الثقافيةمقالات

نافذة لم تغلق منذ 1400عام.. حسن بن محمد

اذا وقفت للسلام على رسول الله ﷺ في المسجد النبوي ونظرت خلفك ستجد نافذة عظيمة المظهر، هذه النافذة لم تقفل منذ ١٤٠٠ سنة لأن هناك صحابي جليل وعد ابنته أن تظل هذه النافذة مفتوحًا للأبد، ومازالت مفتوحه حتى اليوم ليكون هذا اعظم واطول الوعود على الاطلاق..
في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ستجد اسرار في كثير من الزوايا والأماكن وحتى الممرات تشهد على قصص وحكايات عظيمة ابطالها جيل من الصحابة لن يتكرر ابدًا، حتى الالوان على الجدران لها قصة وحكاية وسبب لاختيارها، وادق التفاصيل ايضًا لها قصص وحكايات..
ولأن المسجد النبوي مر بعدة توسعات منذ عهد النبيﷺ ، حتى يومنا هذا وكل من حكم هذه الارض اهتم بالمسجد النبوي أشد اهتمام وبزواره، لذلك كانت التوسعات مهمة جدًا لان اعداد الزوار تكثر كل سنة، وقصتنا اليوم تعود لتوسعة قديمة جدًا، وتحديدًا هي ثاني توسعه في تاريخ المسجد النبوي الشريف..
في سنة ١٧هـ وبسبب كثرة عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية، امر الخليفة عمر بن الخطاب بتوسعة المسجد النبوي، لكن كان أمام الفاروق مشكلة بسيطة وهي أن دار أم المؤمنين حفصة بنت عمر يقع أمام المقصورة الجنوبية وتحديدًا في المكان الذي يقف الناس فيه للسلام على رسول الله.
هذا هو المكان تحديدًا الذي كانت فيه حجرة أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، ولو نلاحظ أن الحجرة تقع وحدها جهة الجنوب والمسجد كان يجب توسعته في تلك المنطقه لذا كان يجب إزالة حجرة حفصه بنت عمر رضي الله عنها.
‏لكن السؤال كيف سيتم اقناع حفصه أن تترك حجرتها التي كان ينام بها زوجها ﷺ؟
ذهب عمر بن الخطاب ليقابل ابنته ويقنعها بأمر الازاله، فبكت بكاءً عظيما ورفضت أن تترك حجرتها الشريفه التي كان ينام بها زوجهاﷺ، فتركها عمر وعاد إليها بعد يومين فوجد منها كما وجد سابقًا رفضت رفضًا قاطعًا، فلا احد يرغب ان يتنازل عن حجره شريفه كهذه
وبعد بضعة ليالي ذهب عمر برفقه ابنه عبدالله لحفصه وحينها وافقت لكن بشرط، جاء عمر وابنه عبدالله لحفصه بعرض مغري، وهو أن يتنازل عبدالله لاخته حفصه بمنزله وكان منزله بجوار منزل حفصه، وهو الواقع اليوم في الجهة المقابله لقبر رسول الله كما هو موضح في الصور ادناه باللون الاحمر:
حاول الصحابه ان يقنعوا حفصة لكنها أبت ورفضت بشتى الطرق، فهي تسكن بحجره شريفه وبينها وبين قبر زوجها وحبيبها ﷺ جدار فقط فكيف ترضا أن يتم ابعادها عنه، تدخلت عائشة رضي الله عنها وكبار الصحابيات لكن أبت حفصة أن تتنازل عن قرارها..
لكن اشترطت عليهم شرط عظيم، وهو أن يفتحوا لها نافذة تكون مطله على قبر زوجها وحبيبهاﷺ ولا تغلق ابدًا، فوعدها عمر بن الخطاب بذلك وفتح لها نافذة بناءً على طلبها، واستمر هذا الوعد حتى يومنا هذا وبعد ١٤٠٠ عام من وفاة حفصة وعمر مازالت نافذة حفصة تطل على قبر نبينا ﷺ..
هذه النافذة لها عدة اسماء ومسميات اخرى على سبيل المثال، ذكر السيوطي أن اسمها “أو خوخه عمر بن الخطاب” ، وذكر ابن كثير “او خوخه أل عمر ”
‏ومعنى أو خوخه اي نافذة او مطل.
كل من تولى امر المسجد النبوي اهتم بهذه النافذة وحافظ على وعد الفاروق عمر رضي الله عنه منذ ذلك الزمان حتى هذا الزمان، والكثير يزور المسجد النبوي ولا يعلم قصة هذه النافذه الجميله والوعد الذي تم اطلاقه ويراه امام عينيه اليوم..
‏رضي الله عنهم جميعًا
بعض المصادر ذكرت، أن عثمان بن عفان هو من وعد حفصه هذ
ا الوعد، وبعض المصادر ذكرت أن عمر هو من وعد ابنته وهذا الارجح حسب ماورد في كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي، وسير اعلام النبلاء للذهبي، وهذا مارجحه الباحث الكبير والمتخصص في معالم المسجد النبوي عبدالعزيز بالي رحمه الله:

تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

 

 

حسن بن محمد

عميد عائلتي البكريين ذوي سند ، مدير نادي الفروسية بمحافظة جدة سابقا ، رئيس وحدة التصوير والإنتاج ، رئيس التوثيق الميداني للأعمال الإنسانية لرجال الأمن العاملين بالحج ، شارك في عدد من اللقاءات التلفزيونية الخبرات الإدارة والقيادة / الاتصال الفعال / الإعلام / الحاسب الآلي / التصوير / كاتب و عضـو مشارك بـ صحيفة شفق الالكترونية
المدينة : مكة المكرمة
الايميل : [email protected]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى