يتجه العديد من الطلبة السعوديين لتعليم الجامعي عبر الانترنت
لما فيه من مزايا تعد الان أكثر إلحاحا حيث عدد منهم يعملون في وظائف وليس عندهم الوقت لاستكمال دراستهم الجامعية
يتجه العديد من الطلبة السعوديين لتعليم الجامعي عبر الانترنت لما فيه من مزايا تعد الان أكثر إلحاحا حيث عدد منهم يعملون في وظائف وليس عندهم الوقت لاستكمال دراستهم الجامعية ومنهم من تقدم به العمر ويرى العودة لمقاعد الدراسة أمر صعب. الاهم من ذلك أن التكنولوجيا وخاصة بعد جائحة الكورونا دفعت كل القطاعات بما فيها التعليم لاتباع الدراسة عن بعد أو عبر الانترنت. ناهيك عن أن بعضهم يسكن في مناطق بعيدة عن مراكز الجامعات وهنا يأتي البديل بالدراسة في المنزل في ساعات دراسية حسب رغبة وامكانية الطالب وليست محددة كما الجامعات العادية.
عارف الشمري والذي يدرس الان ادارة الاعمال باللغة العربية في جامعة الناس الامريكية كان يعيش في منطقة نائية والمدرسة كانت بعيدة عن منزله وانتقل للرياض لاستكمال الثانوية العامة إلا أن والده رفض إلتحاقه بالجامعة كي يعود ويهتم بعمل العائلة. بقية الدراسة حلم بالنسبة له فيقول ” بقيت لسنوات مع والدي وأشاهد أصدقائي الذين واصلوا تعليمهم الجامعي ولحبي لتعليم كنت اقدم لهم المشورات والنصح باختيار الجامعات ولم أهمل نفسي بشراء الكتب والقصص وقصص النجاح وكيفية الدراسة الجامعية. كنت أمني نفسي كثيرا أنني يوما ما سوف أخوض معركتي بين كتب الجامعة حيث حلمي وأكتب وأسمع وأتعلم وسط ما حلمت به. عملت في مجالات قليلة بحكم عدم توفر شهادة جامعية “.
تعذر على عارف الالتحاق بالجامعة بسبب فارق السن والمسؤوليات الجديدة والوقت الضيق لكنه بقي يحلم بالدراسة الجامعية وإلتحق لدراسة ادارة الاعمال باللغة العربية في جامعة University of the people معتبرا أنه بدأ بتحقيق هدفه ” الان تحقق حلمي وفتح باب الامل من جديد. لا أستطيع وصف شعوري بقبولي بالجامعة بكل يسر وسهولة وبدون تعقيدات ورقية او إجراءات مالية معقدة. فتحت فرصة عظيمة بالنسبة لي كوني أمر بظروف تمنعني من السفر والتكاليف وغيرها. التعليم عن بعد فتح لنا آفاق عظيمة للمستقبل وتحقيق طموحاتي “.
بلاشك أن الشهادات الجامعية الامريكية أو الاوروبية لها قيمة وأهمية في القطاع الخاص السعودي لما تحمله من مزايا تعليم ولغة وفهم لسوق العالمي. إلا أن التكلفة الباهظة في السفر تمنع الطالب من خوض غمار التجربة ناهيك عن حياة الغربة وما تحمله من بعد عن الوطن والاهل. التعليم الجامعي عبر الانترنت يشكل الان البديل الواقعي للحصول على شهادة أمريكية أو اوروبية دون الحاجة لسفر. جامعات كبرى عالمية تدريجيا بدأت انتهاج هذا البديل الجديد فبدأت ببعض المساقات التعليمية وتنتقل إلى تعليم ثنائي أي عن بعد وبحضور بعض المساقات في الجامعة. لكن جامعة university of the people الامريكية ذهبت إلى التعليم عن بعد بشكل كامل ومطلق أي دون حرم جامعي واعتماد التعليم عن بعد بأربع تخصصات باللغة الانجليزية وتخصص ادارة الاعمال باللغة العربية والذي يدرس فيه قرابة الخمسة عشر الف طالب عربي.
توضح باسكلين شيربير رئيسة مجلس أمناء جامعة university of the peopleالهدف من التعليم عن بعد ” تم تصميم منهاج البكالوريوس في إدارة الأعمال وعلوم الكمبيوتر وعلوم الصحة لتلبية احتياجات السوق. هناك طلب كبير بفضل جودة وأهمية تعليمهم لاحتياجات السوق الحالية. ولأن معظم الطلاب يعملون بالفعل أثناء دراستهم ، فإنهم يدركون جيدًا متطلبات مكان العمل ويجدون أن الدرجات العلمية التي يدرسونها لها دور فعال في تعزيز تطورهم الوظيفي. تقدم الجامعة شهادات أمريكية معتمدة ومعترف بها أمريكيا عالية الجودة. يتيح نموذجنا للطلاب أقصى قدر من المرونة لمتابعة دراستهم بغض النظر عن أوضاعهم الشخصية مثل العمل أو أن يكونوا أحد الوالدين. يمكن للطلاب الدراسة في أي وقت ومن أي مكان ، طالما أن لديهم اتصال بالإنترنت “.
السوق السعودي يكاد يكون من أكثر الاسواق طلبا لطلاب الجامعيين وهنا تكمن الامكانيات بين العرض والطلب بمعنى أن عدد الجامعيين أقل بكثير من الطلب المتزايد في كافة القطاعات وذلك يعزز اهتمام الطلبة السعوديين بالحصول على شهادات جامعية تؤهلهم الحصول على وظائف عليا ومرموقة ودون الشهادة الجامعية تبقى الوظائف المتوسطة والدنيا هي الخيار الوحيد وهي غير مرغوبة من قبل الشباب والشابات السعوديين وخمسة الاف سعودي يدرس الان عبر الانترنت والرقم بازدياد في كل فصل دراسي حسب احصائيات الجامعة.
أما الطالبة ايناس النجار التي تسكن في المدينة المنورة فتخرجت من الثانوية العامة وبينما كانت تستعد للاتحاق بالجامعة فاصيبت بمرض مزمن منعها لسنوات من الدراسة الجامعية وبقيت تحلم بالدراسة وهي ترى زميلاتها تخرجن من الجامعات وهي لا تستطيع, تقول ايناس ” مع مرور الوقت لاحظت أنني كنت طيلة عمري لا أكف عن البحث عن أي فرصة علم وكنت مولعة و شغوفة جدا بالعلم حتى نصحني صديق بالدراسة عن بعد أو عبر الانترنت حينها كنت فرحة جدا وكنت أبكي من الفرح ,الحمد لله, فأنا احتاج الدراسة و إمتلاك مؤهل جامعي يرفع رأسي بين الناس فالعلم فخر و رفعة رأس و عون لي بعد الله سبحانه و تعالى كذلك. والدي كفيف البصر و لا يعمل ودخلنا الشهري محدود لذلك أنا أتوق للدراسة حتى أعيل عائلتي و أحسن الاوضاع و أساعد بنشر العلم قدر المستطاع فيما بعد “.
مازال الطريق طويلا أمام التعليم الجامعي عن بعد خاصة فيما يتعلق بقدرة الطلاب على الدراسة والعمل في نفس الوقت الامر الذي يحتاج لجهد كبير من قبل الطلبة. ويرى الخبراء أن ليس كل التخصصات تنفع لدراسة عن بعد خاصة تلك التي بحاجة لتدريب العملي أو لتفاعل بين الطلبة. رغم أن فكرة مكتبة الجامعة باتت غير ملزمة مع توفر الكتب عبر الانترنت بما فيها الدراسات العلمية التي تنشر إما مجانا أو باشتراكات ومع تقدم الزمن فإن أدوات التعليم هي الاخرى تتغير وتتطور فبدل الورقة والقلم والدفتر, الطلبة الان في الجامعات يكتبون ملاحظاتهم على الحاسوب داخل الصف الدراسي.
فكرة التعليم عن بعد ليست جديدة ولكن أدوات التكنولوجيا هي التي حولتها إلى فكرة واقعية قابلة لتنفيذ ومع هذا فإن التطور التكنولوجي لا يجب أن يكون على حساب جودة التعليم أو اربع سنوات من الاندماج في النشاطات الجامعية التي فيها ما فيها من ذكريات جميلة وتواصل مباشر مع طلبة قد يكونوا أصدقاء أو شركاء عمل في المستقبل. البديل الذي توفره الجامعات عن بعد هو منتديات التعليم أي خلق بيئة افتراضية لطلبة كي يتواصلوا مع بعضهم البعض. الان نرى ذلك على مستوى لاعبي اللعب الالكترونية لكن التعليم الجامعي مختلف وبحاجة لمثل هكذا تواصل.
أما فارق العمر وخاصة من يريدون اتمام شهادة جامعية وهم في متوسط العمر ويعملون في وظائف ثابتة ولربما لديهم عائلات فإن التعليم عن بعد قد يشكل ذلك الحل السحري لدراسة والعمل معا وحتى الزوجة التي لديها أطفال ولا تستطيع التغيب عن المنزل فسيكون لها متسع لدراسة على الحاسوب وبعد أربع سنوات تحصل على شهادة بكالوريوس أو بعد عاميين ممكن أن تحصل على شهادة متوسطة. وفي كل الاحوال التعليم شأنه شأن العديد من القطاعات سيخدم متطلبات الانسان أكثر من أن الانسان عليه أن يتكيف من متطلبات الجامعة بالوقت والمكان في عالم يتجه نحو الافتراضية والرقمية.