حكومة العراق والمخاض العسير.. الكاظمي للواجهة مجدداً
“ولادة من الخاصرة”، هو حال الحكومة العراقية المزمع تشكيلها، فعلى الرغم من تأكيد محافظ النجف عدنان الزرفي قبل أيام على عدم وجود أي نية للاعتذار عن تشكيل الحكومة، تداولت الأوساط العراقية مجددا اسم مدير جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بديلا عنه.
وأفاد مصدر مطلع أن هذه المعلومات لم تكن إلا تكهنات لا أساس لصحتها، خصوصاً وأن كثيراً من الفصائل المسلحة والكتل السياسية الشيعية في العراق كانت وجّهت اتهامات خطرة للكاظمي، بينها التواطؤ في عملية اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ومعه أبو مهدي المهندس.
وفي المعلومات أيضا أن التوافق الشيعي الذي قيل إنه جاء بالإجماع على الكاظمي قبل يومين، اتضح أنه لم يكن إجماعاً نهائياً، بل إن إعادة طرحه تنذر بشق البيت الشيعي، وذلك طبقا لما جاء في تقرير لصحيفة “الشرق الأوسط”.
كما أوضح أنه قد طُلب من الزرفي الانسحاب من التكليف، إلا أن الأخير المعروف بعناده، أكد أنه لا يفكر بالانسحاب مهما كلف الأمر، كما سبق وأعلن بنفسه قبل أيام.
وأشار المصدر إلى أن قرار الزرفي عقّد الموقف أكثر على الكتل الشيعية التي اتفقت على الكاظمي.
“الفتح” عقدة الحل!
رفض الزرفي ليس جديدا، فمنذ بدايات طرح اسمه كانت الكتل الشيعية أمام مفترق صعب بين مؤيد ومعارض، إلا أن الجديد اليوم، في رفض الزرفي وقبول الكاظمي يكاد ينحصر داخل تحالف الفتح بقيادة هادي العامري والفصائل المسلحة القريبة منه.
ففي حين يحظى الزرفي بتأييد متباين من معظم القيادات الشيعية باستثناء “الفتح”، إلا أن الكاظمي قد عاد منذ يومين إلى الواجهة بقبول مفاجئ من قبل التحالف، فضلاً عن زعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم.
بالمقابل، فإن زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر وزعيم “ائتلاف النصر” حيدر العبادي يرفضان تكليف الكاظمي الذي قالت مصادر مقربة منه إنه اشترط لقبوله المنصب إجماعاً شيعياً مكتوباً.
ومن داخل البيت الشيعي ومن كتلة “سائرون” المدعومة من زعيم الصدر.
أما اللجنة السباعية التي شكلتها القيادات الشيعية لاختيار مرشح لرئاسة الحكومة، فلم تطرح أصلا اسم الكاظمي بعكس الزرفي، وعقب فشل اللجنة في الاتفاق على اسم معين، قامت برفع مجموعة من الأسماء إلى الرئيس العراقي برهم صالح بانتظار ما يتم التوافق عليه داخل زعامات الخط الشيعي الأول.
اسم آخر!
وطبقاً للمعلومات التي جرى تداولها ليلة في منتصف مارس/آذار الماضي، فإن الزعامات الشيعية اتفقت على نائب رئيس ديوان رئاسة الجمهورية نعيم السهيل للمنصب، لكنها عادت وبعد نحو ساعتين من الاتفاق عليه وألغت كل شيء، وتركت الأمر لرئيس الجمهورية برهم صالح، الذي كلف الزرفي رسميا.
وعما حدث حينها أوضح الزرفي الاثنين، أن صالح طلب منه الحضور إلى قصر السلام ومعه النواب الموافقون بعد الحصول على تأييد عدد من قيادات البيت الشيعي، ثم أصدر الرئيس مرسوم التكليف في نفس اليوم قبيل ساعة من نهاية المهلة الدستورية تقريبا، بحسب قوله.
“المكلّف العنيد”
ومن المفترض أن الكاظمي الذي أعيد طرح ترشيحه منذ يومين لم يكن ضمن دائرة المرشحين الشيعة الضيقة التي ضمت بين مرشحيها الزرفي، لأن الكاظمي تم استبعاده منذ البداية بعد توجيه التهم الخطيرة له.
وبحسب المعلومات، فإن التوافق بالإجماع الذي قيل عنه، على الكاظمي لم يكن إجماعا بالفعل، فالزرفي الذي أكمل تشكيلته الحكومية وطلب عقد جلسة برلمانية لنيل الثقة، طُلب منه الانسحاب من التكليف والاعتذار عنه إلى رئيس الجمهورية لكي يتمكن الرئيس من سحب مرسوم التكليف على غرار سحبه مرسوم تعيين القاضي محمد رجب الكبيسي عضواً في المحكمة الاتحادية العليا، بحسب المصدر، إلا أن الزرفي رفض الأمر تماما وقال إن جلسة البرلمان هي التي تحدد فيما إذا كانت حكومته ستنال الثقة أم لا.
“لن أتنازل”
يشار إلى أن رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي كان أكد قبل أيام أن كلف بتشكيل الحكومة دستوريا، موضحا أن حكومته ستعمل على 4 محاور مهمة، وهي العمل على إيجاد الحلول للأزمة المالية، وفرض هيبة الدولة وسيادة القانون، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، فضلا عن توازن العلاقات الدولية لعراق قوي ووسطي، بحسب تعبيره.
كما تابع، أنه لن يعتذر عن استكمال مهمته المتمثلة بتشكيل الحكومة مطلقا، ولن يتراجع عن دستورية التكليف ولن يخذل من سانده ووقف معه من القوى المجتمعية والسياسية”، مشيرا إلى أن الخيار متروك لأعضاء البرلمان والكتل السياسية الوطنية بمنحه الثقة معززة بدعم الشارع والتوافق مع رأي المرجعية من أجل تنفيذ البرنامج الحكومي، وفقا لما قال.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح قد كلف منتصف مارس/آذار الماضي عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة العراقية، بعد أن فشلت اللجنة السباعية (المؤلفة من أبرز 7 كتل شيعية في البرلمان العراقي) في التوافق على اسم موحد لتشكيل الحكومة.