منذ أن وعينا على الدنيا أنا واخوتي كنا نشاهد أمي وأبي وهم يتعبان ويشقيان في سبيل تأمين لقمة العيش لنا خصوصًا في ذلك الوقت حيث كان الوضع الاقتصادي مربك.
وكان والدي رحمه الله لايقرأ ولايكتب ولكنه كان سريع الحفظ كان يسمع المصلين يقرؤون القرآن الكريم في يوم الجمعة وكان يحفظ وكنت اسمعه وهو يرتل القران ويتغنى به وكان مستمعا جيدا للراديو في ذلك الوقت وانا صغير لم ادخل المدرسة بعد .
وكانت امي رحمها الله لاتقرأ ولاتكتب ولكنها كانت عارفة بالانساب وتعرف القبايل من حولنا هي وعمة لي رحمهم الله .
وكان عندهما ضأن وبقرة وثوريين يحرث عليهما الارض الزراعية وناقة يحمل عليها متاعهم ويملك بعض الارض الزراعية وكان يعمل فيها ونأكل من خيراتها ومن تعبه رحمه الله.
وكان رحمه الله يبرح على البئر بواسطة الرشا والدلو ويستخرج الماء ويملأ الجرار ويملأ الاحواض لشرب البهائم والحيوانات وكان لاينصرف حتى يملأ جرار المحتاجين من الناس والاولاد والعجزة وهذه الصفة اخبرونا جيرانه واهل القرية بها يوم وفاته و قالوا والله لاينصرف من البئر حتى يرتوي الجميع رحمه الله تعالى.
وكانت أمي رحمها الله تهتم بالضأن وتربي خراف العيد ويبيعون بعضها ليشتروا لنا مانحتاجه وتحلب البقرة وتخض اللبن وتستخرج الزبدة وتضعها في الدبع ونشرب اللبن والحقنة .
وكان بيتنا مزارا لكل الناس من القرى البعيدة والقريبة وكانوا لهم اقارب واسمياء في معظم القرى وكانوا يتزاورون.
ومع هذا كانوا يحبون الصدقة ويحثوننا عليها وكانا يستدلان بحديث أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ”إنّ الصدقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وتَدْفَعُ مِيتَة السُّوءِ” رواه الترمذي وحسّنه، وقال حديث حسن.
وكانا يسمعونه في الراديو في ذلك الوقت.
وكانوايذبحون بعض الخراف شهريا ويقسمونها في المجولة أنصادًا على عدد البيوت التي حولنا ويطلبون مني ومن اخوتي توزيع هذه الانصاد على الجيران والاقارب ويعطوننا بعض العصي لنهش بها الحنادي والتي تحوم في السماء ثم تهبط وتأخذ قطع اللحم من فوق رؤوسنا،وكانت هذه العادة ملازمة لهما حتى قبل مرضهما الاخير والذي ماتا فيه في عام ٢٠١٤م نسأل الله تعالى ان يرحمهما ويغفرلهما ويسكنها فسيح جناته ويرحم لجميع موتى المسلمين اجمعين.