الثقافيةمقالات

أعلام من بيش الشيخ يحيى القبي يرحمه الله تعالى

الشيخ السيد الشريف يحيى بن جبريل أبو طالب القبي يرحمه الله .. يمتد به النسب الكريم حتى أمير المؤمنين الخليفة الراشدي الرابع الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه .
عرفت هذا الشيخ الجليل وهو إمام يصلي في المسجد الذي يصلي فيه حاليا الشيخ عيسى عكفي بالقرب من منزل السيد محسن محرق ومنزل أحمد أبو حدين غجري .
كان صوته عذبا وقراءته جميلة لا تمل من سماعها .. وكنت أراه يخرج يمشي ناحية الشمال ، وسألت عنه ذات مرة فقيل لي أنه يسكن حلة البناية شرق الخط الدولي من جهة قرية الشريعة . أكبرت حرصه وحضوره وعدم تخلفه عن إمامة أهل تلك الحارة في ذلك المسجد خاصة وهو شخص فاقد البصر . لكن قلبه مليئ بالإيمان واليقين .. شخص وسيم وبشرته بيضاء ، يتعامل مع الجميع تعاملا رائعا ..
طلبت من ابنه الكاتب والإعلامي الأستاذ جبريل القبي سيرته ، فأرسل لي : ” والدي رحمه الله من مواليد قرية السلامة العليا في عام ١٣٧٠هـ .. عاش في كنف والده رحمه الله السيد جبريل بن محمد أبو طالب القبي ـ ووالدته بقرية السلامة العليا ، ثم انتقلوا للسكن بحلة الشريف بقرية الشريعة التابعة لمحافظة بيش ..
وفي سن التاسعة أصيب بمرض ( الرمد الربيعي ) في عينيه ، وكان يومها يتم العلاج عن طريق الأدوية الشعبية التي تسببت في فقده لبصره رحمه الله ..
إلا أنه رحمه الله كان صاحب همة ونشاط وكان نبيها وذكيا جدا فقرر أن يتعلم والتحق بالمعهد العلمي بصامطة عام ١٣٨٦هـ ، حيث درس المرحلة التمهيدية به لمدة ٣ سنوات ثم أكمل ٦ سنوات دراسة بالمعهد مع نخبة من أبناء بيش ، وكان يعتمد في المذاكرة على صديقه ورفيق دربه المقرب إليه جدا العم أحمد بن محمد حكمي حفظه الله ، حيث كان العم أحمد يذاكر بصوت مرتفع ووالدي يستمع منه فقط ويعتمد على ذلك في دراسته حتى تخرجوا سويا من المعهد العلمي بصامطة ، ثم توجه بعد ذلك إلى جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض عام ١٣٩٤هـ ، برفقة صديقه العم أحمد حكمي ، ونظرا لظروف العم أحمد حكمي التي قرر معها أن يترك الجامعة والتحق بدورة إعداد المعلمين ، فما كان أمام والدي رحمه الله إلا ترك الجامعة لعدم وجود من يسانده ويذاكر معه والتحق بالرئاسة العامة لتعليم البنات وتم تعيينه معلماً للقرآن والمواد الدينية في معاهد ومدارس البنات بمنطقة جازان فبدأها في مدرسة أبو عريش المتوسطة للبنات ثم انتقل إلى صبيا ودرس في مدرسة متوسطة وثانوية البنات بصبيا ، إلى أن تقاعد رحمه الله في عام ١٤٢٧هـ ..
تزوج والدي رحمه الله من والدتي الشريفة / عقيلة بنت عيسى البنا ، وكان معها حينها ثلاث أولاد وبنت من زوجها الأول الذي توفاه الله عيسى بن محمد البنا ، وهو والد أخوتي من أمي الحسين ومحمد وأحمد وأخت زوجة الأستاذ مروعي مغدي ، وأنجب منها ولدين وثلاث بنات ، أنا و عيسى وثلاث من البنات احداهن توفاها الله في عام ١٤٢٨هـ ، نتيجة حادث مروري .
امتاز والدي رحمه الله بفطنته وذكائه فحفظ القرآن الكريم وكان إماما وخطيبا لعدد من المساجد والجوامع ..
وكان مما يدهشني منه ومن شدة ذكائه رحمه الله هو تعرفه على أغلب من يقابله بمجرد السلام عليه ووضع يده في يد والدي حتى دون أن يتفوه بكلمة واحدة وحتى لو كان له أكثر من ١٠ سنوات لم يقابله ، فبمجرد أن يضع يده في يد والدي وأحيانا والدي يأخذ يده الأخرى ويتحسس على كتف الذي يقابله فيعرفه مباشرة .
كما كان رحمه الله من شدة حفظه للقرآن الكريم ، عندما يأتي سؤال المسابقة الرمضانية للكبار والتي يقول السؤال فيها أذكر رقم الآية واسم السورة ، فيقول لي مباشرة خذ المصحف وافتح صفحة كذا وسورة كذا والآية رقم كذا لأجد جوابه صحيحا رحمه الله رحمة واسعة .
وفي عام ١٤٣٠هـ ، داهمه المرض وظل يعاني منه إلى أن توفاه الله في يوم ٢٥ ذي الحجة ١٤٣٢هـ .
هذا هو حفيد أمير المؤمنين ، السيد الشريف يحيى بن جِبْرِيل أبو طالب القبي .. رحمه الله رحمة واسعة وجعل الفردوس الأعلى من الجنة نزله ورضي عنه وأرضاه .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى