شعر وخواطر

“قيلولةُ الأربعين”

أبوطالب دغريري

 

مساء الخير ياأناْ
ساأترك قيلولة المساء المعتادة
قائلاً لي:
مساءُ الود ياأنت
ثم امنح رأسي الممتلئ بشيب الأربعين قبلة .
ثم اعتذاراً لعقودي الأربعة المنصرمة
اعتذاراً شديداً
عمافعلته السنون بي
من كبر على صغر
وروحٌ تهزمها الصِغر
ثم انهضُ متثاقلاً
بعد وجبةٍ جازانيةٍ فاخرة
ولمة ٍ عائلية مهيبة
تملؤها مشاغبات الأطفال
وشكاوى الضرب والفعال
ولقمةٌ تؤكل وأخرى تطير
في ساحة الحكم
والضحك
في مرافئ براءة الأطفال

أعددت كوباً من الشاي
منكهاً بالنعناع المديني
مُحلاً بظرف الدايت
الذى هو رفيق سفرةِ
من مثلي من الأقران
فذلك إدماني الجديد
ثم جلستُ ملياً
أحكي لي
عمايكدرني
خالعاً كل الحُجب
متعدياً مقص الرقيب
متجاوزاً الصمت الرهيب
حكيت لي كثيراً
اتسع خاطري لي كثيراً
ارتحت لكلماتي المنمقة
وحروفي المتزنة
استرجعتُ قراءتي الآنفة
وغوصي في اللغويات
وصداقتي للجاحظ
واستظهاري لشعر عمر بن أبي ربيعة
واهتماماتي الغابرة
من مطالعة الصحف والأخبار
حين كان المصادر شحيحة
والخبر يصنع بنصف مصداقية
حتى وصلنا إلى أصبحت الأخبار
خبراً يصنع من خيال
وتتلاقفه الألسن والمواقع
حتى عرفت أنه في زحمة المعلومات
ضاع الصوت الصريح وتاهت الحقائق
وأصبح الواقع يُحرف ولايُقرأ
والحقيقة تُقتل والخيال ينمو ويحيى

ثم صببت كوباً آخر لنفسي
لتستفيض ذاتي في البوح
وأدواي بالبوح جرحي النازف
في عجلةِ العشرين
وركود الثلاثين
وقمة الرشد في مستهل الأربعين
ظللت مساءى كله
بصحبتي
حتى أطل الصبح ببهجته
فقلتُ لذاتي
تصبحين على خير ٍ
ومنحتُ نفسي قبلة أخرى
ناصحاً
وواعظاً
نفسي
ألا افكر بشئٍ
ولاأفكر فيما مضى
وأن أصنع من يومي لغدي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى