مقالات

ورقةٌ وقلم

بقلم ــ أبوطالب محمد دغريري

 

القلم ُ له مكانة ٌ عليا في مخيلة المفكرين والفلاسفة والأدباء نظراً لإرتباطه الوثيق بالجمال معنى ًوشكلاً في كل المناحي ولذلك ماجاءت به الحضارةُ الإنسانية من إبداعاتٍ خلاقة إلى يومنا هذا تعود إلى العمل الدؤوب والمستمر الذي مارسه الإنسان منذ وجوده على الكرة الأرضية ،فكل ماانتجه هو مطلب ، وكل ماحصل عليه من ْ قيم ٍ حضارية ومكتشفات هو ماأكسبته البشرية ُ له ، ولولا القلم ُ وكثرة التفكير والإبداع والكتابةُ والتدوين لما استطاع أن يصل إلى المستوى الحضاري الذي وصل إليه في عصرنا الحاضر.
فمنذ نعومة عقولنا ونحنُ نؤمن أن أي حقيقة تواجهنا ليس لها نفس ُ الأهمية كأهمية ِ تصرفنا تجاهها،لأن تصرفنا تجاه المشكلة هو الذي يحدد نجاحنا اوفشلنا،ومنذ زمن ليس ببعيد كان كل ٌ منا يستخدم عقله للتفكير وقلمه للكتابة ِ وورقته لحفظ مايفكر به ويسطر قلمه .
نحن ُ من يحاول طمس القلم وجعله من تراثنا القديم الذى عندما نراه نتذكر ُ الماضي بكل تفاصيله وتناسينا بعمدٍ منا أنَّ الماضي هو الحاضر والمستقبل عند الشعوب المتقدمة والمقدرة للماضي .
ليس مربحاً لعقلك ولا لمستقبل من يهمك مستقبله أن تتخلى عن كيفية امتلاكك للقلم شكلاً ومضموناً ، من حقك أن تحلم بالنجوم ولكن في نفس الوقت لاتنسى أن قدميك مازالتا على الأرض ، فإذا كانت التقاناة التى تجعلك تطمس القلم والورقة والخاط والمخطوط هي النجوم ،فالقلم ُ هو من جعلك تخطو نحو تحقيق الهدف والوصول للنجاح ،ولتعلم أنَّ مدى استخدامك للقلم يحدد تفكيرك فالعقول العظيمة تناقش الأفكار ،والعقول المتوسطة تناقش المشاكل ،والعقول الصغيرة الغيرة الناضجة تهتم بالأشخاص والقدح فيهم ،فليكن تفكيرك دائما مناقشة الأفكار ولن يتأتى ذلك إلا بمعاشرة أهل العقول العظيمة لتكون في مقدمتها ، فمن المخزى والمخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه لأنك لو كنت عملياً في حياتك لأزلت ذلك الحجر الذى تعثرت فيه ؛لأنك إن تعثرت مرةً أخرى فستتعثر ُ في احجار غيره وعقبات أخر،
ولهذا داوم على إزالة العقبات من حياتك .
وبهذا لن يبقى مايعيقك بل ستجمع تلك الأحجار لتبنى بها مجداً ، ومن المخجل أن نصف الأمي بالجهل ونترك صاحب العلم الذى تعلم الأمية على كبر ينعم بلقب صاحب العلم ،وهو منكفئٌ على تعلم الأمية لأنَّه نسى أوتناسى فضل القلم أوتكبر عليه وجحد حقه ،لقد استحق أرسطو أن نرفع له اليد تصفيقاً عندما تحدث عن الإنسان قائلاً أن المرء هو أصل كل مايفعل ..فإذا تخليت عن القراءة فأنت أصل لذلك وإن تخليت عن الكتابة فأنت أصل لذلك وإذا تخليت عن التفكير والتطوير لذاتك فأنت أصلٌ لذلك ، فلتأخذ من وقتك ثواني معدودة ولتسأل نفسك بعقلانية وحذر دون التلاعب بمصداقية عقلك ، ماذا لوتخلى المرء عن القراءة والكتابة والتفكير والتطوير للذات؟
ذلك الوقت سيكون ثياب ه الذى تلامس جسده هو هي أثمنُ مايمتلك في حياته ،ووقتها سنعلن جميعاً الحداد ُ على القلم ولاعزاء للأوراق المتناثرة.
يقول عبدالله بن المقفع “القلم بريد القلب”ويقول أبودلف”القلم صائغ الكلام ويفرغ مايجمعه العلم ” وقال ابن أبي داوود “القلم الدنيا والآخرة” وقال أحمد بن عبدالله “القلم راقدٌ في الأفئدة ،مستيقظٌ في الأفواه ” وقال سهل بن هارون “القلم أنف الضمير إذا رعف أعلن أسراره ،وأبان أثاره ” وقال عمرو بن مسعدة “الأقلام مطايا الفطن” وقال المأمون “لله در القلم كيف يحوك وشي المملكة ” وقال أحمد بن يوسف “عبرات الأقلام في خدود كتبها ،أحسن من عبرات الغواني في صحون خدودها “
وقال آخر “القلم يسمع النجوى ،وأخرس يفصح بالدعوى ،وجاهل يعلم بالفحوى”
وقيل “عقول الرجال تحت أقلامها “
وزاد عبدالله بن المقفع على قوله أولاً ” القلم بريد القلب يخبر بالخبر ،وينظر بلا نظر “
ولله در أبوالفتح السبتي حيث يقول في القلم :-
إذا أقسم الأبطالُ يوماً بسيفهم
وعدوه ممايكسب المجد والكرم
كفى قلم الكتاب عزاً ورفعةً
مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم

وقال أحد الشعراء واصفاً القلم :-
له منخرٌ في غير وجهٍ ويعتدي
بمر جناحين استعيرا من الفكر
يُدمرُ أقواماً وينعش معشراً
ويصدر أراء الملوك ومايدرى

وأختمُ هذه المقولات بقولي “بأن القلم له مكانة ٌ عظيمة ودليل ُ ذلك الكلمات العاطرة التى نقلتها لرجال ٍ تشبعوا حب القلم فجعلهم ذلك الحب ُ يغردوا بتلك النصوص التى تُعد باباً من أبواب ِ الحكم في القلم” “فأتوا لى بمنازعٍ للقلم” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى