مقالات

قصتي مع الزبدة

بقلم : د. سعود بن صالح المصيبيح

في فترة مضت وحين كانت بعض الأجهزة الحكومية تكافئ بعض موظفيها المتميزين بانتدابات لخارج المملكة يستفيد منها الموظف في دورة أو خلافه ،كان لي شرف الاستفادة من ذلك حينما استفدت من انتداب صيفي لبريطانيا في عام 1404هـ لمدة شهرين التحقت فيها بالسكن مع عائلة إنجليزية في ضاحية هوف في برايتون، وكان الحرص واضحًا لتعليم اللغة والالتحاق بأحد المعاهد هناك..

العائلة الإنجليزية اعتادت استقبال الطلبة الأجانب…

وكنا أربعة نمثل جنسيات مختلفة جئنا لتعلم اللغة في بريطانيا.. الاكل المقدم من العائلة لا يقارن بما اعتدنا عليه كشباب مليء بالحيوية والطاقة؛ حيث نستفيد كذلك من فترة بعض الظهر لممارسة كرة القدم هناك….

كانت الوجبة صباحًا شيئًا من الزبدة وتوست ثم الذهاب للمعهد..
العائلة وبقية الطلبة الأجانب يمسحون الزبدة على التوست بخفة ثم يفطرون وينصرفون أما صاحبكم ولقلة الأكل المقدم من العائلة في فترة الغداء والعشاء.. فكنت أتأخر قليلًا في تناول الإفطار حتى يغادر الجميع وأبدأ بوضع الزبدة بكمية وافرة على التوست وأتناوله هنيئا مريئا.

استمر الحال على هذا المنوال زبد مكثف أغرفه غرفا من علبته وأخرج للمعهد متخما وشاعرا بالشبع الذي يساعدني على مقاومة الأكل التعيس الذي تقدمه العائلة يوميا..

لقد استمرت العلاقة مع الزبدة حتى كنت أنتظر نوم العائلة وآتى ليلا للثلاجة لآكل مالذ وطاب من الزبدة..

جلست في بريطانيا شهرين أتناول الزبدة بكثرة حتى إن العائلة دهشت من سرعة انتهاء الزبدة من المطبخ..

عدت بعد ذلك للمملكة وواصلت شراء الزبدة بكثرة وآكلها بكثرة غادرت للبعثة وواصلت أكل الزبدة صباحا ومساء.

أدخل المطعم وأول ما أسأل عن رفيقتي الزبدة، أركب الطائرة وعندما يقدم الأكل لا أكتفي بالزبدة الموجودة.

بل أطلب زبدة إضافية

عدت من البعثة في عام 1411هـ وواصلت أكل الزبدة وبحب أكثر وبرغبة أكثر.. وبدأت أتفنن في معرفة عناوين شركاتها ونوعية منتجاتها، وأصبحت خبرتي بالزبدة كبيرة

حتى الزبدة البلدي والزبدة من نتاج اللبن المنزلي مع التمر الأقط من ألذ الوجبات عندي..

كنت أمارس الرياضة وبدأت مشاغلي مع نهاية عام 1414هـ تكثر فانعدمت الرياضة واستمرت الزبدة..

ازداد وزني وزاد مع الزبدة كمية اللحوم والشحوم التي نأكلها في وجباتنا الغذائية.

بعد أربعة عشر عاما من إدمان الزبدة بدأت أشعر بآلام شديدة في الصدر وضيق في التنفس وراجعت الطبيب الذي شخصها على أنها آلام في الشرايين، ولابد من عمل القسطرة،

أدخلت للمستشفى وبدأ الدكتور يخبرني عن كمية الكوليسترول الهائلة المترسبة في الشرايين والتي ضيقت على الدم المرور، وبالتالي لابد من عمل توسعة البالون وضع دعامات لكي يسير الدم بشكل أفضل.

علم الطبيب عن قصتي مع الزبدة فدهش لقلة الوعي حول هذه الناحية خصوصا مع الزبدة الذي يعد أكثر الأشياء سببا للكوليسترول المضر للشرايين.

آخر قياس للكولبسترول بعد إجراء القسطرة والتوسعة هو 145 والحد الأعلى هو 239 بينما كان الكولبسترول يضرب بالثلاثمائة وأكثر..

أعتقد أنني أكلت ما يكفي من الزبدة، وكان آخرها وجبة زبدة قبل زيارتي للطبيب، والتي تمت قبل خمس سنوات..

انتهت الزبدة من حياتي وتفتحت شراييني أكثر، وبقى الاستمرار على الرياضة والمحافظة أكثر على الأكل الصحي القائم على الألياف والفيتامين والخضراوات والفواكه.

ولا زبدة بعد اليوم، لكن ما الذي حدث بعد أربع سنوات من عمل القسطرة والتوسعة بالبالون عادت حليمة لعادتها القديمة…

اللحم والرز والحلويات آكلها بدون تردد، انقطعت عن الرياضة وعدت أسير إلى المكتب والانغماس في العمل والتهام الأدوية بدون هوادة شيء للكولبسترول وشيء للشريان ولا نعلم أين نسير مع المرض.

نسأل الله العلي القدير أن يجنبنا الأمراض، ويعافينا منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى