الثقافيةمقالات

علماء من بيش .. د . ضيف الله مهدي

الشيخ / منصور بن فتحي عطية رحمه الله

علماء من بيش
الشيخ / منصور بن فتحي عطية رحمه الله
د . ضيف الله مهدي
تحدث ابنه الأستاذ موسى بن منصور بن فتحي عطية مشرف القيادة المدرسية بمكتب التعليم في بيش سابقا ، فقال : والدي هو منصور بن فتحي بن ابراهيم بن عطيه بن علي بن محمد بن عبده بن موسى آل أبو الرجال وقبيلة ال ابو الرجال قبيلة معروفة تنتسب الى الصحابي الجليل عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي القرشي كما هو مشهور في كتب التراجم ..
ولد ببيش في عام 1335هـ تقريبا تربى في كنف والده الشيخ فتحي بن ابراهيم بن عطيه وقد كان والده من اهل الفضل والعلم والحل والعقد في بيش وقراها وقد حرص والده على تعليمه القران والعلم فاجلسه في حلق القران والكتاتيب في المساجد فاقبل والدي على تعلم القران وحفظه وكذا تعلم الكتابة والقراءة وقد حضي باعجاب معلميه حيث امتاز بسرعة حفظه وجمال صوته بالقران توفي والده وعمره عشر سنين وقد حدثني اذ قال : (توفي والدي وعمري عشر سنين وانا في صدر سورة التوبة حفظا ) ترعرع بعد ذلك يتيما في كنف امه وقد تحمل المسؤولية صغيرا اذ كان هو اكبر اخوته الذكور فأصبح قيّم اسرته وهذا ما اعاق اتمامه الحفظ في سن مبكرة ولكنه أكمل مسيرته مع القران وتتبع الحلق ومجالسة اهل الفضل والعلم .
أعماله وطلبه للعلم: وصل الشيخ العالم المجدد الشيخ عبدالله القرعاوي إلى بيش فكان والدي من أوائل من جالسه وأخذ عن العلم وقد التحق بمعهد القرعاوي في بيش قبل انتقال المعهد إلى مدينة صامطة والذي كان منارة للعلم ومهوى أفئدة طلاب العلم في بيش القرى المجاورة وقد كان يديره الشيخ الحسن بن علي عكيري رحمه الله درس والدي في هذا المعهد علم العقيدة والحديث والتفسير واللغة العربية وعلم الفرائض وقد كانت له حضوة لدى الشيخ القرعاوي وازدادت بمصاهرة الشيخ للوالد بزواجه من ابنت ابن عم الوالد الشيخ محمد بن احمد عطية رحمه الله اختار الشيخ القرعاوي الوالد للتدريس في الريث مع نفر من خريجي المعهد فانتقل الوالد الى محافظة الريث واخذ يدرس الناس هناك ويؤم المصلين ويخطب الجمعه بعد ذلك اشار عليه الشيخ القرعاوي بالانتقال لهيأة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبعثه بخطاب تزكية للرئاسة العامة لهيأة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرياض فتم تعيينه في هيأة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بقرية الحقو ومكث فيها فترة من الزمن وقد أحبه الناس هناك واحبهم واخذ يؤم المصلين هناك وكان حينها خطيبا في بيش فكان يتنقل بين بيش والحقو وقد كان له دور اجتماعي في الحقو اضافة إلى عمله الرسمي فكان يصلح بين المتخاصمين ويحل كثير من القضايا ويجري عقود الانكحة انتقل بعد ذلك الى هيأة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في بيش وإماما وخطيبا لجامع الفاروق ببيش ومكث يؤم الناس ويخطب بهم قرابة أربعين عاما إلى أن مرض فقدم تقاعده .
سماته وخصائصه : تميز الوالد عليه رحمة الله بذاكرة قوية جدا إذ كان قلما يقرأ شيئا إلا ويحفظه وتميز بحبه للقران وعذوبة صوته بتلاوته فكنا لا نراه إلا تاليا للقران وقد كنا نسافر سويا إلى مكة وغيرها فيقطع الطريق كله وهو يتلو القران وحتى في غيبوبة مرضه كان يردد القران ويتلوه عليه رحمة الله ؛ ومما اذكر انه كانت تعقد جلسات لتلاوة القران في بعض الليالي في جامع الفقهاء ببيش وكان الوالد احد القراء اضافة الى بعض المشائخ الفضلاء رحمهم الله جميعا وقد حضرت طرفا من تلكم المجالس وكان يرتلون القران عبر مكبرات الصوت فتضج البلد كلها باصواتهم الشجيه . كان والدي ملما بعلم التفسير وقد كان تفسير ابن كثير على وجه الخصوص لايفارقه وكذا كان شغوفا بعلم السيرة النبوية وكثيرا ما يدارسنا فيها وكان لديه استحضارا كبيرا لتفاصيل السيرة النبوية وغزوات المصطفى عليه الصلاة والسلام وأحواله وأموره كما ذكرها اصحاب كتب السيرة النبوية اضافة الى كتب السير والتراجم أمثال البداية والنهاية لابن كثير وقد كان على المام بعلم الفرائض وكثيرا ما رايته يفرض للناس ويقسم بينهم المواريث كان محبا للأدب والشعر ويتذوق الشعر ويعرف غثه من سمينه كان يعجبه شعر عنترة وزهير بن ابي سلمى وقصائد حسان بن ثابت رضي الله عنه وآخرون وكان يحفظ لشعراء عصره من الشعر الشعبي والتعليمي وكان يداعبنا بنظم بعض احاديثه لنا . كان الوالد رحمه الله من أهل الحل والعقد في بيش وكان رأس قبيلته ومقدمهم وقد كانت له حضوة عند مشائخ البلد والقرى المجاورة إذ كانت له اسهامات عديدة في الإصلاح بين الناس وفض المنازعات وخلافات الأراضي الزراعية والسكنية اضافة الى انه كان ينتدب في مواسم الزراعة لخراصة المزارع وتقدير زكاة الحبوب قبل الحصاد ، كان الوالد عليه رحمة الله يتمتع بحنكة وفراسة كبيرة وعلى علم بانساب القبائل ومعرفة بفصول السنة ومواسم الحرث والزارعة وهبوب الرياح (الغبرة ) ومواسم نزول الأمطار وهو مايسمى : بعلم المنازل كان بارعا في مسح الأراضي وهو مايسمى : (الذارع )، وقد كان يستعين به مهندسو البلدية في كثير مما يشكل عليهم بل يقفون أحيانا إمام الفصل في بعض المنازعات بين الناس في تداخل الأراضي فيكون الوالد عليه رحمة الله هو من يفصل فيها وذلك في بيش وخارج محافظة بيش . عرف مجالسوه عذوبة حديثه وطيب مسامرته فهو ذو لسان فصيح وعلم متنوع لا تمل حديثه وسماع ما لديه من اخبار ومعارف وقد أدركت الوالد بل وصحبته في كثير من المجالس الليلية لمشائخ واعيان بيش أمثال الشيخ جبريل بن يحي الحكمي عليه رحمة الله، والشيخ الحسن بن علي عكيري عليه رحمة الله ،والشيخ ابراهيم بن محمد المشافا رحمه الله ، والشيخ ابراهيم بن محمد الأعجم حفظه الله وغيرهم . كان الوالد رحمه الله ذو عبادة وقربى من الله فهو صاحب صلاة بالليل فلم تكد تفوته صلاة الليل في حضر أو سفر وكان كثير التلاوة للقران فقد كان يقطع الليل تاليا وكان صوته يعج في زوايا المنزل كل ليلة ولم يفتر لسانه بالقران حتى في مرض موته وكان كثير الصيام والصدقة والإحسان وبذل المعروف للناس وتقديم الشفاعات والإصلاح بين الناس وقد كان يتمثل قول الله تعالى في سورة النساء : ( لاخير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة بمعروف أو اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) فقد كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ومصلحا ولله الحمد على فضله وتوفيقه
وفاته : وافته منيته في يوم الأحد الموافق 21/4/1434هـ وصلي عليه ودفن فجر يوم الاثنين 22/4/1434هـ وقد شهد جنازته عدد غفير من بيش وخارجها فرحمه الله رحمة واسعة وانزله الفردوس الأعلى من الجنة وجمعنا به في مستقر رحمته . وقد رثاه بعض محبيه من شعراء بيش ، رحمه الله رحمة واسعة وجعله من أهل الجنة .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى