ادب وفنالثقافيةمقالات

(ذكريات الأمس) بقلم /مرشده فلمبان

 

تنتابني نوبة بكاء شديدة حين أخلو مع نفسي _ ماذا أفعل وقد مللت مما يخطه قلمي في سطور مذاب فيها أنيني وتعبي؟ فأحببت أن أبدل قليلاََ من روتين مساري الذي يقلني إلى مراكب الإحباط والتذمر، وأدير قلمي إلى مساحات قلبي المكتئب.. وأجثو بكل حنيني إلى مراتع الذكريات الجميلة، أشعر في هذه اللحظات أن في داخلي ما زالت تقبع طفلة مدللة تتسلق أسوار ذاكرتي تعبث بكل تفاصيل لحظاتي وقت الفجر الباسم بعد التفرغ من واجبي الديني.. وددت الهروب من كهوف الوحدة والملل ومن واقعي المؤلم _جلست على مقعدي أمام التلفاز أتابع في شوق ولهفة حلقات مسلسل كرتوني (لوسي) طفلة فقدت ذاكرتها وبعد بحث مطول من قبل أسرتها بعد عودةذاكرتها عادت لمرحها وجمال لحظاتها تغني في غابات الشوق والفرحة.. أشاهد المسلسل في غاية المتعة والإنسجام _ هذا جانب من صبايا السعيد في الزمن الجميل _ذكريات الصبا ما اعذبها!!! تحملني هذه الذكريات وبكل أسى ندب حظ جل أطفال اليوم جيل الأيباد والأجهزة الذكية التي شوهت جمال لحظاتهم ولحظاتنا معهم.. وغيبت معالم الجمال الروحي في نفوسنا نحن البشر؛ نراهم يقبعون مع أجهزتهم في كل زاوية من زوايا المنزل _ كل في شئونه وألهياته لا يتخاطبون حتى التلفاز بدأ يهجره الأطفال فلا تعنيهم برامج الطفولة إطلاقاََ.. ولو أن الأفلام الكرتونية أشد إيذاءاََ لمحتواها السيء المدسوس كالسم في العسل.. لقد غيبت عنا هذه الأجهزة الذكية الطفولة النقية جعلتنا نشعر أن حياتنا في هامش البؤس وقمة الوجع النفسي.. ما أجمل تلك اللحظات التي تعيدنا مع أطفالنا إلى أيامنا الأجمل مهما شاخت الأيام والسؤال يطرح نفسه بحزن /لماذا نختزل الألم والقسوة وجفوة المشاعر لأنفسنا؟ ألا يحق لنا أن نطبطب على ذواتنا بشيء من البهجة والفرح؟ فهل قدوة الوالدين والتربية في مؤسسات التعليم والإعلام تسهم في إنقاذ الطفولة المعاصرة ليكونوا قادة الغد رجالاََ ونساءاََ؟ أم يتركون الحبل على الغارب وينقلب الحال إلى غير حال؟ عسى الله أن يغير الحال إلى الأحسن.. ومن يكن مع الله في هديه يهده فرداََ كان أو مجتمعاََ.

مُرشده فلميان

كاتبة مقالات وقصص قصيرة وخواطر معلمة وعضوة عاملة في جمعية متقاعدي مكة المكرمة وعضو مشارك بصحيفة شفق الالكترونية.
المدينة : مكة المكرمة
الايميل : [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى