الثقافيةمقالات

الأم سبب العقوق والكراهية د . ضيف الله مهدي

لو نعود بالذاكرة إلى خمسين سنة للوراء لننظر لأحوال الناس ومعيشتهم ووضعهم وعلاقتهم مع بعص وبالذات داخل الأسرة الواحدة سنجد هناك ترابط شديد وقوي بين الآباء والأبناء ويتجلى البر والحب والإحترام في أوج صوره بينما في الوقت الحاضر الوضع ليس كما كان في السابق ولا يوجد بر ولا حب ولا احترام للآباء والأمهات وكثير يشتكي هذا بل لا يستطيع بعض الآباء النطق بالكلمة لابنه .. ولا أعمم هذا على جميع الأسر وأفراد المجتمع ولكن ذلك موجود . جلست أراقب وأتأمل وأحلل الأسباب وراء ذلك ، ولكوني عشت الجيلين قبل الخمسين وحاليا ومنحني الله ذاكرة جيدا وأيضا مختص في علم النفس .. فتذكرت تربية الأمهات لذلك الجيل .. فكانت بعض الأمهات تغرس في نفوس أطفالها حب الأب ، وكذلك الأب يغرس في نفس طفله حب أمه . الأم زمان عندما يكون الطفل لابس ثوب أو أي ملابس تقول لابنها هذا أشتراه لك أبوك وهذه الحلاوى وهذا الطعام جابه لنا أبوك ، وإذا عوى كلب وخاف الطفل جات أمه وهدأت من روعه وخوفه وقالت ذلحين يأتي أبوك ويضرب هذا الكلب ، وكل فعل جميل تنسبه الأم للأب والطفل يسمع حتى نشأ الطفل وترعرع وكبر وقلبه ممتلىء بالحب لأبيه وكذلك التقدير والاحترام . الأب كذلك يعزي كل شيء جميل للأم .. هذا الطعام صنعته أمك لك لأنها تحبك وأمك مشطت لك شعرك وأمك غسلت لك الملابس والبارحة أنت حرارتك مرتفعة وأمك ما رقدت باتت بجنبك ! وهكذا .. فينشأ الطفل وقلبه ممتلئ بحبه أمه ، وهذا الكلام والامتداح يكون والطفل في عمر سنتان إلى خمس .
اليوم الطفل إن أخرب شيء قالت الأم : والله أبوك بيجي ويذبحك أو يكسر رأسك أو يعلقك بالمروحة .. وإذا الطفل تأخر ولَم ينم قالت له : نم وإلا أبوك يخاصم وإلا أبوك ما يجيب لك حليب . لو شاهد الطفل طير ميت قالت أمه موته أبوك . لو الطفل يشاهد التلفزيون ورافع الصوت قالت أمه قصر الصوت وإلا أبوك يطلع يكسر التلفزيون وقال الطفل أبغى حلاوى وبدلا ما تقول له تضر أسنانك وصحتك تقول أبوك رفض يعطيني فلوس أشتري لك أو أبوك يخاصم
وينشأ الطفل وهو يحمل في نفسه أن والده مجرم وبخيل ودايما يخاصم ويمنع ولا يعطي وهكذا !!
الأب بدوره ، إذا الطفل يبغى حليب ويبكي بدلا ما يعمل له أو يقول لأخته أو أحد أخوته أو الشغالة يقول للولد أمك تركتك وسرت تحضر حفل زواج ولد صاحبتها أو زميلتها .. إذا سكب الطفل عصيرا على البلاط أو الفرش قال أمك والله لتخاصمك وتضربك وكل شيء شين أرجعه لأم الطفل .
ماذا بعد كل هذا ؟
الأبناء في صراع مع آبائهم وكراهية صنعتها الأم ولا حب ولا احترام ولا تقدير ولا بر . والعكس صحيح . حتى أنك تلاحظ شباب اليوم في سيارات فارهة وملابس وأكل وشرب ومصدر ذلك الأم أو الأب أو كلاهما والشاب لا يعطي والديه أي اهتمام ولا حب ، بل يموت الأب ولا تسقط دمعة واحدة من عينيه !! والشاب زمان في المزارع يساعد والده وفِي الأسواق يساعد والده وإن بقي في البيت قام بكل الأعمال ويذهب لمدرسته ولا يتغيب وسلوكيات حميدة ، وثوبه قديم ووسيلة نقله الحمار أو رجليه وتمر الأعياد وليس له سوى ثوب أو مصنف والحب لوالديه يبلغ عنان السماء .
ورغم أن الأب حاليا ينفق على أبنائه أضعاف ما كان ينفق الآباء زمان وكذلك الأمهات ولكن عند البعض من الأبناء العقوق واللاحب وعدم الاحترام هو عنوانهم ولا أعزي السبب إلا للتربية الخاطئة والإسقاطات المريضة السلبية ، ورحم الله أبا ساعد ابنه على بره . والمساعدة من الأب والأم الغرس الجميل في نفس الطفل .. ماهذا الجهل أيتها الأم وأنت تحملين شهادة عالية وتعرفت على جميع أنواع التربية وتربين بنات الناس تربية جيدة ولا تربين أبنائك ؟! .. ما هذا الجهل أيها الأب وأنت تحمل شهادة عالية وتعرفت على جميع أنواع التربية ، وتربي أبناء الناس على بر وحب واحترام آبائهم ولا تربي أبناءك؟!.

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى