الثقافيةمقالات

علم أسباب المرض الحلقة (١٢) والأخيرة..د . ضيف الله مهدي

ج ـ النظريات النفسية غير التحليلية :
1ـ نظرية أدولف ماير السيكوبيولوجية :
وهو يعتقد أن المرض النفسي لا يمكن تفسيره بعامل واحد كما قال ( كريبلين ) ، بل إنه يعتقد أن هناك عوامل متعددة ومتفاعلة تحدث المرض النفسي ، كالوراثة وفترة الحمل والرضاعة ، والطفولة ، وطرق التربية والخبرات. إن السلوك هو نتاج الشخصية كلها ، ولذلك يعتبر كل شخص فرد متميز وعالم بذاته هو رد فعل لمجموعة كل العوامل الصغيرة والكبيرة السابقة الذكر . إن المرض النفسي هو فشل الفرد في تقبل طبيعته كما هي ، والعالم الخارجي كما هو . أي الفشل في التكيف وعدم الانسجام بين القدرات التي يحملها الفرد وأهدافه وطموحه مما يولد عنده الشعور بالنقص والقلق والعصاب وإن ردود الأفعال الخاطئة على المواقف المتنوعة تتخذ أسلوبا اعتياديا هو المرض النفسي . وكل مرض نفسي هو نموذج رد فعل مرضي . وهكذا فإن مدرسة أدولف ماير تمزج بين الإنسان ( العضوي البيولوجي ) وبين الإنسان ( النفسي ) وتاريخه الاجتماعي والتربوي ، لكي ينتج عنها إنسان حي فاعل وفريد .
2ـ نظرية التعلم والسلوكية الحديثة :
تذهب المدرسة باتجاهاتها المتنوعة ( الجذرية والمعرفية ، والتعلم الاجتماعي ) إلى أن المرض النفسي هو سلوك متعلم ويصبح عادة تلازم الفرد خلال حياته . وأن الأعراض المرضية يتعلمها الفرد خلال مراحل نموه وتستند هذه النظرية إلى دراسات ( بافلوف ) الإشراطية ، ودراسات ( واطسون ) ، ومن أهم ممثليها هؤلاء : ( دولارد وميلر ، وسكيز ، وأيزنك ) وتقرر هذه المدرسة أن سلوك الفرد هو محصلة لتفاعل العادة مع الدافع ( السلوك = العادة × الدافع ) ، أي استجابة للحافز مضافا إليه اهتمامات الشخص ورغباته ومشاعره . والشخص السوي هو الذي تعلم واستجاب بالأسلوب الصحيح ، في حين أن المرض النفسي هو تعلم خاطئ ، أو ( عادة متعلمة سيئة ) ويمكن علاج هذه العادات السلوكية السيئة والخاطئة عن طريق العلاج السلوكي ، وفك الارتباط باعتبار التعلم هو ارتباطات بين المثيرات والاستجابات .
يقول دولارد وميلر : ” إن المرض النفسي وخاصة ( العصاب ) بما فيه من آليات الدفاع والأعراض يتعلمه المريض ، ويتميز العصاب بوجود ( التعاسة ) ، والعصابي يلاحقه الفشل في فهم وحل مشكلاته . ويؤدي الخوف إلى خلق الصراع الذي يمنع حدوث الاستجابات التي تساعده في بلوغ الهدف ، وبالتالي يؤدي إلى خفض حوافز أخرى كالجنس والعدوان ، إن الحوافز غير المشبعة تعتبر باعثا على القلق وسوء التكيف والمرض .
3ـ النظرية الوجودية والظاهرية :
نشأت هذه النظرية في أوروبا بعد أن أكتشف بعض علماء النفس أن المريض لا يمكن فهمه وعلاجه في ضوء التصنيفات والاتجاهات السابقة الذكر ، وقالوا : ” إن الفرد الموجود هو ( الموضوع ) وأن الإنسان هو محور الوجود ، ومن أهم أصحاب هذا الاتجاه ( كارل ياسبرز ) و ( رولوماي ) . والقلق عندهم ( خوف من الموت ) الذي يهدد الوجود والشعور بالإثم عن ( عدم استطاعة الفرد إنجاز ما يقدر عليه ) ، والاكتئاب هو : شعور بتوقف الزمن الذاتي .
إن فهم المريض يتطلب معايشته في دنياه هو والسير معه حتى يدرك معنى وجوده .
ويؤكد أصحاب الاتجاه الوجودي على خمسة مبادئ أساسية في تفسير السلوك المرضي ، والمبادئ هي :
1ـ السياق Context : أي الموقف أو المجال الذي يحدث فيه السلوك في ضوء خبرة الشخص نفسه .
2ـ الهدف : لأن لكل سلوك سواء سلوك ( سوي أو مرضي ) غاية وهدف ، فهو بمثابة وظيفة Function في حياة الشخص .
3ـ الدراما الشخصية للعلاقة المتبادلة بين الشخص والآخرين : فكلما كانت هذه العلاقة مضطربة ، كان ذلك دليل الاضطراب النفسي.
4ـ الأحداث الحاسمة والحرجة التي يمر بها الشخص في ضوء مرحلة نموه .
5ـ تجسيد السلوك المرضي : وتعبيره عن الشخصية بكاملها ، وبكل مقوماتها .

د. ضيف الله مهدي

مستشار تربوي ونفسي وأسري واجتماعي - عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : جدة
الايميل : [email protected]
الجوال : 0501963560

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى