتسأل عني وعن عائلتي فتحل محل والدي الذي رحل …أستودعك الرحمان الرحيم ، هو عزاؤنا في مصابنا العظيم ..
لن ننساك يا أخي .. سنذكرك دوما ونذكّر بك ..
اللهم لا اعتراض على قضائك
اللهم صبرا ، اللهم جبرا
اللهم إنه بين يديك وأنت أرأف به منا وهو عبدك وأنت أدرى به منا فارحمه واجعل قبره روضة من رياض الجنة ..
اللهم إنك تدري حجم رزئنا وثقل مصابنا فاربط على قلوبنا يارب العالمين ..اللهم إنك تشهد أني أتجرع بفقده من كأس اليتم مرة أخرى فارزقني وكلّ أحبابه الصبر ..
وداعا ..وداعا يا والدنا ..

زهير بن جمعه الغزال

مراسل شفق المنطقة الشرقية الأحساء 31982 ص ب 5855 موبايلي 00966565445111

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى