الثقافيةمقالات

الشخصية المضادة للمجتمع ( السيكوباثية)الحلقة الثالثة.. د . ضيف الله مهدي

• الصفات الأساسية للشخصية السيكوباثية :
1ـ تتسم بالعنف غير الطبيعي ، أو سلوك خطير لا يتسم بالمسؤولية .
2ـ تعاني من انحراف السلوك ، وتسبب المعاناة لمن حولها في الأسرة والمجتمع .
3ـ سريع الاندفاع وعديم الشعور أو قليل الشعور بالندامة والإثم .
4ـ عاجز عن تكوين علاقة دائمة من المودة مع غيره من الناس .
5ـ أناني لا يعرف أحد سبب أنانيته .
وتتوفر في السيكوباثي أربعة مظاهر:
1ـ عدم وجود مرض عقلي أو تخلف عقلي .
2ـ استمرار مدة المعاناة .
3ـ اتسام السلوك بالعنف والتعدي وعدم المسؤولية .
4ـ اضطرار المجتمع لاتخاذ إجراء ما لمواجهة هذه الحالة .
ومن الصعب جداً حصر نمط الشخصية المناهضة للمجتمع (السيكوباثية) في صورة سلوكية واحدة أو تصور واحد معين بحد ذاته؛ فهي تتلون وتتغير تبعاً للموقف ولذا لا يمكن تأكيد صورة أو أخرى من الصور العديدة بشأنها، حتى أصبحت غامضة في أسبابها وحدودها، وأبلغ وصف لهذا النمط من الشخصية عندما شخصها الإمام علي (ع) تشخيصاً لا يقبل الغموض بقوله: (المنافق لسانه يسر وقلبه يضر)، وقوله أيضاَ: (الغشوش لسانه حلو وقلبه مرّ) ، وقد تعارف الناس عند وصف صاحب هذا النمط من الشخصية ، في تعاملاته الاجتماعية بأنه حلو اللسان قليل الإحسان .
أما السمات التي يتصف بها السيكوباثي (المضاد للمجتمع) ، من خلال التشخيص الإكلينيكي فقد أتضح ما يلي :
1ـ عدم النضج الانفعالي .
2ـ فقدان التبصر.
3ـ العبثية .
4ـ الأنانية .
5ـ النشوز الاجتماعي .
وهذه الصفات هي خروج عن القاعدة الاجتماعية في التعامل والترابط الاجتماعي ، بالإضافة إلى وجود خصائص عامة يتميز بها وأهمها:
1ـ عدم مقدرته على التحكم بدوافع السلوك .
2ـ عدم توفر الوازع الضميري بما يكفي للشعور بالإثم والندم على تصرف مخلّ بالمثل الأخلاقية للمجتمع الذي ينتمي إليه .
أما الصفات الفردية الخاصة فهي :
1ـ السطحية بالعلاقات العامة والعجز عن إقامة علاقة صحيحة وثيقة ودائمة حتى مع شخص واحد ، والسعي إلى استغلال الآخرين إما بالتحايل أو بالابتزاز أو التطفل .
2ـ فقدان الخجل والشعور بالعيب .
3ـ انعدام التحسس بالنخوة والشرف وفقدان التعاطف مع الآخرين أو الشفقة عليهم .
4ـ ضعف في القدرة على التفكير المنطقي المتواصل ، والتوصل إلى أسباب الأمور ونتائجها .
5ـ سريع التأثر والانفعال ، والتصرف برعونة وغطرسة ولا يحظى بالتقدير والاحترام .
6ـ يندفع بدون ضوابط للتعدي على الغير أو الأشياء وبدون مبرر .
وتكثر في هذه الشخصية أعراض هي :
1ـ عدم الاستقرار والالتزام بالشأن العائلي والحياة العامة .
2ـ فقدان الطاعة والانتظام العائلي .
3ـ المشاكسات والخروج على القانون في مجال الحياة العامة مما قد يقوده إلى القضاء.
أما في مجال العمل :
1ـ التغيب والتمارض وتجنب المسؤولية ودفع الأعمال إلى الآخرين .
2ـ اضطراب العلاقة على مستوى أو أكثر من مستويات العمل والإدارة والعلاقات الشخصية . كما تبرز بعض المظاهر والحالات غير المرغوبة اجتماعياً وخلقياً مثل :
1ـ قصور في النمو العاطفي .
2ـ وجود انحراف وشذوذ في مجال الحياة الجنسية .
3ـ تعاطي المشروبات والمقامرة لحد الإدمان.
4ـ تعود على الأدوية والعقاقير المخدرة .
وعلى ضوء ما عرضناه من مظاهر وصفات وأعراض وسمات الشخصية المناهضة للمجتمع (السيكوباثية) والتي تعد خروجاً واضحاً على الأعراف والقيم والتقاليد الاجتماعية ، والسلوك الأخلاقي ، وعلى أساس تسليمنا بأن المعايير هي قواعد غير مكتوبة تميز السلوك المقبول من غير المقبول في حالات محددة ، وأن الأخلاق هي سلوكيات تنسجم مع العادات والتقاليد المتفق عليها في مجتمع ما، بحيث ينظر إلى سلوك الفرد على أنه أخلاقي إذا قام بعدد من السلوكيات المحددة كالنقد والأحكام المنطقية في التعامل مع موقف معين داخل المجتمع . على ضوء ذلك نستطيع القول بأن هذه الشخصية، مرضية في تصرفاتها ، سوية كما تعتقد مع نفسها، منحرفة عن قيم ومعايير المجتمع وفق السياق العلمي للتشخيص .
• الصفات الأخرى التي تتمتع بها الشخصية المضادة للمجتمع فهي :
1ـ أن السيكوباثي جذاب، ذكي، متكلم ومؤثر بالحديث .
2ـ أن السيكوباثي ذو شخصية منبسطة، لا هدف له، غريزي حيواني ، يقنع الآخرين بأسلوبه الخلاب .
لذا صنفت هذه الشخصية على وفق المعايير الاجتماعية والطبية بأنها ليست مريضة نفسياً أو عقلياً بل إنها شخصية منحرفة عن قيم المجتمع ، وهذا الانحراف يعد بحد ذاته خروجاً عن المألوف ومتضاداً معه ، حتى سميت بالشخصية المضادة للمجتمع أو المناهضة للمجتمع . لذا فإن الشخصية المضادة للمجتمع لا تحتكم إلى العقل ، وهي غير واقعية ، ترى الأشياء من منظار الشك الموسوس ، وهي ما ينطبق عليها التعبير القرآني ( النفس الأمارة بالسوء) والنفس الشكاكة وهي النفس الشاذة ، وقال عالم النفس (وليم جيمس) في ذلك : ” من شذوذ النفس، أنها عندما تحس بالتأزم والمهانة، يصدر عنها الكبر والحسد والعجب والغرور، وما إلى ذلك من ضروب سوء الظن بالناس، والشعور بأنهم مكايدون، وأنهم أعداء له، ويتربصون به الدوائر، لهذا ففي الحالات الشاذة يفقد الإنسان قدرته على إدراك الواقع بصفاء رؤية وحسن روية، والسبب في ذلك أن العقل حينئذ يعجز عن تحديد رغبة الغريزة الجامحة ” .
وهذا ما تظهره الشخصية المنحرفة التي تتعايش مع البيئة الاجتماعية وتتفاعل معها تفاعلاً شاذاً، ويشكو الناس منها لكثرة أخطائها وما ينتج عنها من احتيال أو قذف اجتماعي (شتيمة) ونميمة وتناول أعراض الناس واختلاق الأسباب الواهية والصاقها بأناس لا يرتبطون معه بأية روابط أو علاقات، ويصل هذا الشك والنميمة إلى أقرب المقربين له ، وهي الزوجة أو الأخوة أو أهل الزوجة ، فتراه يكيل لهم التهم الكاذبة والتي يصدقها هو وحده ، ويواجه بها بعد أن تمثلت في كيانه وشخصيته، وأصبحت جزءاً منه، حتى ليعتقد بأنها حقيقة لكثرة ما صاغه في مخيلته ونسجه مع أفكاره بحيث صار يعتنقها كأفعال صحيحة، ولكنها في الواقع لا صحة لها، وإنما هي نسجت

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى