اَلْحَمْدَ لِلَّهِ حَمَدًا يَلِيقُ بِعَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَأَتَمَّ اَلصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدْ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ . .
مِنْ نَعِمَ اَللَّهُ عَلَيْنَا وَفَضْلِهِ أَنْ وَهَبْنَا هَذِهِ اَلْأَيَّامِ اَلْعَشْرِ مِنْ ذِي اَلْحِجَّةِ فَهِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ اَلطَّاعَاتِ وَأَجْلِهَا وَمِنْ فَوَائِدِ مَوَاسِمِ اَلطَّاعَةِ سَدَّ اَلْخَلَلِ وَاسْتِدْرَاكِ اَلنَّقْصِ وَتَعْوِيضِ مَا فَاتَ . . فَالسَّعِيدُ مِنْ اِغْتَنَمَ مَوَاسِمَ اَلشُّهُورِ وَالْأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ وَتَقَرَّبَ فِيهَا إِلَى مَوْلَاهُ بِمَا فِيهَا مِنْ طَاعَاتٍ فَعَسَى أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ مِنْ تِلْكَ اَلنَّفَحَاتِ فَيُسْعِدُ بِهَا . . .
فَقْدُ فَضْلِهَا اَللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَائِرِ أَيَّامِ اَلْعَامِ . . فَعَنْ اِبْنْ عَبَّاسْ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ اَلنَّبِيِّ ? قَالَ : مَا اَلْعَمَلُ فِي أَيَّامِ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ ، [ يَعْنِي أَيَّامَ اَلْعَشْرِ ] قَالُوا : وَلَا اَلْجِهَادُ ؟ قَالَ : وَلَا اَلْجِهَادُ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ رَوَاهُ اَلْبُخَارِي ( 969 ) . وَعَنْ اَلنَّبِيِّ ? قَالَ : مَا مِنْ أَيَّامِ اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ فِيهِنَّ أَحَبَّ إِلَى اَللَّهِ مِنْهُ فِي هَذِهِ اَلْأَيَّامِ اَلْعَشْرِ . قَالُوا وَلَا اَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ ! ! قَالَ : وَلَا اَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ .
فَمِنْ أَسْبَابِ تَفْضِيلِ عُشْرٍ ذِي اَلْحُجَّةِ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَقْسَمَ بِهَا : وَالْأَقْسَامُ بِالشَّيْءِ دَلِيل عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ وَعِظَمُ نَفْعِهِ ، قَالَ تَعَالَى : وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ . . وأَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدَ بِأَنَّهَا أَفْضَلُ أَيَّامِ اَلدُّنْيَا كَمَا تَقَدَّمَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلصَّحِيحِ . وأَنَّهُ حَثَّ فِيهَا عَلَى اَلْعَمَلِ اَلصَّالِحِ لِشَرَفِ اَلزَّمَانِ . . وَشَرَفَ اَلْمَكَانِ أَيْضًا لِحُجَّاج بَيْتِ اَللَّهِ اَلْحَرَامِ . وَقَدْ أَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ اَلتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ كَمَا جَاءَ كَمَا جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ .
وَأَنَّ فِيهَا يَوْمُ عَرَفَة وَهُوَ اَلْيَوْمُ اَلْمَشْهُودُ اَلَّذِي أَكْمَلَ اَللَّهُ فِيهِ اَلدِّينُ وَصِيَامُهُ يَكْفُرُ آثَامَ سَنَتَيْنِ ، وَفِي اَلْعُشْرِ أَيْضًا يَوْمَ اَلنَّحْرِ . فَلْيَحْرِصْ اَلْمُسْلِمُ عَلَى مَوَاسِمِ اَلْخَيْرِ فَإِنَّهَا سَرِيعَةٌ اَلِانْقِضَاءِ ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ . اَلْغَنِيمَةُ اَلْغَنِيمَةُ بِانْتِهَازِ اَلْفُرْصَةِ فِي هَذِهِ اَلْأَيَّامِ اَلْعَظِيمَةِ ، فَمًا مِنْهَا عَوَضْ وَلَا تُقَدَّرُ بِقِيمَةٍ . نَسْأَلُ اَللَّهُ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا وَمِنْكُمْ صَالِحُ اَلْأَعْمَالِ
اَبُوعَبْدَالْمَلْكْ