مقالات

أنثى ولا كل النساء..!

‏د.سعود بن صالح المصيبيح

‏أما عندما تتحدث هي فإن كل درجات السلم الموسيقي تنساب من
‏حديثها، رقة وهدوءاً يجمع بين طراوة الكلمة وصدق الحديث وثقافة
‏العبارة.. وهي لا تتحدث بمضامين شخصية وهموم فردية، وإنما
‏تنطلق مع كل هذا الإبهار فـي شخصيتها ومع كل هذا الحضور الطاغي
‏فـي تركيبتها من
‏كلمات عامة تهدف إلى تعديل ما يمكن تعديله،
‏وإصلاح ما يمكن إصلاحه عبر تحسس الطفل البسيط المسكين
‏ومشكلاته وتلمس احتياجات الإنسان الضال الغارق في أهوائه
‏وأخطائه ثم احتوائه، ومحاولة معالجة هذا السلوك ليعود منتجاً إيجابيا
‏لمجتمعه أو عبر التعمق فـي شخصية تلك الوحيدة المظلومة المقهورة
‏من زوج غادر أو أب قاسٍ
‏أو أخ ظالم، فتستمع إليها وتحنو عليها، وتتبنى
‏قضيتها حتى تعيدها إلى طريق الأمان والإنسانية والمودة.

‏امرأة تأسرك بخلقها وصدق حديثها ودفء عباراتها وعمق تفكيرها،
‏وتتمنى نجاح كل تجارب وعمليات الاستنساخ
‏لعل العالم
‏يظفر بأمثالها
‏،
‏ليس بإبداعها وحضورها
‏، وإنما بذلك السحر الأصيل الذي يعيش بين
‏دواخلها وهو سحر الصدق والوفاء والإنسانية والعطاء الذي لا ينضب
‏حتى صارت مضرب المثل فـي العطاء والإيثار ونكران الذات.
‏وتحملت هذه الأنثى الكثير، فصروف الحياة لا تتعرض إلا للأنقياء
‏والنجباء وأصحاب الضمائر الحية
‏، وهذه مقولة ليست مقبولة على
‏إطلاقها، ولكنها تنطبق مع مثل شعبي مصري
‏يحاكي وجود
‏إنسانة صادقة
‏مثقفة فـي محيط متسلط

‏و
‏” يقول المثل:
‏يِدِّي الحلق للي ما لُوش
‏”؛ ودان
‏بمعنى أن
‏هذا الحلق المميز الرائع جاء
‏من نصيب
‏من
‏لا آذان
‏له ليتجمل به
‏،
‏ومع ذلك تصبر وتتحمل كل المعاناة من أجل رسالة
‏وهبت نفسها لها أكبر من ذاتها وطموحاتها ورغباتها
‏؛
‏لأنها لا تختصر
‏حياتها فـي ذاتها
‏، وإنما حياتها للمحيط الكبير بجوارها ولهذا حققت هذه
‏الأنثى كل الاحترام والتقدير والإعجاب ممن حولها.

‏كم نحن فـي مجتمعنا بحاجة إلى مثل هذه المرأة صاحبة الوجدان
‏المرهف والعطاء الصادق
‏..! لأن المجتمع يختصر فـي أنثى معطاء
‏تنكر ذاتها وتتحمل الكثير من أجل المحيطين
‏بها حتى تراهم شامخين
‏متألقين
‏.
‏فالاستمتاع بالحياة وجمالها مطلوب وضروري في ظل وقت قصير
‏وعمر لا يعود
‏،
‏وهذا لا يمنع من العطاء
‏للآخرين
‏، ولكن لا تنسَ
‏نصيبك
‏من الدنيا.. حيث المطلوب أن تستمتع بها.. وتساعد الآخرين والمقربين على الاستمتاع بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى