مقالات

شخصية الكاتب المقبوضة..د. عبدالله البطيَّان: الهفوف مشهد ثقافي متجدد

لعل الكثير ممن يسترعي انتباههم تجاه نص ما نجد أن هم النضج هو المعول في اتكاء الكاتب ( نضج الفكرة، نضج الأسلوب، نضج النص.. ألخ) وهي لا شك أنها سمة يراد بها قيادة الوعي؛ ليكوّن ظلال الإنسانية؛ لكننا مع طبيعة الحال وظرف الزمان وحياة السرعة تجعلنا تلك السمة لا نتطلع للكمال إلا من خلال ما أتصوره في [ التجربة] ، لذا فلكل تجربة ثراء إن تيقنا أن النضج هو انتظار يفقدنا سمات كثيرة اعتبرها مقبوضة الانطلاق لموهوب أراد أن يكتب ليكتشف نفسه ثم مع المحاولات ستصنع له رصيدًا معرفيًا وتتشكل معاني تراكمية المفهوم المؤدي للنضج.

أليست هذه المراحل تتطلب الكثير من الصبر وتجارب بين الخطأ والصواب وإن تم تأجيلها سنخسر مفردات النمو العملي للكاتب؟ لذا فإننا نستطيع أن نقول ما قاله الناقد محمد الحرز في كتابه القصيدة وتحولات مفهوم الكتابة صـ ٩٨ ـ :

الكتابة الإبداعية هي كتابة تنتمي بالأساس إلى زمن دائري.. زمن ليس له علاقة بالفكرة التي تنظر إلى الكتابة الإبداعية بأنها تنطوي على زمن تصاعدي ينمو باتجاه المستقبل، وهذه الفكرة مسقطة على الزمن الإبداعي أساسها هو الوعي الحداثي بالزمن الذي استبطن في داخله مفهوم التغيير والتطور، وبوصفهما حركة متسارعة تجرف في طريقها ( إلى ما يسمونه المستقبل).

هذا المفهوم سيقودنا بأن نستثمر اللحظة وطبيعة التجارب؛ لنستفيد من معطيات الكاتب في كل مراحله حتى يصل النضج، وإن توقف عن العطاء، سيؤول فكره لما لن يسعفه أداة؛ لأن اللغة تتغير بنماء اللحظة ومعطياتها، وسيكون ما اعتقده وفكر فيه فيما مضى، وسكت عنه لن يصلح لحال حاضر أو جسر لمستقبل، وبهذا فإن الكاتب ستتكون شخصيته من حيث وقع البيئة عليه، والمفردات التي يتعاطاها حينه، والتصوير اللفظي تجاه ما قرأ في هذا الإتجاه بالإضافة للفكرة المراد الكتابة عنها.

لذلك حتى في هذه السمة تتغير اللازمة المرتبطة بالمبدع مع دخول حدث جديد أو قراءة جديدة أو دخوله لمجموعة مبدعة جديدة حيث سيتأثر بهذا المحيط الذي يغير من قناعته أو يزيد منها نتيجة ما يتوصل إليه من إدراك ووعي. يقول أ. محمد الحرز ( هناك الكثير من الشواهد وحتى تاريخ الفن الحديث – كما يشير إلى ذلك اكتوفيوباث- هو انبعاث الأشكال الفنية للحضارات المتلاشية. إذًا ماذا نسمي هذه الحالة؟ ألا يمكن أن نقول إن الإبداع يتغذى على نفسه من تاريخه.. من تاريخه فحسب؟!.

هناك أمر مسكوت عنه في التأثير على شخصية الكاتب واعتبرها كالحال المقبوضة في شخصيته لا يراد لها أن تظهر والإشارة تعطى للفريق الذي سيعمل على النص من المدقق اللغوي، المدقق الإملائي، المراجع النهائي أو التخصصي الذي سيجعل كل مسمى أعلاه تعديلًا مضافًا وفق ما يراه المختص مما يخفي جانب من الألفاظ ويبدل بعض المفردات؛ ليكون لدينا نص بهي ثري لكنه ليس للكاتب صاحب النص نتيجة التأثير عليه، وبهذا يعتبر بأن القاعدة أهم من الناتج الإيجابي تجاه ما قدمه الكاتب نفسه، والذي شكل طريقته، ونبضه وارتجاف مشاعره؛ ليكون لدينا روتين لغوي أو معايير جاهزة القوالب لا تساهم في إضافة مدرك جديد أو مسمى جديد أو طريقة جديدة؛ لأن اللغة هنا لم تستخدم كوسيلة اتصال بين المؤلف، وما تكوّن لديه من فكرة يريد إيصالها بطريقته.

وكما قال سيد البلاغة : رب حال أفصح من مقال، وذلك لأن التعبير الدافئ الصادق أبلغ في وقعه من أن نهتم بترصيع مشهد نص؛ ليكون بشكلٍ جميل، لكنه أفقده هويته وانتسب لغير صاحبه وبهذا تكون شخصية الكاتب مقبوضة!.

زهير بن جمعه الغزال

مراسل شفق المنطقة الشرقية الأحساء 31982 ص ب 5855 موبايلي 00966565445111

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى