الثقافيةمقالات

أعلام من بيش ..الشيخ موسى الأعجم يرحمه الله

الشيخ موسى بن حسين الأعجم يرحمه الله ..
بعض الأشخاص حينما أكتب عنهم يحضر هو ومجموعة من الأشخاص معه ، وبعض الأشخاص حينما أكتب عنهم تحضر الهيبة والعظمة وقوة الشخصية معهم ، وبعض الأشخاص حينما أكتب عنهم تحضر الطيبة والإنسانية والتقاليد والأعراف معهم ، وبعض الأشخاص حينما أكتب عنهم تحضر الورود والعطور والفل والكاذي والمخضارة والبعيثران والشيح والواله والسكب والشار والنعثة والريحان وكل ورود وعطور جازان ..
الشيخ موسى بن حسين الأعجم وأنا أكتب عنه حضر معه كل الذي قلته بالأعلى .
من الرعيل الأول من المعلمين السعوديين البيشيين .
هذا المعلم أكن له كل الحب والاحترام ، حيث بداياتي كمعلم ومرشد طلابي معه عندما تعينت بمدرسة المطعن الابتدائية والمتوسطة مرشدا طلابيا عام ١٤٠٥هـ ، وعندما انفصلت المدرسة المتوسطة عن الابتدائية بعد مرور أسبوعين من بداية الدراسة في العام ١٤٠٥- ١٤٠٦هـ ، في مبنى مستقل بإدارة مستقلة – وكنت على ملاك المدرسة المتوسطة – طالبني بالبقاء معه ، وكنت في أول عام لي ١٤٠٦هـ ، أكمل يومين مرشدا طلابيا بمدرسة مسلية الابتدائية والمتوسطة ، فآثرت حبه ورغبته ، فكنت أعمل السبت والأحد بالمدرسة المتوسطة بالمطعن ، ويوم الاثنين عنده حيث هو مدير الابتدائية بالمطعن ، والثلاثاء والأربعاء بمسلية الابتدائية والمتوسطة ، وفي عام ١٤٠٧ و ١٤٠٨هـ ، كنت أعمل السبت والأحد والاثنين في المدرسة المتوسطة بالمطعن ، والثلاثاء والأربعاء عنده بالمدرسة الابتدائية ، ثم انتقلت إلى ثانوية بيش الأولى مع بداية العام ١٤٠٩هـ عمل مديرا لمدرسة المطعن الابتدائية عدة سنوات ، ثم معلما بها ، ثم تقاعد بعد ذلك ، وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل عدة سنوات . أصنفه أنا أولا بين المديرين والرؤساء الذين عملت معهم.
ذهبت إلى مدرسة المطعن ، وفِي خاطري شيء ، وفِي قلبي أشياء .. فأنا لم أدخلها منذ عشر سنوات تقريبا وآخر دخول لي لقرية المطعن عام ١٣٩٧هـ .. واليوم هو الأول من شهر ذي الحجة من عام ١٤٠٥هـ !
رأيت كل شيء مختلف .. كانت نفسي حزينة لما وجدته من تعامل في إدارة التعليم وتعقيد يوم الأربعاء الموافق ١٤٠٥/١١/٢٧هـ ويوم السبت الموافق ١٤٠٥/١٢/١هـ . وكنت أحدث نفسي بأنني سأجد أسوأ مما وجدته هناك !! كنت أرى الشمس كجمرة حمراء ملتهبة وكنت أرى السحب سوداء والسماء سوداء .. أرى كل ما حولي ليس جميلا !! وكنت أحمل ظرفا في يدي ويدي الأخرى على قلبي وهو أغلى ما عندي !.
يا ترى كيف سيستقبلني مدير المدرسة ؟ وكيف بيكون استقبال الوكيل ، وكيف المعلمين وكيف وكيف ؟.
نزلت من السيارة الأجرة التي أوصلتني لقرية المطعن ولمدرسة المطعن الإبتدائية والمتوسطة .. فأول ما وقعت عيني على أستاذي الذي درسني في المرحلة المتوسطة وهو الأستاذ عيسى بن جِبْرِيل عبادي ، وفِي نفس الوقت جاري في بيش ، فقام من على الكرسي مرحبا بي بصدق وحب وفرح .. ذلك الإستقبال سحب الكثير مما في نفسي أحمله! وأمسك بيدي وأدخلني إلى إدارة المدرسة ، وقال : هذا ضيف الله ، جاء إلينا معلما .. فرأيت آية من آيات وعظمة الله في صنع الجمال الإنساني رجولة وتعاملا وقبْيَلَةً وأخلاقا وأدبا فأطلق إبتسامة لم أر في حياتي إبتسامة تشبهها وقام من على كرسيه مرحبا ومهليا ومسهلا ، فأنقلبت في عيني ورأسي ونفسي وروحي كل الألوان القاتمة وتحولت إلى ألوان الطيف الزاهية فشممت كل الروائح العطرية والورود والمسك والعنبر ورأيت كأن السماء تمطر والبرد يتساقط وسمعت العصافير تزقزق والكروان يغني والعندليب يطرب والزرياب يشدو ، وسمعت ألحان الفرح ورقصة النصر فابتهجت نفسي وتغير حالي من بؤس وكدر وإحباط إلى سعادة وسرور وفرح .. قال : كم لنا ونحن نتظرك !!
تلك الدقائق التي لم تتجاوز الثلاث دقائق طبعت في قلبي حب رجل فخم تربوي خبرة محنك وقيادي شيخ وقور إنه الشيخ الأستاذ موسى بن حسين الأعجم ، وبالقرب منه شيخ آخر لا يقل عنه وعن صفاته وأخلاقه وهو الشيخ الأستاذ أحمد بن محمد الأعجم .. يا هو يوم سمعت فيه من التراحيب ورأيت فيه من الإبتسامات من هذين الشيخين ما جعل حبهما ينغرس وينطبع في قلبي .. وسمعت التراحيب من بقية المعلمين والفراشين ، ووقف بجنبي رجل يتفوه شهدا ولسانه يقطر عسلا قال : حيا الله ولد شيعي إنه الوالد يحيى جواحي رحمهم الله جميعا .. لقيت أهلا ونزلت سهلا فانطربت نفسي وغرس حب قرية المطعن في قلبي منذ ما يقارب ٣٧ سنة . لا أذكر الحب إلا ذكرت المطعن ولا أذكر الوفاء إلا ذكرت المطعن ولا أذكر الشهامة إلا ذكرت المطعن !!
أستلم مني الشيخ موسى الأعجم خطاب التوجيه بتعييني معلما ( مرشدا طلابيا ) بمدرسة المطعن الإبتدائية والمتوسطة ثلاثة أيام وبمدرسة مسلية الإبتدائية والمتوسطة يومان .. رد بخطاب المباشرة وقال : بسرعة أرجع سلم الإدارة خطاب المباشرة كي يحسب لك من اليوم !.
وكان بنهاية دوام هذا اليوم ١٤٠٥/١٢/١هـ تبدأ إجازة عيد الأضحى المبارك.
وبعد إجازة عيد الأضحى وبالتحديد بدأ العام الدراسي ١٤٠٦/١٤٠٥هـ . وبدأ العام يوم الأحد الموافق ١٤٠٥/١٢/١٦هـ. وأكملت الثلاثاء والأربعاء بمسلية ، وبعد حوالي أسبوعين من بداية الدراسة أنفصلت المرحلة المتوسطة وكانت في مبنى غرب قرية المطعن ، وبقيت المدرسة الإبتدائية في مبناها والذي يقع بالقرب للجنوب من مبنى مدرسة سعد بن معاذ حاليا .
عز علي فراق ذلك الشيخ الجليل وكوكبة المعلمين الذين معه ، رغم أني على ملاك المرحلة المتوسطة . فكنت يومي السبت والأحد في المدرسة المتوسطة ويوم الإثنين في المدرسة الإبتدائية والثلاثاء والأربعاء في مدرسة مسلية الإبتدائية والمتوسطة هذا عام ١٤٠٦ هـ ثم عام ١٤٠٧ وعام ١٤٠٨ هـ بقيت في مدرستي المطعن . امتلأ قلبي بحب الشيخ موسى بن حسين الأعجم فطغى الحب في قلبي حتى شمل كل المدارس والقريتين .. كان لي في القريتين أهل وأقارب إضافة إلى الزملاء المعلمين .. عشت ثلاث سنوات مرشدا طلابيا بمدرسة المطعن الإبتدائية ومدرسة المطعن المتوسطة ، هي من أجمل سنوات عمري ، اليوم الوحيد الذي كنت في مدرسة المطعن الإبتدائية عند الشيخ موسى في عام ١٤٠٦هـ ، لا يجعلني أعطي وأكمل كل أعمالي فصرت أداوم الليل معهم فقد كانت هناك مدرسة ليلية .
الشيخ موسى الأعجم أعظم إداري وقائد مدرسي تعاملت معه ، حوى كل المحاسن والفضائل والأخلاق .
فسلام من القلب محمل بكل الحب ومعانيه أهدافه وأحلامه وأمانيه ، شعره وكلماته وأناشيده وأغانيه للمطعن قرية وأهلا وطلابا وسلام على الشيخ الجليل موسى الأعجم وجعل الله الفردوس الأعلى من الجنة نزله ورضي عنه وأرضاه.

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى