الثقافيةمقالات

الغيرة عند الأطفال .. د . ضيف الله مهدي

الغيـرة هي العامل المشترك في الكثير من المشاكل النفسية عند الأطفال وأقصد بذلك الغيرة المرضية التي تكون مدمرة للطفل والتي قد تكون سبباً في إحباطه وتعرضه للكثير من المشاكل النفسية . والغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب ، ويجب أن تقبلها الأسرة كحقيقة واقعة ولا تسمح في نفس الوقت بنموها ، فالقليل من الغيرة يفيد الإنسان ، فهي حافز على التفوق ، ولكن الكثير منها يفسد الحياة ، ويصيب الشخصية بضرر بالغ ، وما السلوك العدائي والأنانية والارتباك والانزواء إلا أثراً من آثار الغيرة على سلوك الأطفال . ولا يخلو تصرف طفل من إظهار الغيرة بين الحين والحين ، وهذا لا يسبب إشكالا إذا فهمنا الموقف وعالجناه علاجاً سليماً. أما إذا أصبحت الغيرة عادة من عادات السلوك وتظهر بصور مستمرة فإنها تصبح مشكلة ، ولاسيما حين يكون التعبير عنها بطرق متعددة والغيرة من أهم العوامل التي تؤدى إلى ضعف ثقة الطفل بنفسه ، أو إلى نزوعه للعدوان والتخريب والغضب. والغيرة شعور مؤلم يظهر في حالات كثيرة مثل ميلاد طفل جديد للأسرة ، أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على رغباته ، ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات ، أو الشعور بالنقص الناتج عن الإخفاق والفشل والواقع أن انفعال الغيرة انفعال مركب ، يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب ، وقد يصاحب الشعور بالغيرة إحساس الشخص بالغضب من نفسه ومن إخوانه الذين تمكنوا من تحقيق مآربهم التي لم يستطع هو تحقيقها . وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان ، وقد يصاحبها مظاهر تشبه تلك التي تصحب انفعال الغضب في حالة كبته ، كاللامبالاة أو الشعور بالخجل ، أو شدة الحساسية أو الإحساس بالعجز ، أو فقد الشهية أو فقد الرغبة في الكلام.
ولعلاج الغيرة أو للوقاية من آثارها السلبية يجب عمل الآتي :
١- التعرف على الأسباب وعلاجها.
٢- إشعار الطفل بقيمته ومكانته في الأسرة والمدرسة وبين الزملاء .
٣- تعويد الطفل على أن يشاركه غيره في حب الآخرين .
٤- تعليم الطفل على أنالحياة أخذ وعطاء منذ الصغر وأنه يجب على الإنسان أن يحترم حقوق الآخرين .
٥- تعويد الطفل على المنافسة الشريفة بروح رياضية تجاه الآخرين .
٦ـ بعث الثقة في نفس الطفل وتخفيف حدة الشعور بالنقص أو العجز عنده .
٧ـ توفيرالعلاقات القائمة على أساس المساواة والعدل ، دون تميز أو تفضيل على آخر ، مهما كان جنسه أو سنه أو قدراته ، فلا تحيز ولا إمتيازات بل معاملة على قدم المساواة .
٨ـ تعويد الطفل على تقبل التفوق ، وتقبل الهزيمة ، بحيث يعمل على تحقيق النجاح ببذل الجهد المناسب ، دون غيرة من تفوق الآخرين عليه ، بالصورة التي تدفعه لفقد الثقة بنفسه.
٩- تعويد الطفل الأناني على احترام وتقدير الجماعة ، ومشاطرتها الوجدانية، ومشاركة الأطفال في اللعب وفيما يملكه من أدوات .
١٠ـ يجب على الآباء الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل ، فلا يجوز إظهار القلق والاهتمام الزائد بتلك المشاعر ، كما أنه لا ينبغي إغفال الطفل الذي لا ينفعل ، ولا تظهر عليه مشاعر الغيرة مطلقاً .
١١ـ في حالة ولادة طفل جديد لا يجوز إهمال الطفل الكبير وإعطاء الصغير عناية أكثر مما يلزمه ، فلا يعط المولود من العناية إلا بقدر حاجته ، وهو لا يحتاج إلى الكثير ، والذي يضايق الطفل الأكبر عادة كثرة حمل المولود وكثرة الالتصاق الجسمي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده. وواجب الآباء كذلك أن يهيئوا الطفل إلى حادث الولادة مع مراعاة فطامه وجدانياً تدريجياً بقدر الامكان ، فلا يحرم حرماناً مفاجئاً من الامتياز الذي كان يتمتع به.
١٢- يجب على الآباء والأمهات أن يقلعواعن المقارنة الصريحة واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعداداتها ومزاياها الخاصة بها
١٣- تنمية الهوايات المختلفة بين الأخوة كالموسيقى والتصوير وجمع الطوابعوالقراءة وألعاب الكمبيوتر وغير ذلك , وبذلك يتفوق كل في ناحيته ، ويصبح تقيمه وتقديره بلا مقارنة مع الآخرين .
١٤- المساواة في المعاملة بين الابن والابنة ،لآن التفرقة في المعاملة تؤدى إلى شعور الأولاد بالغرور وتنمو عند البنات غيرة تكبت وتظهر أعراضها في صور أخرى في مستقبل حياتهن مثل كراهية الرجال وعدم الثقة بهم وغير ذلك من المظاهر الضارة لحياتهن
١٥ـ عدم إغداق إمتيازات كثيرة على الطفل المريض، فأن هذا يثير الغيرة بين الأخوة الأصحاء ، وتبدو مظاهرها في تمنى وكراهية الطفل المريض أو غير ذلك من مظاهر الغيرة الظاهرة أو المستترة .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى