جديد الاخبار

تسردها د.حنان سلطان .. القصة الكاملة لتقنية “الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد للأنسجة والاعضاء البشرية”

 

الاحساء
زهير بن جمعه الغزال

في الرابع والعشرين من سبتمبر الجاري لعام 2023م عٌقدت الندوة الدولية لطباعة الأنسجة والأعضاء في الكويت بتنظيم المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية ،
وبالتعاون مع العديد من المنظمات والهيئات الشرعية، شاركت الأمين العام للجمعية العلمية السعودية للدراسات الطبية الفقهية استشاري وزميل الكلية الملكية البريطانية للنساء والتوليد و مساعدة الإنجاب والوراثة التناسلية الدكتورة حنان بنت علي سلطان ، ببحثها العلمي عن “طباعة الأعضاء التناسلية بين الطب والشريعة”.
وأوضحت د. حنان أن الطباعة الحيوية ثلاثية الابعاد للأنسجة والاعضاء البشرية تُعد ثورة علمية واعدة وتقنية رائدة تُتيح تصنيع أنسجة محاكاة حيوية متعددة النطاقات ذات هندسة خلوية معقدة في المختبر ، وهي بذلك تكون منقذة للأرواح ومعالجة لمشكلة الندرة البشرية في الاعضاء وطول قائمة الانتظار، إضافة إلى زيادة فرصة نجاح الزراعة كون الطباعة تستخدم خلايا الانسان نفسه وبالتالي تحل مشكلة الرفض المناعي للعضو المزروع من المتبرعين .
وأضافت أن هذه التقنية بدأت منذ عام 2003م في الحيوانات، وفي السنوات الماضية نجحت طباعة الاربطة والغضاريف في البشر، وسرعان ما تطورت لتشمل نجاحات عدة في طباعة الجلد وغضروف الاذن الخارجية وقرنية العين وغضاريف القصبة الهوائية وصمامات القلب، وجزء مصغر من الكُلى وقطعة من الكبد و قلب بحجم صغير في البشر ، كما نجح الباحثون في عدة مراكز حول العالم وخاصة في الصين وأمريكا وأوروبا في تجارب عديدة لطباعة العديد من أعضاء الجسم في الحيوانات مستخدمين أنسجة وخلايا بشرية لتطوير الحبر الحيوي المناسب و تنمية الخلايا البشرية في المختبر ، وفيما يخص طباعة الأنسجة والاعضاء التناسلية (المبيض) في الحيوانات، استطاع علماء من جامعة نورث ويسترن بشيكاغو عام 2017م من طباعة مبايض بتقنية الطباعة الحيوية ثلاثية الابعاد، قادرة على أداء وظيفتها ، ثم زُرعت في إناث فئران فقدت مبايضها فاستعادت دورتها الشهرية، وأنجبت فئران صحيحة الجسم واستطاعت ارضاعها بشكل طبيعي ، كانت هذه بداية مشجعة وانطلاقة للعديد من الباحثين حول العالم لتطوير طباعة المبيض وتطبيقها على البشر ، وما زالت هذه التقنية في مراحلها الاولى وتواجهها العديد من التحديات التقنية مثل : صياغة الحبر الحيوي المناسب والهياكل أو السقالات المستقرة ومواد النمو اللازمة لطباعة المبيض البشري، و تعزيز التروية الدموية المناسبة لبقاء البييضات حية في المبيض المطبوع . هذا إضافة إلى وجود العديد من التحديات الاخلاقية والدينية والاجتماعية والقانونية التي تحتاج إلى سن النظم و القوانين لهذه التقنية الواعدة و متابعة المستجدات في هذا المجال سريع التطور وتقنين تطبيقه للأمور العلاجية والبحثية ضمن الضوابط الشرعية .
وقالت د. حنان إنه في حال نجاح تطبيق طباعة المبيض على البشر، سيكون هناك فوائد علاجية جمة ، لعل من ابرزها تمديد عمر الإنجاب لدى المرأة، و إعادة الأمل في الإنجاب للائي يعانين من مشكلات في المبايض تمنعهن من الإنجاب مثل قلة مخزون البيض وفشل المبايض الثانوي والذي تعاني منه حوالي 1% من السيدات حول العالم. إضافة إلى أن تقنية طباعة المبيض قد تمثل الحل الامثل لمريضات السرطان اللواتي لا يُنصح بزراعة أنسجة المبيض المجمدة والمذابة بعد إستخدام العلاج الكيماوي أو الاشعاعي لهن ، حيث هناك إحتمالية وجود بعض الخلايا السرطانية الموجودة في المبيض الذي تم استئصاله قبل العلاج الكيماوي حسب الدراسات الحديثة والتي قد تسبب رجوع السرطان لهن بعد العلاج، و من الممكن بشكل كبير أن يستفيدوا من المبيض الاصطناعي القابل للزرع لإستعادة خصوبتهن.
