محليات

صناعة الإطارات في المملكة العربية السعودية إمكانيات وتحديات

الأحساء – زهير بن جمعه الغزال

قال د. صالح الكرّي و د. زينب بنت حسين البدر ان المملكة العربية السعودية سوف تشهد تطوراً سريعاً قي مجال تصنيع المواد الأساسية التي تدخل في تصنيع الإطارات كجزء من التطلعات الذكيّة للتنوع الاقتصادي ضمن رؤيتها ٢٠٣٠.
ومن الأمثلة التي تبرز هذه التطلعات هي المبادرة والاتفاقية التي تمت بين صندوق الاستثمارات العامة في السعودية والشركة الإيطالية المعروفة في عالم صناعة الإطارات بيريلي .
هذه الشراكة الجديدة التي تم الإعلان عنها في أكتوبر ٢٠٢٣، تتضمن استثماراً بقيمة ٥٥٠ مليون دولار لإطلاق مصنع حديث لتصنيع الإطارات ومن المتوقع ان يبدآ عملياته بحلول عام ٢٠٢٦ (وكالة الأنباء السعودية، ٢٠٢٤).
وهذه المبادرة ستدعم استراتيجية المملكة وتوجهها نحو التصنيع المحلي لتقليل الواردات وإمكانية زيادة الصادرات حيث ان الشراكات مع ذوي الخبرة يساهم في التمهيد لمستقبل مشرق للمملكة في هذا المجال.
وتعتبر صناعة الإطارات من الصناعات الحيوية التي تلعب دوراً مهماً في دعم قطاع النقل والمواصلات .
ومع تزايد عدد المركبات في السعودية، تبرز الحاجة الى تطوير صناعة محلية للإطارات لتلبية الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات .
وقد بلغ حجم سوق الإطارات في السعودية الى حوالي ٢٢.٦ مليون وحدة في عام ٢٠٢٣، ومن المتوقع ان يصل الى ٢٥.٥ مليون وحدة بحلول عام ٢٠٣٢ (imarc, 2024)، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ ١.٢٦٪.
و هذا النمو المتزايد يعكس زيادة الطلب على الإطارات نتيجة توسع قطاع السيارات والبنية التحتية في المملكة .
وفقاً لهذه الإحصائيات التي تؤكد على زيادة الطلب فإن هناك ضرورة ملحّة للتّغلّب على تحديات تصنيع الإطارات وذلك من خلال إيجاد الإستراتيجيات الازمة لتعزيز الإنتاج المحلي .
ففي هذا المقال سنبرز التحديات التي تواجهها صناعة الإطارات في المملكة من ناحية توفر المواد الأساسية من عدمها سعيا لصناعة إطارات متكاملة تسهم في التنوع الاقتصادي مما يجعلها قوّة متآلقة على مستوى الاقتصاد العالمي .
بإلقاء نظرة على مكونات الإطارات سنجد أنه يتكون من عدّة طبقات ويمكن تقسيمه الى عدة أجزاء أساسية ابتدأ من الشريط الخارجي حتى نصل الى لب الإطار (الصورة مقتبسة ومعدلة منJ Svoboda, V Vaclavik, T Dvorsky, L Klus, and R Zajac, open access, Construmat 2018).
وهذه المكونات تتضمن مجموعة متنوعة من المواد الكيميائية والتي يتصدرها (١) المطاط الطبيعي الصلب حيث انه لا يُنتج في السعودية بسبب الظروف المناخية. (٢) المطاط الصناعي ويوجد منه ستة أنواع قد يدخل معظمها في صناعة الإطارات وجميعها تُنتج من البتروكيماويات، وتعتبر السعودية من الدول الرائدة في صناعة نوعين منها وهما مطاط البولي بوتادين (PBR) ومطاط مونومر الإيثيلين بروبيلين ديين (EDPM).
وفي المقابل هناك أربعة أنواع لا تنتج محليا: مطاط ستايرين بوتادين (SBR) الذي بالرغم من أن السعودية تملك التقنية لإنتاجه إلا انها لا تنتجه محلياً بالإضافة إلى مطاط الوتيل (IIR) ومطاط البوتيل الهالوجيني (HIIR) ومطاط ايزوبوتيلين-ايزوبرين IIR)) الذين لا تملك السعودية تقنيات لانتاجهم بعد .
(٣) الكربون الأسود يتم إنتاجه بالسعودية .
(٤) الكبريت المستخدم في عملية الفلكنة ,يُنتج محلياً .
(٥) السليكا، تستخدم في تحسين آداء الإطارات وكفاءة الوقود ولا تُنتج بالسعودية .
(٦) أكسيد الزنك، يستخدم لغرض تنشيط عملية الفلكنة، ويُنتج محلياً .
(٧) حمض الستيريك: يُساعد في عملية الفلكنة، ويُنتج محلياً.
(٨) مضادات الأكسدة، تمنع شيخوخة المطاط، ولا تُنتج محلياً .
(٩) المسرعات، تُسرع عملية الفلكنة، ولا تُنتج بالسعودية .
(١٠) الراتنجات، تُحسن الإلتصاق مابين المواد لاداء افضل، لا تُنتج محلياً .
(١١) العناصر النسيجية والمعدنية، تستخدم لبناء أجزاء الإطارات الهيكلية، ولا تُنتج محلياً.
والجدول التالي يمكن ان يلخص هذه المواد والغرض منها في صناعة الإطارات.
هل تنتج في المملكة وظيفتها في صناعة الإطارات المادة
لا يستخرج طبيعياً من الأشجار ويمكن أن يساهم في مقاومة التآكل وتوفير الثبات على الطرقات.
المطاط الطبيعي تُنتج نوعين من أصل ستة
يتم تصنيعه من مواد بتروكيميائية ويتميز بمقاومته الممتازة للتآكل وللعوامل الكيميائية، مثل الزيوت والحرارة العالية ويستخدم بشكل أساسي في الطبقات الداخلية من الإطار مما يساهم في منع تسرب الهواء وبالتالي ضمان ثبات ضغط الإطار.
المطاط الصناعي نعم ينتج بالسعودية كمنتج ثانوي من عملية تكرير النفط ويساهم في تحسين خواص الإطارات من حيث المتانة والأداء والمقاومة للعوامل البيئية.
الكربون الأسود نعم ينتج محليا ويتم توظيفه في عملية الفلكنة (عملية الفلكنة هي معالجة كيميائية للمطاط الخام باستخدام الكبريت و/أو مواد كيميائية أخرى تحت تأثير الحرارة والضغط لتحويل المطاط من مادة لينة وضعيفة إلى مادة أكثر متانة ومرونة).

