الثقافية

الكاتبة الدكتورة أنيسة فخرو موسوعة الأمثال والأقوال الشعبية في الخليج العربي نادي الخريجين

 

المقدمة
أتقدم بجزيل الشكر والتقدير الى نادي الخريجين على هذه الدعوة الكريمة وإلى اخي الكريم الدكتور يوسف محمد على إدارته المتميزة، وكل الشكر إلى جميع الحضور الكرام.
كما أتقدم بخالص الشكر إلى معهد الشارقة للتراث، على دعمه الكبير للرواة والمهتمين بالتراث والمأثور الشعبي، وقد قام المعهد بطباعة الموسوعة وتدشينها، وكان لي شرف إهداء النسخة الأولى إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة يحفظه الله ويرعاه، بصفته راعي الكتاب والفكر والثقافة والتراث.
وقد تفضل مشكورا الاستاذ عبد الرحمن أيّوب يرحمه الله، الخبير الدولي المعتمد في التراث الثقافي اللامادّي، بكتابة مقدمة الموسوعة، وقد قمت بإهداء الموسوعة إلى والدي عزي وفخري. وهذا هو التدشين الأول للموسوعة في البحرين.

منهجية العمل في الموسوعة:
بدأتُ العمل بالموسوعة منذ عام 2012م، وبعد قراءة العديد من المراجع والأعمال السابقة، تم جمع وتدوين الأمثال والأقوال الشعبية، ثم شرح وتفكيك ألفاظها، وشرح معانيها ومقاصدها، وتوثيق الأحداث، والزمان والمكان الذي قيلت فيه (إن وجدت)، وتَبِعتَها مرحلة التدقيق والمراجعة والتقييم.
وعلى الرغم من أن العديد من الباحثين قد سبقوني في ذلك، إلا أنني شعرتُ أن المجالَ مفتوحُُ، وبحاجة إلى توثيق الكثير من الأقوال والأمثال التي لم توّثق بعد، خاصة بعد أن تخطى عدد الأمثال التي جمعتها الألفي مثل، اقتنعتُ بأهمية إصدار العمل.
وغالبا يعتمد الباحثون في تصنيف الأمثال على ثلاثة طرق:
إما تصنيفها بحسب المقاصد والمجالات والمواضيع، كما صنّفها الباحث أحمد البشر الرومي إلى (54) موضوعا ومجالا، والعديد من الباحثين حذو حذوه، بتصنيف الأمثال بحسب المجالات والموضوعات.
وإما تُصنّف بحسب الأبجدية والحروف الهجائية، كما في موسوعة الباحث محمد علي الناصري.
وإما بدمج الطريقتيتن معا، الترتيب اللفظي مع تعدد الأغراض والمقاصد من المثل، وقد استخدم هذه الطريقة القليل من الباحثين.
ولقد أخذ المشروع الكثير من الوقت، واستغرق الكثير من الجهد، وكان من الممكن تقسيم وتصنيف الأمثال والأقوال بحسب المجالات والموضوعات، كالتصنيف بحسب: البحر، والطرب، والطبائع، والظلم، والغضب، والغفلة، وغيرها، لكننا أرتأينا تصنيفها بحسب الحروف الأبجدية، ليسهل على القارئ الحصول على ما يريده بسرعة، ولضمان عدم تكرار المثل.
وبعد تصنيف المثل بحسب الحرف الأبجدي، نأتي على ذكر المثل باللهجة العامية كما يُلفظ، وبعض الباحثين يؤكدون بأن اللفظ الحالي له علاقة بالقبيلة واللغة السائدة فيها قديما، وبالطبع الألفاظ لها علاقة بالبيئة الجغرافية والاجتماعية والثقافية، ففي المدن غالبا تُلفظ الجيم ياء، وخاصة إذا جاءت في بداية الكلمة، أما في القرى فتُلفظ الجيم صحيحة، لكن تُقلب الذال إلى دال، وهكذا دواليك، وفي مدينة المحرق مثلا يُلفظ حرف القاف تقريبا كما يُلفظ حرف الجيم باللهجة المصرية.
وقد حاولنا توثيق أغلب الأمثال والأقوال باللهجة العامية السائدة والدارجة في دول الخليج العربي، ثم جئنا على شرح المعنى اللفظي للمثل باللغة العربية الفصحى، ثم شرح المعنى الضمني أو المغزى والمقصد من المثل، بحكم أن أغلب الأمثال لها معنى ظاهري واضح، ومعنى باطني مستتر.
ولكي يكون الشرح واضحا مُرّكزا وغير مُسهب، تم اختيار كلمتي (لفظيا ومعنويا) لكل مثل ومقولة.
وفي بعض الأمثال والأقوال جئنا على ذكر بعض الأبيات من الشعر العربي لتعزيز الفكرة، وبعضها جئنا على ذكر تفاصيل الواقعة التاريخية، وبعضها ذكرنا القصة أو الحكاية أو الحدث المصاحب للمثل.
وبما أن العمل أصبح ضخما وتجاوز عدد الأمثال الألفين، لذلك أرتأينا تقسيم العمل التراثي إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول: يشمل الحروف الأبجدية من الألف إلى الخاء، وأرتأينا وضع الأمثال التي تبدأ باسم الجلالة (الله) في حرف الألف، وكذلك التي تبدأ بكلمة (اللي)، لأنها تعني ألذي، ولم نضعها في حرف اللام.
والجزء الثاني ويشمل الحروف من الدال إلى الكاف، والجزء الثالث من اللام إلى الياء. وقد بلغ المجموع الكلي للأمثال في الموسوعة (2162) مثلا.
وتعتبر الأمثال الشعبية مرآة صادقة تعكس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية لمختلف الشعوب، وتعبر عن تجاربها وحنكتها وحكمتها في تحليل المشكلات وكيفية معالجتها والتغلب عليها.
ونعتقد بأن العرب من أكثر الشعوب التي تتميز بالتنوع والغزارة في الأمثال والأقوال الشعبية، ونعزو ذلك إلى فخامة اللغة العربية، واتساع آفاقها ومفرداتها ومعانيها، خاصة وإن أغلب المفردات العامية تستمد جذورها من اللغة الأم.
ويكفي أن القرآن الكريم قد نزل بلغة عربية خالصة، وجاء على ذكر الأمثال في العديد من الآيات الكريمات، ومن قوله عز وجل: “ألم تر كيف ضرب الله مثلا، كلمة طيبة كشجرة طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أُكلها كل حين بأذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون.

تعريف المثل:
تعريف المثل ليس بالأمر الهيّن، ومن الصعب تعريفه تعريفا جامعا مانعا، فهل هو الجملة المختصرة؟ أم هو التعبير المُركّز والعبارة الموجزة؟ أم هو العبارة الموجزة ذات الإيقاع؟ أم هو كل هذا وذاك؟
يُعرّف المثل أبو إبراهيم إسحاق الفارابي (المولود في أواخر القرن الثالث والمتوفي 350 هجري): بأنه ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه، حتى ابتذلوه فيما بينهم وفاهوا به في السرّاء والضرّاء، واستدّروا به الممتع من الدُرّ، ووصلوا إلى المطالب القصيّة وتفرّجوا به عن الكرب، وهو من أبلغ الحكمة.
ويقول محمد رضا الشبيبي(1889-1965م): الأمثال خلاصة تجارب القوم ومحصول خبراتهم، وتتميز بالإيجاز والجمال البلاغي، ويحتوي المثل على معنى يصيب الفكرة في الصميم، ويعبّر عن التجربة.
ونحن نعتقد إن الأمثال هي حكمة الشعوب موضوعة في جمل قصيرة، وتبدو شعبيتها واضحة من اتصالها بالحياة اليومية والتفصيلات المعيشية، لأنها تمثل سجل لحياة الناس جميعا.

مميزات المثل وقواعده:
يعتمد المثل على ثلاثة أركان: الإيجاز، والتشبيه، وإصابة المعنى.
وقد وردت كلمة الأمثال في القرآن الكريم مرات عدة، مثل الآية الكريمة: “وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون”، والعديد من الأمثال مستمدة من النص القرآني الكريم، وأيضا بعضها مُستمد من الشعر العربي القديم والحديث.
ومن مميزات المثل:
ثبات العبارة وتداولها، وقدرته على التأثير النفسي، والسمة اللغوية الفنية.
المثل هو انعكاس طبيعي لحياة البشر بما فيها من خير وشر، وما يمر بهم من تجارب مُرّة أو حلوة، وهو في الأصل يعتمد على التشبيه، ويستخدم أساليب عدة مثل:
التهكم والسخرية، والتعرية، والدهشة، والتساؤل، والاستنكار، والتحذير.
والأمثال والمقولات الشعبية غالبا مجهولة المصدر، وتعتبر من الأدب الشعبي، وتعتمد على الشفاهة والنقل بالتواتر، ويتم توارثها من جيل إلى جيل، ويتناقلها مجموع الناس، على اختلاف جنسياتهم وقومياتهم وطوائفهم وعقائدهم وطبقاتهم وانتماءاتهم، لكي تُعبّر عنهم.

ونرى بأن كل أنواع الأدب الشعبي بما فيها المثل، يصدر غالبا عن النخبة الشعبية، لكن يتناوله الناس بالإضافة والتعديل، ليمثل الذائقة الشعبية في المجتمع، وله جذور راسخة متصلة بالمكان والزمان، فهو يحيا بالمكان ويتجدد مع الزمان.

ويرتكز المثل على قاعدتين أساسيتين:
القاعدة الأدبية: من حيث التركيبات اللغوية، من إيجاز وسحر البيان، واستعمال المحسنات اللفظية، والمبالغة، والسجع، وغيره.
والقاعدة الاجتماعية: من حيث المضمون والمحتوى، الذي ينطوي عليه المثل، وهو إفراز لرغبات مختلف طبقات الناس، ومن حيث ارتباطه بثقافة المجتمع عامة من جهة، ومن حيث البعد النفسي للفرد وانفعالاته الخاصة من جهة أخرى.
وتنقسم الأمثال إلى محاور ثلاثة رئيسة:
-أمثال تتناول النظام الأسري، أي العلاقة بين الزوجين، والأولاد والبنات، والأقرباء، والميراث، والطلاق وتعدد الزوجات، وكل ما يمس الأسرة.
-وأمثال توضح النظام الاقتصادي، من بيع وشراء، وطبيعة المهن والأعمال والمعاناة فيها، والفوارق الطبقية في المجتمع.
-وأمثال توضح النظام الديني والاجتماعي السائد، مثل النظرة إلى الموت والحياة، والحزن والفرح، والبؤس والسعادة، والقَدرية، والسعي والتوكل على الله.
إن الأمثال والأقوال الشعبية تؤرخ الأحداث وتوثق المواقف، وتعطي فكرة واضحة عن عادات الشعوب وأفكارهم ومعتقداتهم وتقاليدهم، وتعتبر مرآة تعكس واقع المجتمع بكل وضوح.
وعلى الرغم من أن الأقوال والأمثال الشعبية لا تتقيد بالقواعد النحوية والإملائية في اللغة العربية بل تُكتب بحسبما تُلفظ، إلا أن فيها بلاغة لغوية وسجع شعري، وتعتمد على القاعدة اللغوية: ما قل ودلّ.

مصادر الأمثال:
المثل كالحكاية الشعبية، يأتي من بيئات اجتماعية وثقافية وجغرافية مختلفة، فهناك أمثال من المدينة، وأمثال أيضا من البيئتين القروية والصحراوية، أما البيئة البحرية، فيمكن أن تكون لها علاقة بالبيئتين المدنية والقروية أكثر من البيئة الصحراوية، على الرغم من أن بعض المناطق الصحراوية لا يبعد البحر عنها كثيرا.
وبما أن منطقة الخليج قد مرت عليها العديد من الأمم والحضارات، كالحضارة السومرية والبابلية والآشورية واليونانية والفارسية والإسلامية، لذلك تُعتبر مثالا ناصعا مشرقا على التقارب والتزاوج والتلاحم بين مختلف شعوب الأقطار العربية.
لذا يمكن ملاحظة تأثير وتداخل اللغات الأجنبية الأخرى على اللهجة العامية في العديد من الأمثال والأقوال الشعبية، مما يدل على تلاقح الثقافات وتأثير الحضارات المتلاحقة، وأثر هيمنة لغة المستعمر على المجتمع، ومن الواضح تأثير الاستعمارين الفارسي والإنجليزي على المجتمع الخليجي، وبالطبع كان الإنجليز يعتمدون اعتمادا كبيرا على الهنود بحكم احتلالهم للهند، إبان سيطرة شركة الهند الشرقية، للتحكم التجاري في جميع مستعمرات التاج البريطاني آنذاك، مما ترتب عليه تأثير اللغة الهندية أيضا على اللهجة العامية في الخليج، وإدخال بعض المصطلحات باللغات الأجنبية على العامية.
وقد أثرت الحضارة السومرية خصوصا، على مخزون التراث في الخليج العربي كله بحكم التقارب الجغرافي والتاريخي والثقافي.
ولأن الله حبى الأمة العربية بلغة كريمة واحدة تتكلمها كل شعوب أقطار الوطن العربي الممتد من شرقه إلى غربه، فإنه يمكن ملاحظة توارد الأمثال نفسها في كل الأقطار العربية المختلفة والمحاذية، باختلاف اللهجات، ومع التحوير المناسب لألفاظ المثل، لكي يناسب البيئة المحلية في كل قطر عربي، وكثيرة هي الأمثال التي أصلها مستمد من اللغة العربية الفصحى، والمقتبسة من الأقوال المأثورة، والأبيات الشعرية، على مرّ العصور منذ ما قبل الإسلام، وحتى العصر الحديث.
والحقيقة إن الهدف من المشروع هو: توثيق جزء من الذاكرة الشعبية، وحفظ التراث لا غير، خوفا من ضياعه في خضم المتغيرات السريعة لمجتمعنا العربي عموما والخليجي خصوصا، خاصة وإن الجيل الحالي أصبح أغلبه يتحدث باللغة الإنجليزية، ويتبرأ للأسف من لغته الأم، اللغة العربية، أجمل لغات العالم، فما بالك باللهجة العامية، علما بأن 90% من مفردات العامية أصلها فصحى وتعجّ بها المعاجم اللغوية.
ختاما نتمنى أن نكون قد ساهمنا ولو بجزء بسيط في حفظ التراث وتجديد الذاكرة الشعبية، والله ولي التوفيق.

نماذج من الأمثال والأقوال الشعبية في الخليج العربي:
1-أدوس الشوك على مهواة قلبي وعندي الشوك جنّه ياسميني
لفظيا: أمشي على الشوك برغبتي وأرى الشوك كأنه ياسمين.
معنويا: مهما كانت صعوبة المشكلة، فإنها تهون إذا كان الإنسان مقتنعا وراغبا من قلبه في ذلك، ويمكن أن يتعرض المرء للعذاب والسجن بسبب قناعته، لكن يصبح العذاب بالنسبة له كأنه ورد وياسمين، ففي سبيل المبادئ أو الحب يهون كل شيء.

2-إذا ريجك حلو لا تلحسه كله
إذا كان ريجك حلو لا تبلعه كله
إذا ريجك عسل لا تبلعه كله
إن جان ريجك حلو لا تبلعه كله
إذا صديجك/ رفيجك عسل لا تلحسه كله
الريج هو الريق: أي اللعاب الذي يتكون في فم الإنسان والذي بدونه لا يستسيغ الأكل ولا يترطب الفم، وبدونه يجف الفم ويتعرض المرء للاختناق.
لفظيا: إذا كان صديقك عسل فعليك ألا تلعقه كله.
إذا ريقك له طعم لذيذ فلا تبلعه كله
معنويا: يُضرب المثل للإنسان الذي يتعود الاستعانة وطلب المساعدة من شخص معين أكثر من مرة وبشكل مستمر، وكذلك للإنسان الذي يريد أن يأخذ دائما دون أن يعطي.

3-اشعلامك يا يزر تتغلى؟ قال من الفوح أغلى
اشعلامك يا بصل تغلى؟ قال آنه على الزاد أحلى
لفظيا: ما السبب يا جزر أصبحت غالي الثمن؟ أجاب: بسبب غلياني في الماء.
ما السبب يا بصل صرت غالي الثمن؟ أجاب: أنا على المائدة أُصبح ألذ وأحلى.
معنويا: في ذم الغرور وابتعاد الصديق عن صديقه بلا سبب يستدعي ذلك.
في ذم التبجح والتفاخر بدون وجه حق بشكل ساخر.

4-الدهر بالتنكيس خاب حمل النخل وطاب حمل الخيص
الخيص: ثمر النخل الذي ينبت عشوائيا بدون الحاجة إلى عناية الفلاح ورعايته.
لفظيا: الدهر بالمقلوب أحيانا، يخيب حمل النخل المُعتنى به، والمُنبّت من قبل الفلاح، فلا يثمر رطبا طيبا، ويطيب ثمر النخل النابت عشوائيا.
معنويا: يُقال في حال تغيّر الأحوال لصالح المفسد والعاطب، وتأكيدا على أهمية وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

5-الرجال مخابر ماهي بمناظر
الناس بالمخابر مو بالمناظر
لفظيا: الرجال أفعال وليست أشكال
الناس بخبراتهم وليس بأشكالهم
معنويا: عدم الانخداع بالمظاهر والاهتمام بالجوهر، فالخبرة والتجربة هما محك الرجال.
ويُقال المثل عندما يرى الناس شخصا ذا هيئة فيها أبهة، ومظهر حسن، فينظرون إليه بأعجاب به وبشكله، ويأخذون عنه انطباعاً جيداً، بينما هو سيء الأخلاق والمعشر، في حين ربما يُشاهد المرء شخصا لا يعجبه شكله، لكنه يكون في تعامله حسن الأخلاق وطيب القلب والطبع، فلا ينظر المرء لشكل الشخص أو حُسن ملبسه، وإنما ينظر لفعله وسلوكه وتعامله مع الآخرين، فالدين المعاملة.

6-لا حَظت برجلها ولا خذت سيد علي
لا حَظت برجّالّها ولا خذت سيد علي
من أمثال البيئة القروية
لفظيا: لم تحظ بزوجها ولم تتزوج سيد علي.
معنويا: في ذمّ المرء الذي يترك ما في يده، طمعا في الحصول على ما هو أفضل منه، فلا يحصل المرء على ما يطمح إليه، ولا يحافظ على ما كان في يده.
كناية عن الخسارة الفادحة جراء الطمع.

7-لايموا الحفّ سلا يا بنات الجنعده
الحفّ: نوع من أنواع السمك كثير العظام زهيد الثمن، في الإمارات والكويت تُلفظ الحفّ بفتح الحاء، وفي البحرين بكسرها.
الجنعد: الكنعد: نوع من أنواع السمك قليل العظام غالي الثمن.
سلا: أشواك.
والمثل يأتي بصيغة تهكمية.
لفظيا: كدّسوا الأشواك على سمك الحفّ يا بنات الكنعدة.
معنويا: كناية عن عدم التفاخر والتباهي بما لم يصنعه المرء بنفسه.
وأيضا كناية عن الطمع، وهو شبيه بالمثل الشعبي: أهل البقر يطلبون من أهل الغنم زبدة.

8-يا البوّ
البوّ: عندما تلد البقرة ويموت رضيعها، فإن ضرعها يجف، ولا يدّر اللبن، لذلك يأخذ الرجل أو المرأة العجل الميت، ويُسلخ جلده ثم يتم حشو الجلد بالتبن ونشارة الخشب، ويتم تحنيط الرضيع، ويُطلق عليه بوّ، ويوضع بجانب أمه وكأنه حيا، فتقترب البقرة منه، وما إن تشم رائحته حتى تدّر اللبن، فيقوم صاحب الدار بحلبها سريعا قبل أن يجفّ ضرعها.
لفظيا: يا أيها البوّ
معنويا: من تُقال له هذه الكلمة يعاني من قلة الفهم والبلادة، لأن عقله محشوا بالتبن، كحال العجل الصغير الميت المحشو بالتبن.

9-يا خلّتي يا أهل الوداد يا ساكنين بأقصى الفؤاد
يا شاربين ماي الطِبِع يا ماكلين خنيزي عراد
ماي الطِبِع: عين طبيعية مشهورة في قرية عراد بالمحرق في البحرين، وقد اندثرت العين، كما اندثرت مثلها مئات العيون الطبيعية في البحرين، وتم دفن مساحات شاسعة من البحر، ولم يبق شيئا من بساتين النخيل، وتحولت أغلب القرى إلى مدن إسمنتية جرداء.
وفي تقرير صحفي مؤلم نشرته جريدة الأيام العدد 11398 بتاريخ 22 يونيو 2020 يؤكد بأن الحزام الأخضر أصبح أقل من 1% من مساحة البحرين.
خنيزي: من أشهى أنواع الرطب وألذه.
لفظيا: أيها الخلان يا أهل الودّ يا من تسكنون أقصى الفؤاد.. يا من تشربون ماء الطبع ويا من تأكلون رُطب عراد.
هذا القول يأتي على شكل موال يهزج به الغواص في عمق البحر، ليعبّر به عن الحنين إلى الوطن وأهله.
معنويا: كناية عن حب الأهل والوطن والحنين إليه وإلى من يسكن فيه.

الخاتمة: موروثنا كالبحر، واسع وغزير وعميق ومليئ باللالئ والخيرات والغموض والأسرار، والثراء والتنوع في موروثنا الشعبي جاء نتيجة عوامل عدة مترابطة بعضها ببعض، وأهمها علاقة الإنسان بالبيئة التي حوله، وكانت البيئة البحرية تمثل الشطر الغالب في مجمل حياة الإنسان في الخليج العربي، لذلك أبدع وأنتج، لذا نؤكد مجددا على أهمية المحافظة على البحر والتوقف عن ردمه كليا، واحترام البيئة وجميع الكائنات الموجودة على الأرض. لأننا بذلك نحافظ على موروثنا الثمين من الضياع، وهو بيت القصيد، وكان الهدف الأساسي من المشروع هو حفظ ما تبقى من التراث للأجيال القادمة، والله من وراء القصد.

 

زهير بن جمعه الغزال

مراسل شفق المنطقة الشرقية الأحساء 31982 ص ب 5855 موبايلي 00966565445111

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى