اليوم الجمعة الثامن والعشرون من شهر ربيع الأول من العام ١٤٤٥هـ ، كانت خطبة الجمعة في جامع الفقهاء في محافظة بيش عن الشائعة والكذب وقد أبدع الخطيب الشيخ الأستاذ حسن بن يحيى الأعجم فيما قدم وأفاد وجاء بالدليل والبرهان واستدل بالحديث الشريف والقرآن والشعر والأدب ولا شك أن لا عطر بعد عروس ، ولكن قد كتب في أيام مضت عن مفتاح الخبائث وهو الكذب .. وأود الإعادة وفي الإعادة إفادة .. والشائعات ونشر الأخبار والحوادث والأكاذيب التي لا مصدر لها ولا مرجع يؤثر تأثيرا سلبيا على الفرد والمجتمع ، وما المجتمع إلا عدد من الأفراد . وقلت حينما كتبت عن الكذب : لكل شيء مفتاح ، ومفتاح الخبائث ( الكذب ) . وقد فطر الإنسان على الصدق ، ولم يكتسبه من البيئة المحيطة به مثل الكذب ، وحقيقة لو تأملنا في حياة الطفل سنجد كل أفعاله وحركاته وسلوكياته وكلامه يتسم بالصدق ولا يكذب حتى تؤثر فيه البيئة المحيطة فيبدأ يكذب إما ليهرب من عقاب سيتلقاه لو هو أعترف وصدق وإما للمديح وإما ليكسب الرضا ، ولذا نجد أن الكذب مكتسب أما الصدق فهو فطري وصدق الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام الذي قال : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء ؟!) لم يقل عليه الصلاة والسلام أو يمسلمانه لأن الدين الإسلامي دين الفطرة ولأن الدين الإسلامي يدعو إلى الصدق ، فالصدق فطري في الإنسان وقد قال الله تعالى يحث المؤمنين : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} التوبة 119
عَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال إن الصدق يهدي إِلَى البر وإن البر يهدي إِلَى الجنة؛ وإنالرجل ليصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقا، وإن الكذب يهدي إِلَى الفجور وإن الفجور يهدي إِلَى النار؛ وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عنداللَّه كذابا ) مُتَّفّقٌ عَلَيْه.
من منا يرغب أن يكتب عند ربه كذابا ويكون معروف في الملأ الأعلى بأنه من الكذابين . والحقيقة أن الناس أصبحوا لا يتورعون من الكذب رجالا ونساء شبابا وشيوخا ولا يخجلون من الكذب . ولقد نفى محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه أفضل الصلاة والسلام أن تكون خصلة الكذب ملتصقة بالمؤمن وذلك عندما سئل : هل يكون المؤمن بخيلا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم ) فسئل : هل يكون المؤمن جبانا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( نعم ) فسئل : هل يكون المؤمن كذابا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا ) . إذن الكذب ليس من خصال أو صفات المؤمن .. وفي الوقت الحاضر أصبحوا يحتفلون بالكذب على المستوى العالمي وفي شهر إبريل ، وهو الشهر الذي يحتفلون فيه بالكذب وعمل المقالب في الآخرين وعندما يغضب الشخص من كذب صديقه عليه يرد عليه نحن في شهر إبريل أو هي كذبة إبريل وأصبح للكذب السلوك المذموم والمستهجن شهرا يحتفلون به فيه ، ويا للأسف أنتشر هذا حتى في المجتمعات الإسلامية التي ينهاها دينها عن الكذب بأي شكل كان أو أي لون كان .
عن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ حديثٌ صحيحٌ، رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ.
ما يؤلم حقا أن الكذب حاليا يمارس من الجاهل والمتعلم ومن المسؤول وجميع الأفراد . وفي ملتقى أكاديمية بيش الهَوِي قوانين ومنها عدم نشر الشائعات والأكاذيب والإتيان بالمصدر عند النشر التزم به البعض والبعض لم يلتزم به .