الكبريت لا تساهم في تحسين أداء الإطارات وكفاءة الوقود ويتم استيرادها خارجياً
السيليكا نعم يساهم في تنشيط عملية الفلكنة
أكسيد الزنك نعم يساهم في تنشيط عملية الفلكنة حمض الستيريك (حمض الشمع)
لا تمنع شيخوخة المطاط مضادات أكسدة
لا تسرع من عملية الفلكنة
المسرعات
لا تحسن الإلتصاق والأداء للإطار
راتنجات (صمغيات)
لا يتم إستيرادها لتوفير الهيكلة اللازمة لإطالة عمر الإطارات، وتحسين السلامة وتخفيض وزن المركبات
العناصر النسيجية أو الألياف النسيجية
لا يتم إستيرادها لتوفير الهيكلية اللازمة للإطار العناصر المعدنية
رغم التطور الملموس للمملكة العربية السعودية في مجال صناعة المواد الأساسية المستخدمة في صناعة الإطارات إلا أنها لازالت تواجه عدداً من التحديات التي تعيق البلوغ لمرحلة التصنيع الكلّي للإطارات مما يحقق تطلعات المملكة الاقتصادية. قد تتمثّل التحديات التي تواجه توطين صناعة الإطارات في السعودية إلى أربعة محاور وهي كالتالي (١) نقص بعض المواد الكيميائية، رغم إنتاج السعودية للعديد من البتروكيماويات، إلا أن بعض المواد المتخصصة قد تكون غير متوفرة محليًا ومن أهمها المطاط الطبيعي. (٢) قيود الملكية الفكرية، قد تكون هناك قيود على الوصول إلى تقنيات تصنيع الإطارات المتقدمة وبراءات الاختراع. (٣) الجدوى الاقتصادية، قد تكون الجدوى الاقتصادية لإنشاء مصانع إطارات محلية تحديًا، بالنظر إلى حجم السوق المحلي والعالمي والمنافسة مع المنتجات المستوردة. (٤) ديناميكيات السوق، قد تجعل سلاسل التوريد العالمية القائمة والمصنعين الحاليين من الصعب على الوافدين الجدد المنافسة.
وجميع ما سبق طرحه من تحديات تتضمن غياب الإنتاج المحلي والخبرة الفنية العالية والبنية التحتية المتخصصة يساهم في محدودية سوق الإطارات فبالتالي تظهر الضرورة الملحة لإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لدعم مجال تصنيع الإطارات. يمكن تلخيص الحلول المقترحة فيما يلي: (١) البحث والتطوير، لتوفير المواد اللازمة لصناعة الإطارات واستكشاف مواد بديلة جديدة حيثُ انهُ يوجد العديد من المراكز البحثية الخاصة بالبتروكيماويات والمعادن في المملكة علاوة على وجود المعهد العالي للصناعات المطاطية مما سيسهم في تمكين الصناعة للإطارات كمنتج نهائي مُركب. (٢) تعزيز الاستثمار الدولي، حيث إن الشراكات مع ذوي الخبرة سواء على المستوى الصناعي أو الأكاديمي يدعم إنشاء مصانع وطنية بتقنيات متطورة بالإضافة إلى إعداد الكوادر الهندسية والفنية من أجل تحقيق هذا الهدف. (٣) دعم المستثمرين، تقديم الدعم المالي بالإضافة إلى تسهيل اللوائح على المستثمرين يمكن أن يسهم بخلق نقطة تحول مهمة في مجال تصنيع الإطارات.
وآخيراً يمكننا التأكيد على أن السعودية تمتلك الإمكانيات لتوطين صناعة الإطارات بفضل قاعدتها القوية في صناعة البتروكيماويات. ومع ذلك، يجب معالجة التحديات المتعلقة بتوفّر المواد الكيميائية المتخصصة، وقيود الملكية الفكرية، والجدوى الاقتصادية لتحقيق النجاح في هذا المجال. وبذلك يمكن المساهمة في تحقيق الأهداف الوطنية من تنوع صناعي واكتفاء ذاتي مما يعزز دور المملكة الصناعي وخلق فرص عمل جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى