الثقافيةمقالات

عبث العبث .. د . ضيف الله مهدي

عبث العبث

المقصود بعبث العبث هو كل ما يمكن أن يتولد من عوامل العبث من عوامل ثانوية جديدة لها أن تؤدي إلى ظهور حالات ومسالك من العبث في الحياة العقلية للفرد ، وما يمكن أن يترتب على هذه العوامل الثانوية من نتائج عابثة بدورها في الحياة العقلية لصاحبها أو في ما تبقى من سمات هذه الحياة العقلية . ومع أن هناك أمثلة عديدة على هذا العبث الثانوي والذي نجده في المجالات الفكرية والاجتماعية والسلوكية وغيرها من المجالات الحياتية . إلا أن من أكثر ، وربما أهم مجالات ظهوره ، هو في الاتجاه إلى تناول المستحضرات والمواد والعقاقير والاعتماد عليها . وأهمية هذا الاتجاه لا تكمن في مجرد الإقبال والاعتماد على هذه المواد وتأثيرها على المجالات الطبية والاقتصادية والاجتماعية فحسب ، بل تتعداه إلى ذلك المجال والذي يصبح فيه العقل رهينة طيعة في قبضة الاعتماد على هذه المواد ، وله أن يدفع بعقل صاحبه إلى متاهات من العبث لا تمكنه من الرجوع إلى سابق عهده أو الاستدلال على طريق عودته حتى لو أراد الرجوع . قد لا يمكن تحميل أي فرد مسؤولية عوامل العبث في شخصيته وعقله والناجمة إما عن وراثته أو العوامل العديدة المكونة لشخصيته أو المؤثرة فيها من خارج نفسه أو من داخلها ، غير أن مسؤولية كهذه لا يمكن نفيها عن صاحبها لإقباله على تناول هذه المواد والاعتماد عليها ، ذلك أنه يفعل ذلك وهو في وعي تام وبإرادة حرة . وفي معظم الأحيان وهو على علم بالآثار الفردية والاجتماعية التي يمكن أن تتأتى عن هذا الفعل . ومع أن البعض يبررون تعاطي هذه المواد على أن التعاطي إنما هو عارض مرضي ويجب أن يعامل على هذا الأساس من عدم المسؤولية . إلا أنه لا يمكن تبرئة المدمن كليا عن إدمانه ولا بد من إشراكه بقدر ما يفقه وبقدر ما يعلم عن إدمانه . ، حتى لو اقتصر ضرر إدمانه على ذاته فقط.

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى