د. نورة المري لـ”سبق”: القيادة أكثر مَن دعم المرأة.. وعدم النقل “العلني” للجلسات أضعَفَ صورة “الشورى” وبعض أنظمته خذلتنا
متابعات
– ما لقيته المرأة السعودية في عهد القيادة الرشيدة تجاوَزَ الكثير من المراحل.
– المرأة نضجت تجاربها وسبقت بها الكثير من تجارب ومؤهلات النساء في العالم.
– ما تبقّى من معوقات هو مخرجات التصور المجتمعي أكثر من مسألة التشريعات أو الأنظمة.
– المرأة في “الشورى” أثبتت ما تتميز به برلمانيًّا من صوت شفاف قوي.
– الصورة الذهنية عن مجلس الشورى تأثرت بعدم النقل العلني والمباشر لجلساته.
– الإعلام مقصّر في نقل الصورة الحقيقية لعمل أعضاء “الشورى” باعتباره ممثلًا لصوت المواطنين ومطالبهم المختلفة.
– بعض أنظمة “الشورى” لم تساعد أعضاءه في تقديم المأمول منه وما يطمح له الأعضاء.
نحتاج أن نسخّر أدواتنا الحقوقية ليس للدفاع؛ وإنما للهجوم على من يتحين الفرص لمهاجمتنا باسم حقوق الإنسان.
– دور المتحدث الرسمي للجهة الحكومية على مواقع التواصل ضعيف جدًّا لقصوره في التفاعل مع الجمهور.
– وضعت تعريفًا عمليًّا بمجلس الشورى في حسابي في “بايو تويتر” لهذا السبب، وفتحت الخاص لأنقل معاناة الناس.
في حديثها لـ”سبق” لم تتوانَ د.نورة المري عضو مجلس الشورى السعودي- نائب لجنة الهيئات الرقابية في الشورى سابقًا ونائب رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي حاليًّا؛ لم تتوانَ عن التصدي لأبرز الأسئلة والتصورات الشائعة في الكثير من الجوانب سواء عن مجلس الشورى أو عن المرأة السعودية وحاضرها، وصولًا إلى طرح الحلول حول أبرز القضايا المجتمعية.
د.”المري” أكدت أن المرأة السعودية نضجت تجاربها من سنوات طويلة، وأنها في “الشورى” أثبتت ما تتميز به برلمانيًّا من صوت شفاف قوي.
وأشارت إلى أن عمل مجلس الشورى يتجاوز وضع التوصيات، إلى جوانب كثيرة؛ منها التعديل على الأنظمة؛ طارحة الحلول حول مشكلة قصور التعاون بين هيئة حقوق الإنسان والجهات الحكومية؛ مما عطّل تطبيق بعض الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة.
وأكدت د.”المري” أن المرأة في مجلس الشورى لا تقل عن الرجل سواء كان على مستوى الصلاحيات أو المزايا؛ نافية أن عضوات الشورى اهتمامهن منصبّ فقط على قضايا المرأة، وهذه هي الأدلة.
واعتبرت د.”المري” أن طبيعة المرحلة الحالية تستلزم هذه التحولات السريعة، وأن على الجميع أن يستوعب هذه التحولات.
ولم يخلُ حديث د.”المري” من الدفاع عن مجلس الشورى؛ مؤكدة أن التجربة الشورية السعودية سينالها التغيير، وأن عمل المجلس يتجاوز التوصيات إلى التعديل على الأنظمة.
تفاصيل أكثر عمقًا وشفافية في ثنايا الحوار:
ـ بشكل عام حظيت المرأة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، بالكثير من الاهتمام؛ حيث مُكّنت من تولي مناصب عدة كانت مقتصرة على الرجال.. البعض يرى أن تمكين المرأة يجب أن يتم تنفيذه برؤية متزنة كما تأمل القيادة؛ حيث إن وتيرة التوظيف للمرأة ربما تتم بشكل أسرع يتجاوز أهلية ومؤهلات بعض الشابات لسوق العمل؟
لا شك أن المرأة في عهد سيدي الملك سلمان وولي عهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- لقيت من العناية والاهتمام ما تجاوز كثيرًا من المراحل بفضل الله ثم بفضل رؤية القيادة الحكيمة المستقبلية لواقع المرأة السعودية؛ فهي امرأة نضجت تجاربها من سنوات طويلة سبقت التجارب والمؤهلات العلمية لكثير من تجارب ومؤهلات النساء في العالم، وكانت تنتظر فقط تيسير التشريعات والأنظمة التي تسمح لها بأن تكون شريكًا كاملًا في التنمية على جميع المستويات والمجالات الاقتصادية المتعددة في عصر التحول الرقمي والاقتصادي؛ فطبيعة المرحلة الحالية تستلزم هذه التحولات السريعة والحراك المتنامي؛ حتى وإن ظهرت بعض الأخطاء المرحلية بسبب اختلاف المعروض في سوق العمل عن التخصصات العلمية لبعض الفتيات، والمرحلة المقبلة من خصخصة للجامعات والأقسام العلمية كفيلة بردم هذه الفجوة قريبًا، والمهم حاليًا والذي أرى أن نركز عليه هو أن يستوعب جميع أفراد وفئات المجتمع هذا التحول، ويسيرون معه بالخطى نفسها؛ فما تبقى من معوقات هو مخرجات التصور المجتمعي أكثر من مسألة التشريعات أو الأنظمة التي كانت من ضمن العراقيل، واستطاعت القيادة -حفظها الله- تمهيد الطريق للمرأة بقرارات ملكية سيادية؛ إيمانًا بقدراتها ودعمًا لها في مواجهة بعض العادات التي تقف في طريق تمكينها من حقوقها.
ـ ما هو تقييمك لتجربة المرأة في العمل البرلماني -إن صحت المقاربة- من خلال تواجدك في مجلس الشورى كيف ترين ذلك؟
من خلال معاصرتي لما يدور داخل المجلس؛ فإن المرأة لا تقل عن الرجل سواء كان على مستوى الصلاحيات أو المزايا، فهي في فترة قصيرة لا تتجاوز سبع سنوات استطاعت إثبات نفسها وما تتميز به برلمانيًّا من صوت شفاف قوي؛ سواء في المداخلات أو وضع التوصيات أو في تعديل التشريعات، كما أعطت صورة وانطباعًا جيدًا عن المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية، وعكست الصورة الحقيقية للمرأة السعودية المثقفة القادرة على الدفاع عن بلادها وتمثيله على أعلى المستويات؛ فتمكنت المرأة السعودية على صعيد المشاركة السياسية من نقل صورة جيدة للعالم في مدى تقبلها للآخر، واحترام الثقافات المختلفة، ورقي الحوار داخل المجلس وفي لجان الصداقة البرلمانية والوفود الرسمية، وتميزت هذه الدورة بتنوع التخصصات العلمية والاهتمامات والمناطق وارتفاع سقف الحرية والشفافية في الطرح، وهي ملاحظات جديرة بالوقوف عليها والإشادة بها؛ لا سيما أنها تمهّد لنقلة نوعية في التجربة الشورية السعودية، وكيف يمكن أن تستفيد منها التجارب البرلمانية الأخرى في تعزيز الاحترام وتقبل الرأي الآخر وفي المقابل كيف يمكن للتجربة الشورية السعودية أن تتطور دون أن تتأثر هذه القيم.
– الكثيرون يرون أن المجلس لا يتجاوز عمله رفع توصيات لصانع القرار. إن كنت توافقين على ذلك هل تتوقعين تطور التجربة البرلمانية للمجلس وحضوره “الفعلي” في تحقيق تطلعات القيادة والمواطن؟
عمل المجلس لا يقوم فقط على رفع التوصيات؛ وإنما مهامه الأصلية أكبر من ذلك؛ ومنها التعديل على الأنظمة لتتوافق مع التطور ولتتوافق مع الاتفاقيات التي صادقت عليها المملكة، ووضع مقترحات لتشريعات وأنظمة يحتاجها المجتمع. ولا يلام هؤلاء في تصورهم المسبق عن المجلس؛ كون جلسات المجلس لا تُبث مباشرة؛ ناهيك عن أن الإعلام مقصّر كذلك في نقل الصورة الحقيقية لعمل أعضاء المجلس، ويفترض به أن يكون هو حلقة الوصل، ويكون التركيز على مجلس الشورى تحديدًا باعتباره ممثلًا لصوت المواطنين ومطالبهم المختلفة. ولا يخفى عليكم أن بعض الأنظمة واللوائح لم تساعد عضو المجلس في تقديم المأمول منه وما يطمح إليه العضو نفسه، وأوحت بأن توصيات المجلس غير ملزمة؛ لأن التوصيات تكون مبنية على تقارير حكومية، ولم يفتح الشأن العام الذي يلامس عن قرب احتياجات المواطن للإعلام حتى يظهر مدى تفاعل العضو مع قضايا المجتمع المعاصرة والآنية، وأكاد أجزم أن التجربة الشورية السعودية في السنوات القليلة القادمة سينالها التغيير والتحديث لتلحق ببقية مناحي التنمية؛ لكن إن تأخرت بعض الشيء فهو يرجع إلى طبيعة القوانين والأنظمة التي تستغرق وقتًا أطول من الدراسة والبحث قبل تطبيقها والعمل بها حتى تتشرب صفات الديمومة والثبات والتعميم.
– هل تتفقين مع من يرى أن هناك صراعًا غير معلن بين الصوت النسائي في المجلس وبين الصوت الذكوري من جهة، وصراع داخل نفس المعسكر النسائي نفسه من جهة أخرى.. هل يمكن أن تسوقي لنا شواهد تدعم إجابتك سواء بنعم أو لا؟
لا يوجد صراعات بالمعنى المتعارف عليه عند عامة الناس؛ وإنما قد يوجد نوع من الصراع الإيجابي الناتج عن اختلاف وجهات النظر الفلسفية، من الطبيعي أن توجد في بيئة صحية للحوار، وإن كان المجلس يضم أعضاء بتخصصات مختلفة ومناطق متنوعة وتيارات فكرية متعددة؛ لكن الخلفية الفكرية الثقافية العالية عند معظمهم لا تجعلهم يتجاوزون الاختلاف في وجهات النظر إلى الإساءة لأشخاص بعينهم أو تجعل هذا الاختلاف يتحول إلى صراع سلبي يصعب السيطرة عليه! فالغايات السامية والثقة الملكية التي أوصلتهم إلى قلب الوطن ومنبع التشريعات والصوت الذي يستمع له مولاي الملك سلمان بن عبدالعزيز وكأنه يستمع إلى جميع أبناء شعبه؛ كفيلة بتقليص الفجوات بين الأهداف والمصالح، وما داموا قد جاؤوا من بيئات مختلفة وتخصصات متنوعة فهم ليسوا مُطالبين بأن يكونوا صوتًا واحدًا إلا فيما يتعلق بحب الله ثم المليك والوطن؛ لذلك لا يصح أن نشبه اختلاف وجهات النظر بأي نوع من أنواع الصراع السياسي أو السلبي؛ فجميعنا جاء لهدف واحد سامٍ وهو حب الوطن والعمل على تمثيله بأحسن ما يكون وجميعنا يدرك قيمة الثقة الملكية وعظمها وعِظَم القسم الذي أقسمنا عليه، وجميعنا يعلم أن الله منحه فرصة عظيمة ليرد بعض جميل ودين الوطن عليه، وأن صوته لا يمثله هو فقط؛ فعليه أمانة ومسؤولية كبيرة؛ إذ كلما زادت الصلاحيات زادت معها المسؤوليات؛ لذلك فوجود أي صراع معلن أو غير معلن لا يتجاوز الصراع الإيجابي الذي لا ننكر دوره المهم في التغيير والتطور.
– هل يمكن القول إن سيدات الشورى -كما يوصفن أحيانًا- يقفن خلف قضايا المرأة كأولوية؟
عضوات الشورى اهتمامهن ليس منصبًّا فقط على قضايا المرأة؛ وإنما مسؤوليتهن لا تقل عن مسؤوليات عضو الشورى الرجل في الوقوف خلف جميع القضايا المجتمعية مثل الطفل والعاطلين والخدمات؛ كالتعليم والمرافق العامة والسكن وغيرها؛ لكن قد تكون بعض النواحي الخدمية معطلة عند المرأة أكثر من الرجل، وهو ما يتنافى مع حقوق المواطنة الكاملة؛ فتسعى العضوات إلى تفعيلها والتأكيد عليها باعتبار أنها أقرب إلى رحم معاناة بنات جنسها، ونظرتها قد تختلف عن زاوية نظرة الرجل إلى بعض الأمور التي تخصها.
– تواجه المملكة هجمات شعواء معروفة المقاصد.. كيف تريْن الجهود التي تقوم بها المملكة على صعيد تنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان؟ وماذا ينتظر تدعيم ذلك مستقبلًا؟
أظن أننا تعودنا أن نكون دائمًا في خط الدفاع؛ وهذا مما زاد من حدة الهجوم وتجرؤ البعض على قيمنا وموروثاتنا.. نحتاج أن نسخّر أدواتنا الحقوقية ليس للدفاع وإنما للهجوم على من يتحين الفرص لمهاجمتنا باسم حقوق الإنسان، ونحن تتجاوزهم كثيرًا في تطبيق المبادئ الإنسانية، وهذا لن يتحقق إذا لم يتم تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وبدأنا من التعليم الأساسي المرحلة الابتدائية لفتح مدارك أولادنا من الصغر على العالم وثقافاته المختلفة عن طريق تدريس الفلسفة والنقد والفن والتاريخ العالمي وموقعنا الثقافي والاقتصادي فيه.
المملكة صادقت على العديد من الاتفاقيات؛ لكن ما زال الكثير منها معطلًا بسبب عدم التكامل والتعاون بين هيئة حقوق الإنسان والجهات الحكومية لتطبيق ما جاء في الاتفاقيات سواء على مستوى التعليم والمناهج، أو ما جاء في حقوق الطفل وغيرها من الاتفاقيات، ومن وجهة نظري فإن تدعيم ذلك مستقبلًا يعتمد على ثلاثة عناصر:
الأول: تعديل جميع التشريعات والأنظمة لتتواكب مع الاتفاقيات المصادَق عليها.
العنصر الثاني: تفعيل دور هيئة حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات.
العنصر الثالث: تعديل المناهج الدراسية، وتعليم المواطن في مرحلة عمرية مبكرة الثقافات المختلفة للدول، وطريقة التعامل معها، والفنون الإنسانية المشتركة وما يتعلق بها.
– كيف ترين حضور المسؤول الحكومي على مواقع التواصل الاجتماعي وتفاعله مع المواطن.. ربما نسأل بصفتك في لجنة رقابية؟… وأيضًا رأيك الشخصي؛ خصوصًا أن “تويتر” يُنظر له كمنبر للسعوديين لتوصيل آرائهم بطريقة أو بأخرى.. هو واقع لا يمكن نكرانه (نتحدث عن الاتزان والحسابات الموثقة فقط)؟
كأنك تعني من سؤالك المتحدث الرسمي للجهة الحكومية، وإن كان هو من تقصده فإنه يمكن القول بأن دوره ضعيف جدًّا، ولا يستحق أن يعطى مساحة في مواقع التواصل ما دامت مسؤولياته تنحصر في التصريح عن رأي الجهة دون التفاعل مع الجمهور؛ لأن مواقع التواصل تعني أن يكون هناك تفاعل بين المغرد والمتلقي؛ وإلا فإن الغاية من وجوده تنتفي.
أما إذا كان المقصود هو المسؤول الحكومي؛ فأغلب الحسابات الرسمية ينطبق عليها الأمر نفسه ما عدا حسابات بعض المسؤولين الشخصية. وقد يوكل إدارة الحساب لأشخاص لا يمتلكون المقدرة على التفاعل الصحيح من التغريدات والتساؤلات المطروحة على المسؤول، والعالم الافتراضي وما يحتويه من حسابات وهمية كثيرة تغلب على الحسابات الصريحة قد تكون من الأسباب التي تجعل المسؤول ينفر من التفاعل معها أو التعامل بشكل جدي مع ما يطرح؛ فيبحث المسؤول الجاد عن طرق أخرى أكثر مصداقية لخدمة المواطنين؛ فالتفاعل مع المغردين من عدمه ليس مقياسًا حقيقيًّا للحكم على المسؤول ومدى تفاعله مع الشأن العام.
– هذا السؤال مرتبط بما قبله نوعًا ما.. تصف “نورة المري” عضو مجلس الشورى السعودي حسابها على “تويتر” بأنه (حساب شخصي).. هل يعود هذا لمحاولة البعد عن أي استفسارات قد ترسل لها؟.. برغم الإشارة في البايو إلى أنها عضو مجلس الشورى.. هل تتلقين شيئًا على الخاص؟ أو ترفضين مبدأ تلقي الملاحظات حتى لو كانت تتعلق بمجال اللجنة؟
هو بالفعل حساب شخصي؛ لكن يمكنك قلب السؤال ليصبح: لماذا تضعين في البايو أنك عضو مجلس الشورى وهو حساب شخصي لا يعبر عن رأي جهة عملك وإنما عن رأيك الشخصي؟! والإجابة ستكون أنني أحيانًا أضع تعريف طبيعة عملي حتى أتمكن ويتمكن الآخرون من نقل معاناتهم وما يحتاجون إليه؛ لذلك عندما أكتب في البايو عضو مجلس شورى؛ فإنني أسمح بفتح خاصية الرسائل الخاصة وتردني الكثير من الرسائل المؤلمة خاصة من نساء معنفات.