في حين تمكن الباحثون من جامعة زهجينغ بالصين هذا العام 2023م من طباعة بطانة الرحم البشري لإصلاح مشاكل الندب والالتصاقات الرحمية، وزيادة سماكة وتروية بطانة الرحم بالكامل وبالتالي زيادة نسبة نجاح إنغراس الأجنة وفرصة الحمل وإتمامه في الفئران بعد الطباعة الحيوية لبطانة الرحم وزرعها في اماكن تلف البطانة. بينما تمكن فريق اخر من الباحثين من جامعة جوتنبرج بالسويد عام 2019م من زراعة عضلات الرحم بالهندسة الحيوية بإستخدام سقالة متوافقة حيوياً. ، كما تمكن فريق من جامعة تكسس بهيوستن عام 2017م من طباعة عضلات الرحم و قياس انقباضها وانبساطها وتأثير الادوية عليها بإستخدام خلايا من عضلات رحم بشرية.
ولفتت د.حنان إلى أن هذه الانجازات مجتمعة ستساهم بمشيئة الله تعالى في فهم فسيولوجية عملية الولادة ، الامر الذي قد يساعد في الوقاية ومنع الولادة المبكرة وتقليل نسبة ولادة الأطفال الخِداج. كما يمكن ترميم الندب والتليفات بعد إجراء العمليات القيصرية المتكررة أو استئصال الاورام الليفية في الرحم التي قد تسبب انفجار الرحم مع الولادة وخاصة في حالات المشيمة المتقدمة والمنغرسة في جدار الرحم . إضافة إلى معالجة بطانة الرحم الهاجر التي تصيب عضلات الرحم ، في هذه الحالات لا نحتاج إلى طباعة الرحم بالكامل ولكن فقط جزء من بطانة الرحم أو عضلات الرحم لإصلاح التلف.
ونوهت د. سلطان ، أن طباعة الرحم بالكامل قد نجحت في الفئران بعد أن تمكن الباحثين في جامعة ييل بامريكا عام 2020م في زرع سقالة مطبوعة ثلاثية الأبعاد في تجويف البطن لدى فأر، مما سمح للفأر بالحمل والولادة. و يمثل هذا البحث خطوة حاسمة في تطوير تقنيات الطباعة الحيوية للرحم بالكامل. ويعطي الامل في الإنجاب للسيدات اللواتي فقدن أرحامهن بعد استئصال الرحم، أو من لديهن عيوب خلقية في الرحم تمنعهن من الإنجاب ، إلا أن طباعة الرحم في البشر قد تمثل تحديًا كبيرًا بسبب تعقيد أنسجة الرحم وخاصة توفير التروية الدموية المناسبة ونجاح زراعته في الجسم.
وواصلت د.حنان :
حالياً هناك العديد من المراكز البحثية حول العالم التي تقوم على هذا ونـأمل في المستقبل غير البعيد أن تُحقق هذه النجاحات في طباعة الأعضاء البشرية وتشمل الأعضاء التناسلية ، والتي تستخدم خلايا الشخص نفسه في هياكل الطباعة الامر الذي سيقلل نسبة الرفض المناعي للجسم كونه من نفس الشخص كما يقلل من وقت الانتظار في البحث عن متبرع مناسب ، ونظراً لأن خلايا الحبر الحيوي المستمدة عادةً ما تكون من خلايا المريض نفسه (الذاتية) وفي بعض الحالات قد تكون من الجهات المانحة (متبرعين) ، وغالبًا ما تُستخدم الخلايا الجذعية المحفزة متعددة القدرات (iPSCs) أو الخلايا الجذعية الوسيطة (MSCs) نظرًا لقدرتها على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا. لذا يُنصح بتجميد الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري عند الولادة للجميع، وفي حال احتاجها الانسان في اي مرحلة من مراحل حياته لاحقاً للعلاج والترميم، من الممكن استخدام الخلايا الجذعية الذاتية لترميم وتجديد اي عضو من اعضاء جسمه التالفة (بسبب مرض أو حادثة) ، وهذا الأمر سيكون ثورة علمية رائدة في مجال الطب التجديدي ومستقبل مشرق للرعاية الصحية و حل جذري للعديد من الامراض الطارئة و المستعصية.
و شددت د. حنان على أهمية اتباع نهج “متكامل” لضبط الجوانب الأخلاقية والتدابير القانونية مثل إنشاء لجنة دولية متعددة التخصصات للعمل على إطار سياسات الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد. وتشمل براءات الاختراع و ضوابط فعالة لمنع سوء الاستخدام والحاجة إلى الرقابة التنظيمية ، كما دعت إلى ضرورة إنشاء فرق على المستوى الوطني لتقييم تحليل المخاطر والفوائد، مع الأخذ في الاعتبار وجهة النظر الثقافية والدينية والجوانب القانونية والاجتماعية.

زهير بن جمعه الغزال

مراسل شفق المنطقة الشرقية الأحساء 31982 ص ب 5855 موبايلي 00966565445111

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى