الثقافية

ما هو “الخشب الشفّاف” وما أهميته بالانتقال لمصادر طاقة بديلة؟

شَكَّل الخشب عنصراً رئيساً في تطوُّر الحضارة الإنسانية منذ ما قبل التاريخ وحتى عصرنا الحالي. ومع أن المعادن حلَّت محله في بعض وظائفه منذ العصر الحديدي، ومن ثم اللدائن (البلاستيك) التي اكتُشفت عام 1907م، يعود الخشب اليوم ليحظى باهتمام أكبر من جانب جديد لم يكن متوقعاً، وذلك من خلال الخشب الشفَّاف الذي يبدو وكأنه يطل علينا من عوالم الخيال، إلا أنه حقيقةٌ واقعةٌ، وقد يصبح جزءاً من عيشنا في وقتٍ قريب.

الخشب الشفّاف اختراع حديثٌ عمره بضع سنوات فقط. لكن على الرغم من أنه لم يُستخدَم حتى الآن في صناعة البناء، فهو في الواقع يمتلك عدَّة مزايا يتفوّق بها على المواد الشفّافة الأخرى، كالزجاج واللدائن. وجاء هذا التأكيد في بحث واسع شاركت فيه مجموعة كبيرة من علماء المواد من الولايات المتحدة وسويسرا، ونشر في مجلة “نيتشر كوميونيكيشن”، في يوليو 2020م: فهو أولاً مادة قابلة للتحلّل بيولوجياً، ويؤهّله هذا لأن يكون بديلاً “أخضر” للدائن والزجاج. وهو أيضاً غير قابل للتشظي، ويمكنه تحمل صدمات تكسر الزجاج؛ وحين ينكسر من صدمات أقوى، فإنه ينشطر قطعاً كبيرة غير حادة الحواف، ولا يتهشّم في قطع حادة. ومن المعروف أهمية هذه الخاصية في الأبنية المشادة في أمكنة معرَّضة للزلازل.

وللخشب الشفّاف صفة فريدة هي أنه ينشر الضوء ويبثّه في الداخل. ونتيجة ذلك، ينير الخشب الشفّاف البيئة الداخلية بالتساوي بين الأمكنة، مثلما يفعل الضوء الطبيعي. أي إنه ينير الزوايا التي تظل مظلمة حين تُضاء الغرف عبر نوافذ زجاجية. كذلك يكون الخشب الشفاف مجهزاً بقدرة طبيعيّة على صد الوهج المبهر، وعلى منع مرور الأشعة فوق البنفسجية.

تاريخ الخشب الشفّاف وطريقة إنتاجه

في عام 1992م، طوّر الباحث الألماني زيغفريد فينك طريقة كيميائية تجعل الخشب شفَّافاً، ونشر اكتشافه هذا في مجلة هولتسفورشونغ. والطريقة التي اتبعها في هذا التطوير تمر بخطوتين: التنظيف الكيميائي (أي التبييض – bleaching)، ثم التنظيف الفيزيائي، من خلال ترشيح الخشب بسائل صافٍ قليل اللزوجة. وكان هذا العمل لأغراض البحث الاختباري فقط، من أجل دراسة الفجوات في بنية عيّنات الخشب، ولم يكن القصد تصنيع نوع جديد من مواد البناء. وبهذا، ظل الأمر محفوظاً عقدين من السنين في أدراج الفضول العلمي، ولم تخطر في البال محاولة الاستفادة منه.

لكن في عام 2016م، أعاد فريقا أبحاث مختلفان اكتشاف هذه الميزة تقريباً في الوقت نفسه. الفريق الأول مجموعة من معهد “KTH” الملكي للتكنولوجيا في السويد، الذي نشر نتائج بحثه في مجلة “بيوماكروموليكيولز”، وهي مجلة جمعيّة علمية كيميائية أمريكية، في ورقة بحث عنوانها: “خشب شفَّاف بصرياً من قالب سيلولوز نانوي المسام: دمجُ الأداء الوظيفي والبنيوي”، في مارس 2016م. ثم نشرت مجموعة باحثين أخرى من جامعة ميريلاند، مقالتها وعنوانها: “مركّبات خشب عالي الشفّافية وشديد التباين بخواصه” في المجلة العلميّة: “أدفانسند ماتيريالز”، في مايو 2016م.

صحيفة شفق الالكترونية المدينة : جدة الايميل : [email protected] الجوال : 0591401140

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى