مقالات

يوم التأسيس: تاريخ يجسد نضال الأجداد وطموح المستقبل .. بقلم: هديل الشهري

 

 

في كل أمة لحظة تأسيس تشكل نقطة تحول في مسيرتها، لحظة تجمع بين النضال والتحدي، بين الحلم والحقيقة، وبين الماضي والمستقبل. ويوم التأسيس السعودي، الذي يوافق 22 فبراير من كل عام، ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو نافذة تأملية تفتح أمامنا أفقًا لفهم جذورنا وهويتنا، وتدعونا إلى استلهام العبر في صناعة الغد.

التأسيس: من الحلم إلى الواقع

في عام 1139هـ (1727م)، خطا الإمام محمد بن سعود خطوة جريئة في تاريخ الجزيرة العربية، حين أسس الدولة السعودية الأولى، ليضع بذلك حجر الأساس لمشروع حضاري لم يكن مجرد كيان سياسي، بل رؤية متكاملة للوحدة والاستقرار والتنمية. لم يكن تأسيس الدولة حدثًا عابرًا، بل كان انبثاقًا لفكرٍ واعٍ بضرورة تجاوز التشتت، وترسيخ الهوية الوطنية، وإرساء قواعد الحكم المستقر.

الهوية بين الماضي والحاضر

الهوية ليست مجرد إطار جغرافي يحدّد الوطن، بل هي منظومة قيم ومبادئ تتوارثها الأجيال، وهي في جوهرها انعكاس لتاريخ الأمة وتجاربها. يوم التأسيس يعيدنا إلى السؤال الجوهري: ما الذي يجعلنا سعوديين؟ إنه الإيمان بالوحدة، والاعتزاز بالإرث، والالتزام بمسيرة البناء.

فحين نستذكر هذا اليوم، لا نحتفل فقط بالإنجازات، بل نراجع أيضًا مفاهيمنا عن الانتماء والولاء والمسؤولية تجاه الوطن. إن التاريخ ليس ماضيًا جامدًا، بل هو طاقة متجددة نستمد منها القوة لنمضي بثبات نحو المستقبل.

دروس من التاريخ: النضال والاستمرارية

مرت الدولة السعودية بثلاث مراحل قبل أن تصل إلى شكلها الحديث، وهذا يوضح أن التاريخ ليس خطًا مستقيمًا، بل هو مسار متعرج يتطلب الصبر والعزيمة. سقوط الدولة السعودية الأولى عام 1818م لم يكن نهاية المسيرة، بل كان تحديًا جديدًا واجهته الأسرة الحاكمة بشجاعة، ليعيد الإمام تركي بن عبد الله تأسيس الدولة السعودية الثانية، ثم يأتي الملك عبد العزيز آل سعود في 1902م ليضع الأسس الحديثة للمملكة العربية السعودية.هذه الدروس تعلمنا أن الدول العظيمة لا تُبنى في يوم وليلة، وأن طريق المجد محفوف بالتحديات، لكن الإرادة القوية قادرة على تجاوز العقبات وتحقيق المستحيل.

يوم التأسيس: مرآة المستقبل

إذا كان الماضي يشكل هويتنا، فإن المستقبل يعكس تطلعاتنا. اليوم، ونحن نحتفي بيوم التأسيس، لا ينبغي أن يكون احتفالنا مجرد طقوس تقليدية، بل يجب أن يكون مناسبة لإعادة التفكير في دورنا كمواطنين في استكمال مسيرة البناء.كيف نترجم قيم التأسيس إلى رؤى مستقبلية؟ كيف نوظف دروس التاريخ في مواجهة تحديات العصر؟ كيف نحافظ على هويتنا وسط العولمة المتسارعة؟ هذه أسئلة يجب أن ترافقنا ونحن نرسم ملامح الغد.

التأسيس كفكرة متجددة

إن يوم التأسيس ليس مجرد مناسبة تروى فيها الحكايات، بل هو فكرة متجددة تعيش معنا كل يوم، تحثّنا على الإبداع، وتدفعنا إلى العمل، وتذكرنا بأن النجاح الحقيقي ليس في تكرار الماضي، بل في البناء عليه وتطويره.فليكن هذا اليوم فرصة للتأمل في تاريخنا، والإيمان بإمكاناتنا، والاستعداد لصناعة مستقبل أكثر إشراقًا لوطن يستحق منا كل العطاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى