حينما تنشاء بين عائلة كبيرة ممتده فيها الجد والجدة والام والأب والأسرة والجيران تمارس الحديث وتأنس بالأصوات ويطيب الكلام؛ وترتفع جودة الحياة.
حينما تنتقل للمدرسة تزداد صلتك بالناس ويضاف إلى حياتك كتيبة الزملاء وكلما بقيت في التعليم وتدرجت في مراحلة زادت حصيلتك من الزملاء وتبادلت معهم الحديث وفن الكلام ونعمة التواصل. وارتقت جودة الحياة.
وحينما تنتقل للعمل وتقابل الجمهور والرئيس والمرؤوسين تتاح لك فرصة ثرية لبناء علاقات اجتماعية ويدور نقاش وحوارات
وتستمر جودة الحياة.
ثم تبدأ رحلة معاكسة تفارق فيها مجبرا المنشأ؛ يتلوها مرحلة اخرى تغادر فيها مقاعد الدراسه؛ وتختمها بمغادرة الوظيفة. فتشعر بانخفاض حاد لجودة الحياة.
وفجأة تجد نفسك وحيدا في زاوية من الزاويا وأول شيء تفتقده هو صوت إنسان والحديث إلى إنسان وتمر عليك ساعات وأيام صمت.
وتستبدل البيئية الاجتماعية التي اعتدت عليها وكنت تحسبها خالدة لا تفنى؛ إلى البديل الافتراضي عبر وسائط التواصل الإجتماعي التقني
وتنصدم بحقيقة إنها جماد؛ وتدرك انك تتعامل عن بعد وتفتقد المتعه وكأنك استبدلت الاكل المطبوخ بالأكل النيء وتسافر من قلبك الطمانينه ومعها ما تبقى من مشاعر الاستئناس بالإنسان ويسكنك الخوف من الحديث في ثالوث الخطر ( الدين؛ السياسة؛ الجنس) حيث يراقبك الف واحد وواحد وتخشى من سوء الفهم والوقوع في الخطأ وتسوء حتى المرحلة الرابعه من محطات التواصل مع الآخرين وتبدا الانسحاب منها تدريجيا وينتهي بك المطاف في عزلة وانقطاع عن كل الناس ما عدا القلة القليله. وتكاد تتوارى جودة الحياة.
وفجاة ترى النور في تواصلك مع الله
ومناجاتك له وتزداد سعادتك وتعيد النظر في اولوياتك الحياة.
وتبدا حياة جديدة مع الله وبالله وفي ملكوت الله.
ثم تقرر الخروج من العزلة وتتعلم مهارات التواصل في دائرة أوسع من دائرة المدرسه والوظيفة ودوائر التواصل الاجتماعي الافتراضية.
ويعوضك الله بالصالح من افراد الاسرة؛ والنبيل من اصدقاء الدراسة والعمل، والفضلاء من الناس.
وتحارب كل مسبب للضيق بكلمة صادقة ” إن معي الله” ذهب من ذهب؛ وبقي من بقي.
ويصدقك ظنك في الاوفياء بأنهم الذهب الخالص والباقون معك سألت أحوالك أم حسنت؛ بعدت أم قربت؛ أخطأت أم أصبت؛ أعطيت أم بخلت من أمثالكم.
وتبدا مرحلة ذهبية من حياتك تشعر فيها بسعادة نوعية؛ وتربط بين محبتك لله؛ وتوفيقه لك بحب أخرين لك وتشكر الله تعالى على ذلك قاعدا وقائما.